إياد العطية يكتب: أعمدة عروش الطغاة
كل الطغاة والجبابرة على وجه الأرض تحيط بهم حاشية أكثر طغيانًا وأشد ظلمًا منهم، تدفعه نحو مزيدٍ من القمع والطغيان ضد المستضعفين، وتلهب فيه روح البطش. انهم فراعنة كل عصر، يتجددون بتجدد الزمان، وكأنهم صورة مكررة للطغيان الأول.
قال الله تعالى:
﴿وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ﴾
ولم تكن هذه الحاشية الفاسدة عبر التاريخ على هيئة واحدة، بل تعددت أشكالها وتنوعت درجاتها، فثمة وزراء وأمراء، وقادة ومدراء، ومنهم ملاك للمال أثرياء، وأهل المصالح والمنافع والجبناء، ومنهم مفكرين وكتاب ومنظرين أُجَراءُ!
ولكن الأخطر من بين هؤلاء جميعًا هم علماء السوء؛ أولئك الذين باعوا دينهم بمتاع الدنيا، وتاجروا بالحق تحت بريق الباطل. قال الشاعر:
عَجِبتُ لِمُبتاعِ الضَلالَةِ بِالهُدى
وَلِلمُشتَري دُنياهُ بِالدينِ أَعجَبُ
وأعجب من هذين من باع دينه
بدنيا سواه، فهو من ذين أخيب
هؤلاء هم أعمدة العروش، فهم بمثابة أعمدة غليظة تحمل عروش الطغاة، فإذا ما سقطوا، انهارت العروش معها، وخرّ البناء من فوقها إلى أسفل سافلين.
عقود طويلة، والأمة مُخدَّرة بفعل فتاوى شياطينهم، حتى غُيِّبَت تمامًا عن ساحة التأثير والصراع، وأصبحت تابعًا ذليلًا لدول الصليب وفارس، لا سيادة لها ولا رأي. وقد تماهت تلك الفتاوى مع مصالح النظام الدولي، حتى باتت تعلو على مصالح الأمة وتجرُّها من هزيمةٍ إلى هزيمة.
لذا، فإن إسقاط هؤلاء العلماء المزيّفين، وانتزاعهم من أماكنهم، هو أولى خطوات التحرر من الطغيان، بل هو السبيل الأوحد لإسقاط عروش الطغاة ذاتها.