“ابتسامة”.. قصة قصيرة: لـ محمّد الشرقاوي
يسارعُ عصامٌ الخُطَى في طريقِهِ إلى مدرستِهِ، يحبُّها كثيرًا، يشتاقُ لمقابلةِ أصدقائهِ والحديثِ معهم، يشتاقُ أيضًا لمقابلةِ معلميهِ وطرحِ ما وجدهُ مِن صعوباتٍ عندما كان يذاكرُ دروسَهُ بالمنزلِ، لا يزالُ سعيدًا بالجائزةِ التي حصلَ عليها منذُ عدةِ أيامٍ بعد حصولِهِ على المركزِ الأولِ في اختباراتِ الشهرِ أمامَ أقوى منافسيهِ حازم، السماءُ صافيةٌ والجو رائعٌ، الشمسُ تصافحُ الأشخاصَ والأماكنَ بأشعتِها الذهبيةِ الجميلةِ، ينطلقُ عصامٌ مبتسمًا مداعبًا مَن يراهُ مِن الزملاءِ في الطريقِ، هكذا تعلمَ في بيتِهِ أنْ يحترمَ الجميعَ وأنْ يبادلَهم كلَّ ودٍّ وسماحةٍ، تلك الأخلاقُ نال بها إعجابَ المجتمعِ مِن حولِهِ.
بعد دخولِهِ بابَ المدرسةِ تقعُ عينُهُ على زميلِهِ حازمٍ، يُلقي عليه السلامَ، لكنَّهُ لا يسمعُ ردًّا، يتعجبُ عصامٌ مِن تلك النظراتِ القاسيةِ التي يلاحظُها في عيني حازمٍ والتي تكررت مراتٍ عديدةٍ، يفكرُ ماذا يفعلُ، ثم يقتربُ منه ليدورَ بينهما هذا الحوارُ:
عصام: صباحُ الخيرِ يا حازمٌ.
حازم: أهلًا
عصام: هل تسمحُ لي بالحديثِ معك؟
حازم: وما المناسبةُ؟
عصام: نحنُ زميلانِ وأتمنى أنْ نكونَ صديقينِ.
حازم: وهل ينقصُك أصدقاءٌ؟ إنَّك محبوبٌ مِن الجميعِ.
عصام: وأنتَ كذلك يا حازمٌ؟
حازم: ليس مثلَك، فعند كلامِك يُنصِتُ الجميعُ وعند اقتراحِك يصفقُ الجميعُ، إنَّ المعلمينَ لا يرونَ أحدًا سواكَ، لذلك أنا لستُ متفاعلًا مع أحدٍ.
عصام: سوف نتعاونُ جميعًا، من الآن سيكونُ العملُ باسمِ الفريقِ وليس لفردٍ واحدٍ.
يبتسمُ حازمٌ، تتغيرُ نظرتُهُ إلى عصامٍ، تتغيرُ مشاعرُهُ، يتصافحُ الزميلانِ بكلِّ ودٍّ، يتبادلانِ ارقامَ الهواتفِ ثم يتعهدانِ بالاشتراكِ مع آخرينَ في عملِ أنشطةٍ علميةٍ وفنيةٍ باسم الفصلِ تحتَ إشرافِ وتوجيهِ معلميهم.
تمرُّ الدقائقُ سريعًا، يرنُّ جرسُ المدرسةِ معلنًا بدايةَ طابورِ الصباحِ، يسارعُ جميعُ الطلابِ للوقوفِ في أماكنِهم المحددةِ، يدخلُ عصامٌ وحازمٌ متشابكي اليدينِ والبسمةُ تعلو شفتَيهما، يهمسُ حازمٌ في أذنِ زميلِهِ قائلًا: لقد كسبتُ اليومَ صديقًا وأخًا أعتزُّ بِهِ، يبادلُهُ عصامٌ كلماتِ الحبِّ والوفاءِ: معًا يا صديقي ستبقى الحياةُ أجملَ.
——————–
من المجموعة القصصية (صديقي لا يتنمّر) للأديب محمد الشرقاوي، وهي للنشء والأجيال الصاعدة