في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل تصعيدها العسكري ضد إيران، تحت ذريعة منعها من امتلاك أسلحة نووية وصواريخ باليستية، كشف تقرير صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) أن تل أبيب تواصل بشكل سري ومتسارع تطوير برنامجها النووي العسكري، بعيدًا عن رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما يطرح تساؤلات خطيرة حول ازدواجية المعايير في التعامل الدولي مع البرامج النووية في المنطقة.
ووفقًا للتقرير، فإن إسرائيل أجرت خلال عام 2024 اختبارًا على نظام دفع صاروخي يُرجّح أنه من عائلة صواريخ “أريحا” الباليستية، وهي صواريخ يُعتقد أنها قادرة على حمل رؤوس نووية وتصل مداها إلى آلاف الكيلومترات، ما يعزز فرضية امتلاك إسرائيل قدرات هجومية نووية خارج نطاق أي إشراف دولي.
وأشار التقرير أيضًا إلى أن إسرائيل تعمل على تطوير موقع مفاعل ديمونا النووي، المتخصص في إنتاج البلوتونيوم المستخدم في الرؤوس النووية، من خلال تحديث البنية التحتية وتوسيع المنشآت، مما يعكس نية واضحة في تعزيز ترسانتها النووية الهجومية، في وقت تتبنى فيه خطابًا علنيًا يطالب بنزع سلاح إيران النووي.
ردود فعل دولية: “الكيل بمكيالين”
وقد أثار التقرير موجة من الانتقادات الدولية. حيث صرّح هانز كريستنسن، خبير الأسلحة النووية في “اتحاد العلماء الأمريكيين”، أن “العالم يتعامل مع إسرائيل وكأنها استثناء دائم، رغم امتلاكها ترسانة نووية غير معلنة تهدد استقرار المنطقة”.
كما قال محمد البرادعي، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تصريح سابق: “إن سياسة الغموض النووي الإسرائيلي تمثل تحديًا خطيرًا لمنظومة عدم الانتشار، ولا يمكن القبول باستمرارها في ظل الضغط على دول أخرى لتفكيك برامجها”.
وفي ذات السياق، أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية عن قلق موسكو من استمرار تطوير القدرات النووية الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن “إسرائيل يجب أن تخضع لنفس معايير الرقابة الدولية التي تُفرض على طهران وسواها”.
غياب الرقابة ومخاطر الانفجار الإقليمي
وبينما تُخضع الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران لمراقبة مشددة وتفتيش دوري، فإن إسرائيل ترفض حتى اللحظة الانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، ما يعفيها من أي التزام دولي يحد من برنامجها العسكري النووي، ويمنحها حرية تطوير أسلحتها دون مساءلة.
ويرى مراقبون أن صمت القوى الغربية عن الترسانة النووية الإسرائيلية، في مقابل التصعيد ضد إيران، لا يُضعف فقط شرعية النظام الدولي، بل يدفع المنطقة نحو سباق تسلّح خطير قد ينتهي بتفجير شامل في الشرق الأوسط، يكون ضحيته الأولى أمن الشعوب واستقرار العالم.
ويبقى السؤال: إلى متى سيظل العالم يتجاهل الترسانة النووية الإسرائيلية، في حين تُفرض العقوبات والحصار والحروب على دول تحاول امتلاك التكنولوجيا ذاتها تحت إشراف دولي؟