إيران حليف استراتيجي لمن يستهدف هدم وتفكيك المنطقة العربية والإسلامية
إضاءات سياسية استراتيجية

مضر أبو الهيجاء
كثر الكلام حتى بات ممجوجا منذ تسليم أمريكا مفاتيح طهران للخميني وحتى الأمس حيث تصريحات الخامنئي الفارغة، وتصريحات ترامب المتلاعبة!
كلا الطرفين الأمريكي والإيراني يمارسان استحمارا للأنظمة العربية وتتويها واضطرابا لشعوب المنطقة!
لقد انقسم عموم الأمة وحركاتها بين فريقين:
الأول: يرى إيران حليفة لأمريكا.
الثاني:
يعتقد أن إيران معادية وبشكل راديكالي لأمريكا، لاسيما وهي التي رفعت شعار أمريكا الشيطان الأكبر والموت لليهود.
والجواب الأصوب يخالف الفريقين، فإيران مشروع معاد للأمة وهويتها الإسلامية، وهي تلتقي في هذه النقطة العميقة مع المشروع الصليبي والغربي الأمريكي وكذلك الصهيوني، حيث يتعمق العداء للأمة المسلمة وهويتها الثقافية المرتكزة على عقيدتها بشكل لا يتصور.
من المستبعد جدا أن تستغني أمريكا عن حيوية إيران في تفتيت منطقتنا، ولذلك هي ماضية في حل الاشكال بينها وبين إسرائيل.
إن كل ما حققته المشاريع الغربية وأمريكا وإسرائيل من خلال الأنظمة العربية المتواطئة معها في إذلال الشعوب، لا يقارن بحجم ما أنجزته واقعا من خلال إيران الولي الفقيه خلال أربعة عقود ونصف، ويكفي أنها مسخت العراق العظيم، وأجهضت الربيع العربي، وأتلفت فلسطين.
نجحت إيران في تفتيت المنطقة سياسيا وثقافيا، كما نجحت في إجهاض الفرص الكبرى لنهضة الأمة، كما نجحت في العبث بجوهرة قضايا الأمة والدين فلسطين، والتي لم تكن في يوم من الأيام معزولة عن العرب والمسلمين كما هي اليوم تنهش شعبا وأرضا من قبل الإسرائيليين بلا رحمة، وهو حال لم يكن يتصور في حال وجود العراق العظيم، فمن الذي سحقه ومزقه وأتلفه وأباده لقرن قادم؟
إن منطقتنا العربية منذ معركة الطوفان تمر بثلاث تطورات:
1/ علو المشروع الصهيوني بشكل نوعي ومفترس.
2/ الحلول الأمريكي المتقدم حيث بدأ الأصيل يزاحم الوكيل في إدارة الأمور.
3/ تشذيب المشروع الإيراني أمريكيا ليتناسب مع تصور أمريكا لإدارة المنطقة، وليتماهى معها بشكل أكبر في صراعاتها الدولية.
وبكلمة يمكن القول إن الذي سارع في تفكيك العراق وإعدام الرئيس العراقي الأخير صدام حسين -بعد أن استزله بجهله واستبداده وأدخله للكويت-، هو الذي يتباطأ عن ضرب إيران منذ أربعة عقود، رغم ألوف التهديدات لها، وهو الذي منع نتنياهو أن يرد عليها بعد إطلاقها للصواريخ الغبية.
وكما أن إسرائيل هي الركيزة الأولى للمشروع الغربي في المنطقة العربية والإسلامية، فإن إيران ولي الفقيه هي الركيزة الثانية لنفس المشروع الصليبي من الناحية الثقافية والعسكرية، غير أن الأولى من لحم ودم وشحم الغرب، أما الثانية فهي مشروع نوعي فاعل متخادم في كل حقبه مع الغرب.
أما إن سألت عن التيس، فهو الأنظمة العربية المتواطئة مع أي عدو للمنطقة وشعوبها، بشرط أن يمنحها كرسيا وشيئا من المتعة الزائلة!
إن ترامب -وأمريكا- ليس أحمقا ولا قاصرا ولا حتى حرا -كما يتصوره البعض-، فهو لن يسمح بهلاك وإضعاف المشروع الإيراني في ظل تقدم وتماسك المشروع التركي المتحالف مع شعوب المنطقة وقضاياها العادلة، والمرشح بلا منافس لاستلام المنطقة في حال ضعف إيران، لاسيما وعلو إسرائيل سبب وجيه في الالتفاف العربي الاستراتيجي حول تركيا إن ضعفت إيران المتخادمة.
وانظر بنفسك واستوعب المعادلة من خلال التصريحات المتلاعبة:
ترامب: مستعد للقاء الرئيس الإيراني أو المرشد
ترامب: قيام بايدن بإلغاء العقوبات عن إيران سمح لها بتمويل حماس وحزب الله.
ترامب: نتنياهو لن يجرني إلى حرب مع إيران، وفي حال فشل الاتفاق النووي فأنا من سيقودها.
أقول:
لم ولن تقع الحرب مع إيران المتخادمة والحليفة، فإن حصل ووقعت فلن تكون كالحرب التي مزقت العراق وفتته، بل ستكون تشذيبا أمريكيا لإيران، وتخليصا لها من قيادات لا تناسب المرحلة، وبعدها سترى المنطقة عودة إيران الفاعلة والمؤثرة، وكما هي دوما متخادمة مع أعداء الأمة.
فهل سيدفعنا هذا إلى لملمة الصف العربي باعتباره عمود المنطقة وعماد التغيير الإسلامي والحضاري المنشود؟