مقالات

إياد العطية يكتب: الأخلاق المذمومة (1)

نبدأ معكم في سلسلة تغريدات الأخلاق المذمومة, على غرار كتابنا

الموسوم: «100 تغريدة في الأخلاق الحميدة»

لعل الله تعالى يوفقنا في إتمامه ونشره, ونسأله تعالى أن يتقبله منا خالصًا لوجه الكريم, وينفع به, وينفعنا به.

1- وأول خُلٌق مذموم نبدأ به هو “الحسد” وهو تمني الحاسد زوال نعمة المحسود لتكون له.

وبه تمرد إبليس على الله وحسد أبونا آدم على ما أعطاه الله من فضل:

﴿قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين﴾

والحاسد شابه إبليس في فعله، قال ابن القيم: الحاسد شبيه بإبليس وهو في الحقيقة من أتباعه.

2- والحسد غير العين ولكنهما يشتركان في النتيجة ويفترقان في الوسيلة، والعائن أضر من الحاسد وأعم

قال ابن القيم: العائن حاسد خاص، وهو أضر من الحاسد، وأنه أعم فكل عائن حاسد ولا بد، وليس كل حاسد عائنًا!

فالحاسد يحسد ما لا يراه وما يتوقع حصوله، والعائن لا يعين إلا ما يراه حاصلًا واقعًا!

3- والحسد صفة شريرة إذا تمكنت من صاحبها صارت روحه خبيثة وسلوكياته مذمومة!

وقد حذر الله ﷻ منه بشدة وفي مواضع كثيرة من القرآن، ولعظيم خطر صاحبه على المجتمع فقد ختم الله ﷻ سورة الفلق بقوله: ﴿من شر حاسد إذا حسد﴾

قال الرازي عن الآية: جمع الله مجامع الشرور الإنسانية بالحسد!

4- والحسد أول معصية كانت في السماء عندما عصى إبليس الله وحسد آدم، وهو أول معصية على الأرض عندما حسد قابيل أخاه هابيل فقتله

وهو وباء خطير وشر مستطير يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب

قال ﷺ: “دب إليكم داء الأمم قبلكم؛ الحسد والبغضاء، وهي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين”

5- والحسد كما أنه خُلُق مذموم فهو أيضًا مرض خبيث يصيب الروح، فيجعل صاحبها كارهًا للناس ناقمًا عليهم، حاسدًا كل صاحب نعمة!

ناكرًا نَعِمَ الله عليه، جاحدًا عدل الله وحكمه!

قال ابن حزم: إن ذوي التراكيب الخبيثة يبغضون لشدة الحسد كل من أحسن إليهم، إذا رأوه في أعلى من أحوالهم.

6- والحسد صفة تمنع كمال الإيمان عن صاحبها، وخصلة قبيحة تفسد الأعمال الصالحة، فلا يجتمع الإيمان والحسد في قلب العبد المؤمن، لأنهما نقيضان لا يجتمعان

قال النبي :… ولا يجتمعان في قلب عبد: الإيمان والحسد.

فلا ينبغي للعبد المؤمن أن يخالط إيمانه بالحسد، فيفسد أعماله ويذهب بحسناته!

7- وشر أنواع الحسد وأخبثها، حسد يصاحبه ظلم وعدوان.

فلا يكتفي الحاسد بحسد المحسود وتمني زوال نعمته، بل يسعى في ظلمه وإيذائه، إما بسحر، أو بوشاية كاذبة، أو محاربته في رزقه، أو التضييق عليه في جوانب الحياة’

قال النبي : إذا حسدت؛ فلا تبغ.

أي لا تلحق الحسد بعمل يضر المحسود ويؤذيه.

8- وتلازم الحاسد صفة الطمع والجشع، فلا يقنع بما لديه، ولا يشبع مما عنده، ولا يرضى إلا بزوال نعم غيره إليه

قال معاوية بن أبي سفيان: كل الناس أستطيع أن أرضيه إلا حاسد نعمة، فإنه لا يرضيه إلا زوالها

وقال أبو حاتم: والحاسد لا تهدأ روحه، ولا يستريح بدنه إلا عند رؤية زوال النعمة عن أخيه.

9- وللحاسد علامات تظهر عليه، ذكرها أحد الحكماء فقال: الحاسد يتملق إذا شهد، ويغتاب إذا غاب، ويشمت بالمصيبة إذا نزلت!

وقال آخر: الحاسد إذا رأى نعمة بهت، وإذا رأى عثرة شمت!

وسئل حكيم : أي أعدائك لا تحبُّ أن يعود لك صديقًا؟ قال: الحاسد الذي لا يرده إلى مودتي إلا زوال نعمتي!

10- ونختم بقول لأبي حاتم: الحسد من أخلاق اللئام، وتركه من أفعال الكرام ولكل حريق مطفئ، ونار الحسد لا تطفأ

والنصح واجب لكل مسلم بترك الحسد وتجنبه، والرضى بما قسمه الله لنا، فهو سبحانه من يعطي ويمنع بحكمته قال ﷻ:

﴿نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات﴾.

إياد العطية

كاتب وباحث في شؤون الأمة ومهتم بتاريخها

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى