كشفت دراسة أجراها باحثون من جامعة سيمون فريزر، ونُشرت في مجلة eNeuro، أن الطريقة التي تتشكل بها شبكات الدماغ في السنوات الأولى، بين الرابعة والسابعة من العمر، تلعب دورًا أساسيًا في مهارات الانتباه المستقبلية،تلك المرحلة، التي قد تمرّ على الأهل عابرة.
يوضح راندي ماكينتوش، المؤلف الرئيسي للدراسة ومؤسس معهد علوم الأعصاب والتكنولوجيا العصبية في الجامعة، الصورة بمثال مبسط: “تخيل الدماغ كمدينة، طرقها هي بنيته، وحركة المرور هي نشاطه. إذا لم تُبنَ الطرق جيدًا، فلن تسير الحركة بانسياب، ما يؤثر على قدرة الطفل على التركيز وتبديل المهام وتجاهل المشتتات”.
تابعت الدراسة 39 طفلًا على مدى عام، مستخدمةً فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لقياس الاتصال البنيوي والوظيفي، إلى جانب اختبارات تقيس ثلاثة أنماط من الانتباه: المستمر، الانتقائي، والتنفيذي.
واستعان الباحثون أيضًا بنظرية الرسوم البيانية، المستخدمة عادة في تحليل الشبكات الاجتماعية، لفهم كيفية ترابط مناطق الدماغ وتغير هذه الروابط مع الوقت. وخلصت النتائج إلى أن الأطفال الذين كانت شبكات أدمغتهم منظمة كشبكات اجتماعية مترابطة بإحكام، أظهروا أداءً أفضل في المهام التي تتطلب انتباهًا.
تشير ليان روكوس، المؤلفة الرئيسية المشاركة، إلى أن هذه المرحلة العمرية، التي تسبق وترافق السنوات الأولى من المدرسة، هي فترة حساسة تحتاج التدخل المبكر مثل العلاج السلوكي، خطط الدعم المدرسي، وتدريب المهارات الاجتماعية، وتوجيه الأهل.
وتفتح هذه النتائج الباب أمام تطبيقات مستقبلية، أبرزها النماذج الحاسوبية مثل “الدماغ الافتراضي” (The Virtual Brain)، وهو نظام محاكاة طورته الجامعة مع شركاء آخرين، يتيح محاكاة بنية الدماغ واختبار التدخلات في بيئة افتراضية.
ويؤكد ماكينتوش أن الهدف النهائي هو إنشاء نماذج شخصية لنمو الدماغ، بما يسمح بتحديد نوع الدعم أو العلاج الأمثل لكل طفل.
ورغم أن فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي غير متاحة بعد على نطاق واسع، يأمل فريق البحث أن تمهّد دراستهم الطريق نحو أدوات أكثر سهولة وكفاءة للوصول إلى تقييمات دقيقة لصحة الدماغ، بهدف دعم الأطفال في أقرب وقت ممكن.