إفريقيا والذكاء الاصطناعي.. محاولات اللحاق بالركب

من خلال تقوية البنية الرقمية ومبادرات التعاون بين دول القارة، تحاول الدول الإفريقية اللحاق بالركب السريع لاستعمالات الذكاء الاصطناعي، ولا تزال بحاجة لعمل كبير لتحقيق ذلك.

من خلال تقوية البنية الرقمية ومبادرات التعاون بين دول القارة، تحاول الدول الإفريقية اللحاق بالركب السريع لاستعمالات الذكاء الاصطناعي، ولا تزال بحاجة لعمل كبير لتحقيق ذلك.

وفي هذا الإطار، يعتزم تحالف “إفريقيا الذكية” وهي منظمة حكومية إفريقية تضم 40 دولة، إطلاق مجلس للذكاء الاصطناعي في القارة السمراء خلال الأسابيع المقبلة بالعاصمة الرواندية كيغالي.

تأتي هذه الخطوة التي أُعلن عنها على هامش “المنتدى الإفريقي للأمن السيبراني” في العاصمة المغربية الرباط، ما بين 3-5 شباط/فبراير الجاري، في سياق تنافس دولي حول امتلاك أدوات وآليات الذكاء الاصطناعي.

وتحاول القارة اللحاق بالركب السريع للذكاء الاصطناعي، خاصة أن “60 بالمئة من سكانها لا يمكنهم الولوج بعد إلى شبكة الإنترنت التي لا تتوفر سوى على أقل من 2 بالمئة من البيانات التي يتيحها الذكاء الاصطناعي”، وفق وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة.

يوسف مزوز، رئيس اللجنة العلمية للذكاء الاصطناعي الأخلاقي والعادل في إفريقيا (غير حكومية) يرى أن هذا المجلس يأتي في إطار إنشاء منظمات إقليمية ودولية من أجل حوكمة استعمالات الذكاء الاصطناعي.

وأضاف في حديث للأناضول أن “مجموعة من الدول الإفريقية مستهلكة وغير منتجة لتقنيات وتطبيقات التكنولوجية الحديثة، بما فيها الذكاء الاصطناعي بالنظر إلى ضعف البنية الرقمية، وغياب ثقافة استعمال التكنولوجية”.

وبالتالي هناك عمل كبير ينتظر القارة للحاق بالركب الدولي السريع، وفق مزوز.

** مبادرة إفريقية

مدير الاستراتيجية والنمو في تحالف إفريقيا الذكية (سمارت أفريكا)، ديدي نكوريكيمفورا قال خلال أشغال “المنتدى الإفريقي للأمن السيبراني” إن الإعلان عن مجلس للذكاء الاصطناعي في إفريقيا سيكون بمؤتمر عالمي حول الذكاء الاصطناعي سينعقد في كيغالي خلال الأسابيع المقبلة.

وأضاف أن هذا المجلس سيمثل خطوة حاسمة في تنسيق الجهود الإفريقية في هذا المجال، مع التركيز على التكوين كأولوية قصوى لضمان تطوير أنظمة وخدمات تتماشى مع احتياجات القارة.

وأعلنت 7 دول إفريقية برواندا عن إطلاق تحالف إفريقيا الذكية عام 2013، بهدف تسريع التنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات‪.

وفي يناير/كانون الثاني 2014، أقر رؤساء دول وحكومات في الاتحاد الإفريقي “بيان إفريقيا الذكية” ليشمل 40 دولة.

وقالت الوزيرة المغربية المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أمل السغروشني، إن مبادرة إطلاق مجلس للذكاء الاصطناعي في إفريقيا، التي تجمع بين بلدان ناطقة بالفرنسية وأخرى بالإنجليزية ترتكز على خمسة محاور أساسية.

وأضافت في كلمة خلال المنتدى الإفريقي للأمن السيبراني إن المحاور تشمل الكفاءات، والتحول الرقمي، والبنية التحتية، والبيانات، والسوق من أجل استهداف مشاريع كبرى.

وفي تعليقه على المبادرة، أشاد مزوز بها لكونها تدخل في إطار آليات تقنين استعمال الذكاء الاصطناعي، واعتبر أن المجلس يأتي في إطار إنشاء منظمات إقليمية ودولية من أجل حكامة استعمال الذكاء الاصطناعي.

وفي يونيو/ حزيران الماضي أطلق المغرب والولايات المتحدة “مجموعة الأصدقاء بشأن الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية المستدامة” خلال لقاء في نيويورك جمع مندوب الرباط الدائم لدى الأمم المتحدة عمر هلال، ونظيرته الأمريكية ليندا توماس غرينفيلد.

وتهدف المجموعة إلى “مناقشة الأهداف المشتركة والإسهامات الممكنة والفرص الواعدة التي يوفرها مجال الذكاء الاصطناعي وأثره على التنمية المستدامة بكافة أبعادها”.

وأضاف مزوز أنه “رغم إيجابيات استعمالات الذكاء الاصطناعي، إلا أن له العديد من المخاطر، حيث يتم استعماله بشكل كبير في القرصنة الرقمية”.

وأشار إلى أن الأمور الخطرة لهذا الذكاء دفعت إلى تقنين استعمالاته من خلال أخلاقيات عمله، من طرف العديد من المنظمات، مثل الأمم المتحدة التي اعتمدت ميثاق تقنين الذكاء الاصطناعي، والاتحاد الأوروبي أيضا الذي وضع آلية داخل الاتحاد لتقنين استعمالاته.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2023 توصلت مفوضية الاتحاد الأوروبي والبرلمان والدول الأعضاء، إلى اتفاق بشأن أول “قانون للذكاء الاصطناعي” في العالم.

وبموجب القانون الذي أقره الاتحاد الأوروبي سيتم تنظيم الذكاء الاصطناعي وفق نهج قائم على احتمالات مخاطر الإضرار بالمجتمع.

وأوضح الباحث المغربي أن تداعيات هذا الذكاء خطيرة إذا لم يتم تقنينه، حيث يمكن إنتاج الروبوتات من مستقلين يتخذون قرارات مستقلة مما يهدد البشرية.

ورغم أن للذكاء الاصطناعي فوائد كبيرة، إلا أنه بحسب مختصين، يمكن أن تكون له آثار سلبية، ولذلك ظهرت ما تُسمى بـ”منظومة أخلاقيات الذكاء الاصطناعي”.

** إمكانات القارة التقنية

واعتبر الباحث المغربي أن مجموعة من الدول الإفريقية مستهلكة لتقنيات التكنولوجية الحديثة، بما فيها الذكاء الاصطناعي، وغير منتجة لها.

وتابع: “هناك تفاوت بين دول القارة في مجال الذكاء الاصطناعي، ما بين بلدان قطعت أشواطا بهذا المجال، وأخرى لا تزال متأخرة في الاستعمالات المتعددة للذكاء الاصطناعي بالنظر إلى غياب أو ضعف البنية الرقمية، وثقافة استعمال التكنولوجية”.

وانتقد غياب السيادة الرقمية بالدول الإفريقية التي لا تتوفر على قاعدة بيانات أو منصات رقمية لوضع البيانات الإفريقية الضخمة، تكون خاضعة أو تابعة للدول القارة.

ومضى قائلا: “جميع دول القارة تضع بياناتها لدى كبار الشركات التكنولوجية الغربية، مثل غوغل وأمازون، وبالتالي تبقى هناك تبعية للمعطيات”.

وأشار إلى ضعف البنية الرقمية لدى هذه الدول، من إنترنت وكوارد مؤهلة والبحث العلمي.

وبحسب تقرير جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي لسنة 2024، الصادر عن جامعة أكسفورد البريطانية، فإن دول إفريقية قليلة حصلت على درجات أعلى من 40 بالمئة، مما يبين تأخر البنية التحتية، ونقص المهارات، والفجوات الرقمية.

وبين التقرير التأخر الحاصل في إفريقيا مقارنة بقارات أخرى، حيث تصدرت موريشيوس دول القارة متبوعة بمصر، وجنوب إفريقيا ثم تونس، ورواندا والمغرب والسنغال.

ولفت التقرير إلى نقص الاستثمار والبنية الأساسية مثل الكهرباء أو الاتصال بالإنترنت عريض النطاق.

** بدائل وتعاون

الباحث المغربي أكد ضرورة تسريع وتيرة التعاون والشراكة بين الدول الإفريقية، وأبرز ضرورة تكاثف الجهود بينها من أجل دعم الابتكار والمشاركة بين الدول المتقدمة، والدول الأخرى التي تعرف تأخرا بهذا المجال من أجل تبادل التجارب والخبرات.

وأكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال بوريطة إن التعاون الدولي الفعال في مجال الذكاء الاصطناعي سيجعل منه أداة في خدمة السلام والأمن العالميين.

تصريحات الوزير جاءت خلال ترؤسه بشكل مشترك مع المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فرناندو أرياس، افتتاح المؤتمر العالمي الأول حول “الذكاء الاصطناعي ودوره في تطبيق اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية”، بالرباط.

وأكد “أهمية التعاون الدولي، مع التركيز على الشراكات بين الدول، من أجل تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي في البلدان النامية”.

وفي يوليو/تموز 2024، قالت الوزيرة السغروشني في نيويورك، إن “من شأن الذكاء الاصطناعي أن يساهم بـ 1500 مليار دولار في الاقتصاد الإفريقي، أي 6 بالمئة من الناتج الداخلي الخام للقارة”.

/الأناضول/

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights