قال رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو في مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي الخميس إن إسرائيل “نشطت” العشائر في غزة لمعارضة حماس.
ولم يوضح كيف تدعم إسرائيل هذه الجماعات أو الدور الذي تريد إسرائيل أن تلعبه. جاءت تعليقات نتنياهو ردًا على اتهام أحد خصومه السياسيين له بتسليح “عائلات الجريمة” في غزة
حيث تشكل الجماعات المسلحة المناهضة لحماس في غزة ظاهرة مركبة تعكس تداخلًا بين الأبعاد القبلية والاجتماعية والسياسية والأمنية في القطاع. هذه الجماعات، المرتبطة بعشائر وعائلات تمتلك نفوذًا تقليديًا، أصبحت لاعبًا رئيسيًا في المشهد الأمني بعد تراجع قدرة حماس على السيطرة الكاملة، خاصة إثر الحرب المستمرة مع إسرائيل.
التكوين والهيكلية
العشائر والقبائل: تلعب العشائر دورًا محوريًا في تنظيم الحياة الاجتماعية والسياسية في غزة، حيث يعتمد كثير من السكان على العشائر كمرجع لحل النزاعات والحفاظ على النظام المحلي.
الجماعات المسلحة: معظم الجماعات الموالية أو المعارضة لحماس تنشأ من داخل هذه العشائر والعائلات الممتدة، وتنتقل أحيانًا من أدوار دفاعية إلى أدوار إجرامية تشمل تهريب المخدرات، الابتزاز، وعمليات نهب.
التاريخ مع حماس: بعد استيلاء حماس على غزة عام 2007، لجأت إلى قمع هذه العصابات أو دمج بعض قياداتها في مؤسساتها، لكنها لم تستطع القضاء على نفوذها بشكل كامل.
الدور الإسرائيلي في دعم الجماعات
الدعم الاستراتيجي: وفق تصريحات رسمية من إسرائيل، ومن ضمنها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قامت إسرائيل بتحريك أو “تنشيط” هذه العشائر والجماعات المسلحة كجزء من استراتيجية لمواجهة حماس داخليًا.
الآلية: لا توجد تفاصيل دقيقة عن طبيعة الدعم (مالي، تسليحي، استخباراتي)، لكن تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن الجيش الإسرائيلي يسمح لهذه الجماعات بنهب شاحنات المساعدات الإنسانية، ما يمكن اعتباره جزءًا من جهود لإضعاف حماس عبر دعم فاعلين منافسين.
السيطرة على الإغاثة: يُعتقد أن إسرائيل تسعى من خلال هذه الجماعات إلى فرض نفوذ غير مباشر على توزيع المساعدات، مما يمنحها أداة ضغط على حماس ويؤثر على الوضع الإنساني في القطاع.
التأثير على الأوضاع الإنسانية
نهب المساعدات: تقارير عدة من الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة تؤكد أن الجماعات المسلحة تستغل موارد الإغاثة، مما يحرم أعدادًا كبيرة من المدنيين من المساعدات الأساسية.
التحديات الأمنية: هذا الوضع يضع عمال الإغاثة في موقف صعب، بين ضرورة إيصال المساعدات وسلامتهم الشخصية، خصوصًا في ظل بيئة أمنية متقلبة يسيطر عليها انعدام الثقة والتوترات القبلية.
الانقسامات الداخلية: رغم التعاون الظاهر مع إسرائيل، هناك أصوات من داخل العشائر نفسها تعبر عن رفض نهب المساعدات أو التعاون مع الاحتلال، ما يدل على تعقيد ديناميكيات هذه الجماعات.
السيناريوهات المستقبلية والتوصيات
تعزيز جهود المصالحة القبلية: دعم آليات حل النزاعات المحلية بين العشائر قد يساهم في تقليل النزاعات المسلحة ووقف الانقسامات التي تؤدي إلى الفوضى.
مراقبة وتنسيق المساعدات الإنسانية: ضرورة تعزيز آليات الرقابة الدولية والمحلية لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها وتقليل فرص استغلالها.
دور المجتمع الدولي: يتوجب على الأمم المتحدة والدول الفاعلة الضغط على جميع الأطراف لوقف أي دعم أو تعاون مع الجماعات التي تنخرط في نهب المساعدات أو أنشطة إجرامية، والعمل على تعزيز سلطة الحكومة الشرعية والجهات الإنسانية في القطاع.
آراء الخبراء حول الجماعات المسلحة المناهضة لحماس ودعم إسرائيل لها في غزة
الدكتور سمير أبو عرابي أستاذ العلاقات الدولية والخبير الأمني والسياسي الفلسطيني.
يرى أن دعم إسرائيل للجماعات المسلحة المحلية في غزة هو جزء من استراتيجية طويلة الأمد لزعزعة استقرار حماس داخليًا وتقويض سلطتها. لكنه يحذر من أن هذا النهج قد يؤدي إلى انفلات أمني أكبر ويعقّد فرص التهدئة، لأن هذه الجماعات قد تتحول إلى أدوات لا يمكن السيطرة عليها، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني.
خبير في شؤون الشرق الأوسط من مؤسسة بحثية دولية، يرى أن استخدام إسرائيل للجماعات القبلية والعصابات كوسيلة ضغط ضد حماس يعكس تزايد تعقيد الصراع، حيث لم تعد المواجهة التقليدية فقط بل أصبحت تحارب عبر وكلاء محليين. ويشير إلى أن هذا النوع من الدعم يؤثر سلبًا على المدنيين ويزيد من معاناة السكان بسبب استغلال المساعدات وتهريبها.
مسؤول سابق في الأمم المتحدة
يشدد على أن تدخل الجماعات المسلحة في توزيع المساعدات الإنسانية يشكل انتهاكًا لقواعد العمل الإنساني، ويؤثر على نزاهة إيصال المساعدات. ويطالب بمراقبة دولية مشددة لضمان وصول الغذاء والإمدادات إلى السكان المحتاجين بعيدًا عن التأثيرات السياسية والأمنية.
خبير في حقوق الإنسان
يرى أن دعم إسرائيل لهذه الجماعات قد يُعدّ خرقًا للقانون الدولي إذا ثبت تورطها في ارتكاب انتهاكات بحق المدنيين أو في استغلال المساعدات. ويؤكد على ضرورة مساءلة الأطراف كافة، بما فيها الفاعلون الدوليون، لضمان حماية حقوق السكان المدنيين في غزة.
محلل عسكري إسرائيلي
يؤكد أن دعم العشائر والجماعات المسلحة الموالية لإسرائيل في غزة هو أداة استراتيجية لتفكيك قوة حماس وتقليل تهديداتها. لكنه يحذر من أن مثل هذه السياسات قد تخلق واقعًا معقدًا يصعب التنبؤ بتداعياته على المدى البعيد، خاصة إذا تحولت هذه الجماعات إلى قوى مستقلة خارج السيطرة..