أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن وقف إطلاق نار “تاريخي” بين إيران وإسرائيل، منهياً ما وصفه بـ”حرب الأيام الاثني عشر”. ورغم أن التصعيد العسكري استمر حتى الساعات الأخيرة، فإن غياب أي إعلان رسمي من طهران أو تل أبيب يثير تساؤلات جوهرية: دونالد ترامب، المعروف بخطابه الشعبوي وتصريحاته المثيرة، أعلن على منصة Truth Social أن الحرب “انتهت”، وأن الهدنة ستبدأ خلال ساعات. لكن الوقائع والتصريحات المتضاربة تكشف تباينًا بين الخطاب والواقع:
تحول مفاجئ: في 18 يونيو، هدد ترامب إيران بـ”استسلام غير مشروط” ولوّح بالخيار العسكري. فكيف يتحول من التصعيد إلى السلام في أقل من أسبوع؟ (رويترز)
لا تأكيد رسمي: إيران اكتفت بالقول إنها “تدرس مقترحات”، بينما اكتفى نتنياهو بالشكر دون تفاصيل واضحة (BBC،).
الشارع غير مقتنع: منشورات عديدة على منصة “إكس” وصفت ترامب بـ”أبو الأكاذيب”، معتبرين إعلانه “استعراضًا انتخابيًا” قبل الانتخابات التمهيدية.
رغم القصف المتبادل بين 13 و24 يونيو، ظلت قنوات التواصل قائمة، بوساطة عمانية وقطرية ودعم روسي:
مفاوضات في روما جمعت مبعوثين أمريكيين وإيرانيين برعاية سلطنة عمان (The Guardian، 24 يونيو).
دور قطري بارز عقب قصف إيران لقاعدة العديد الأمريكية، نقلت خلاله رسائل تهدئة.
زيارة إيرانية لموسكو: وزير الخارجية الإيراني التقى بوتين قبل يوم من إعلان الهدنة، ما يشير إلى تنسيق روسي–إيراني مباشر.
الهدنة جاءت دون حسم عسكري لأي طرف، بل فرضتها الحسابات السياسية والخسائر المتبادلة.
الطرف | المكاسب | الخسائر |
---|---|---|
إسرائيل | تدمير أكثر من 15,000 جهاز طرد مركزي بإيران | خسائر يومية تجاوزت 286 مليون دولار، تعليق الطيران، عزلة دولية |
إيران | قصف 370 هدفًا داخل إسرائيل | مقتل 224 شخصًا، أضرار بحقل بارس الجنوبي، ضغوط نووية دولية |
رغم الكارثة الإنسانية المستمرة في غزة منذ أكتوبر 2023، لم تتضمن الهدنة المعلنة أي إشارة إلى فلسطين.
أكثر من 55 ألف شهيد فلسطيني، وحصار خانق، دون تحرك دولي فعال (الجزيرة).
ترامب تجاهل فلسطين بالكامل، وركّز على الملف النووي الإيراني.
إيران لم تُشرك حماس أو حزب الله في معادلة التهدئة، مما اعتبره كثيرون تخليًا عن المقاومة.
رغم الهيمنة العسكرية، أظهرت الحرب نقاط ضعف إسرائيلية متزايدة:
اقتصاديًا: خسائر تقدَّر بمليار شيكل يوميًا، مع اضطرابات في البنية التحتية.
شعبيًا: منذ أكتوبر 2023، هاجر أكثر من 700 ألف إسرائيلي، وفق تقارير محلية.
سياسيًا: موجة انتقادات أوروبية، واتهامات بارتكاب جرائم حرب، وسط تراجع صورة إسرائيل في الإعلام الغربي.
الهدنة جاءت بإخراج أمريكي كامل، وأظهرت أن إدارة الصراع لا تزال بيد واشنطن.
ترامب هو من أعلن وقف إطلاق النار، لا إيران ولا إسرائيل.
واشنطن شنّت ضربات على مواقع إيرانية بالتزامن مع التنسيق الإسرائيلي.
تسريبات تحدثت عن منع ترامب خطة إسرائيلية لاغتيال المرشد الإيراني (نيويورك تايمز)، في دليل على ضبط واشنطن لإيقاع تل أبيب.
الهدنة كشفت عن براغماتية صارخة في سلوك القوى الكبرى، خاصة إيران:
إيران لم تُشرك حلفاءها في غزة أو لبنان في المعركة المباشرة، رغم التصعيد.
روسيا دعمت دبلوماسيًا لكنها لم تنخرط عسكريًا.
غزة تُركت وحيدة، وسط تراجع الاهتمام الإقليمي والدولي.
رغم الإقصاء، قد تفتح الهدنة بابًا لتحركات فاعلة على الصعيد الفلسطيني والعربي:
هشاشة إسرائيل المتزايدة قد توفر مساحة ضغط إعلامي ودبلوماسي.
إعادة بناء سردية فلسطينية قادرة على اقتناص اللحظة بدلًا من انتظار الحلول الدولية.
- تحولات في موقف قوى مثل روسيا والصين قد يُستفاد منها في بناء توازنات جديدة.
اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، كما كشف التحليل، ليس تتويجًا لنصر واضح، بل نتيجة لتوازن هشّ بين مصالح متضاربة، وضغوط دولية، وتراجعات تكتيكية من كل الأطراف. ترامب استثمر الإعلان لتسجيل نقاط سياسية، بينما أُقصيت فلسطين عن الطاولة، وظهرت هشاشة إسرائيل رغم الغطاء الأمريكي وسط هذا المشهد، تتغيّر التحالفات، وتتراجع الثوابت، وتُعاد صياغة أولويات الإقليم. فماذا يعني وقف إطلاق النار فعلًا؟