إياد العطية يكتب: خيوط اللعبة
ما زالت الولايات المتحدة الأمريكية تمسك بخيوط اللعبة في المنطقة، تدير اللاعبين وتوزع الأدوار بما يحقق مصالحها الاستراتيجية،
وفي مقدمتها الحيلولة دون قيام أي مشروع سني إسلامي في المنطقة لا تستطيع هي السيطرة عليه أو توجيهه.
يظهر هذا جليًا من خلال دعمها وتوجيهها للأدوار التي يلعبها بعض الأطراف في المنطقة، وعلى رأسهم إيران وأذرعها العسكرية.
إيران، التي تصدَّر كقوة مخلصة أمام الشعوب المسلمة، خاصة فيما يتعلق بقضية فلسطين، فهي تقدم كحامية للقدس وأملٍ لأهل غزة،
بينما تغلق الأبواب أمام الدعم الإسلامي الحقيقي من كل شعوب المنطقة، وتمنع أرسال المساعدات الإغاثية والعلاجية،
فما بالك بالأسلحة أو الأموال التي تُشد من أزر المقاومين.
هذا التصدير الاستراتيجي لإيران، يخدم أجندةً أمريكية أوسع، حيث تبيض صفحة إيران،
وتغطي على جرائمها بحق المسلمين في العراق، وسوريا، واليمن، ولبنان، حتى تعيد تسويقها باعتبارها القوة الإسلامية البديلة،
التي يمكن للمنطقة الاعتماد عليها، تمامًا كما قامت فرنسا في السبعينيات من القرن الحالي بتقديم الخميني كقائد إسلامي مخلص،
بينما كان يحمل مشروعًا تلبي طموحات إعادة الإمبراطورية الفارسية القديمة على جماجم العرب.
إن هذا التحالف بين الولايات المتحدة وإيران، يظهر بوضوح طبيعة التحالفات الدولية التي لا تقوم على الحب أو الولاء،
وإنما على أساس المصالح المشتركة، وليس هنالك مصلحة أكبر تذوب فيه خلافاتهم من منع أي نهضة إسلامية حقيقية قد تُعيد للأمة الإسلامية مكانتها الريادية.
فالصليبية والصفوية التحمتا معًا ليس حبًا ببعضهما البعض، ولكن كرهًا بالإسلام وأهله، وسعيًا لمنع أي مشروع إسلامي سني من البزوغ.
وفي ضوء هذا التحالف، يصبح من الضروري على الأمة الإسلامية أن تعي خيوط اللعبة جيدًا،
وتدرك أن السبيل الوحيد للخروج من هذه الفوضى هو ببناء مشروع إسلامي متين جامع مانع، قائم على فهم واعٍ للتاريخ والحاضر، لا يسمح فيه لأحد بتوجيهه أو التحكم به.