الأمة الثقافيةسلايدرسير وشخصيات

ابن خلكان ..العالم والمؤرِّخ وصاحب الكتاب الأشهر (وَفَيَات الأعيان)

(أحمد بن محمد بن إبراهیم بن أبي بکر بن خلکان)

الميلاد: 22 سبتمبر 1211م.. أربيل، العراق

الوفاة: 30 أكتوبر 1282 (71 سنة) دمشق

من هو ابن خلكان؟

– اختلف المؤرّخون في كلمة (خلكان) .. قيل إنها اسم قرية كُردية عاش بها أجداده، وقيل إنه اسم أحد أجداده الأكراد.. وقيل: إن لفظ خلكان مكون من فعلين، هما: خَلِّ، وهو بمعنى: اترك، والفعل الآخر هو كان، وقد سُميَ ابن خلكان بذلك لأنه كان يقول دائمًا: كان والدي كذا، وكان جدي كذا، وعندئذ كان يقال له: خَلّ كان، ومن الناس من ضبطها بالسكون لتصبح خلْكان.

– قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان.. المؤرخ والقاضي والأديب،

صاحب كتاب (وَفيَات الأعيان وأنباء أبناء الزمان) وهو أشهر كتب التراجم العربية، ومن أحسنها ضبطا وإحكاما.

أحد الأئمة الفضلاء، والسادة العلماء، والصدور الرؤساء،

– وُلد في أربيل بالعراق، وقضى رحلة حياته ما بين مصر والشام، وكان إمامًا فاضلًا، وأديبًا بارعًا، ومؤرّخًا جامعًا، وله الباع الطويل في الفقه والنحو،

– درس ابن خلكان في عدة مدارس، وقد انتقل إلى مصر وأقام فيها مدة، ثم تولى القضاء فيها، وبعد فترة من الزمن انتقل إلى دمشق فعيّنه الظاهر بيبرس على قضاء الشام لمدة 10 سنوات، ثم عاد ابن خلكان إلى مصر مرة أخرى وظل بها سبع سنوات، ثم عاد إلى قضاء الشام مرة ثانية..

قالوا عن ابن خلكان 

– قال ابن كثير في البداية والنهاية: (ابن خلكان قاضي القضاة، وأحد الأئمة الفضلاء بدمشق والسادة العلماء والصدور الرؤساء، وهو أول من جدد في أيامه قضاء القضاة من سائر المذاهب، فاشتغلوا بالأحكام بعد ما كانوا نوابا له)

– قال عنه الحافظ الذهبي: (كان إماما فاضلا متقنا، عارفا بالمذهب، حسن الفتاوى، جيد القريحة، بصيرا بالعربية، علامة في الأدب والشعر وأيام الناس، كثير الاطلاع، حلو المذاكرة، وافر الحرمة، من سروات الناس، كريما، جوادا، مُمَدّحا، وقد جمع كتابا نفيسا في “وفيَات الأعيان”).

– لـ ابن خلّكان كتابات كثيرة  في الشعر، والنثر، والتأريخ، لكنها اندثرت، ولم يصل إلينا إلا مؤلفه الشهير: (وَفيَات الأعيان) فقط، وهو أشهر كُتُب التراجم على وجه الأرض… وقد انتهى من تأليفه سنة (672 هـ) (1273م) بالقاهرة،

ابن خلكان قاضي القضاة

أثرى الحياة القضائية، بأحكامه، وفقهه، وفتاواه، واجتهاداته المتعددة. سبق غيره في الوصول إلى أحكام وفتاوى في أصعب المسائل المتعلقة بالدين والدنيا، وكان القاسم المشترك بينه وبين معظم القضاة والمفتين الاستناد إلى الكتاب والسنة كمرجعية أساسية في إصدار الأحكام.

وقد أثارت آراؤه وأحكامه واجتهاداته وفتاواه جدلاً عظيماً.

فالبعض رأى أنها تفتح باباً لبعض الشبهات حول الدين، والبعض الآخر، رأى أن هذه النوعية من الأحكام والاجتهادات تؤكد مكانة الإسلام في نفوسنا، خاصة أنه حض على التفكير والتعقل، وهما عنصران أساسيان عند أي فقيه جاد يريد تحليل الحقيقة برؤية موضوعية.. وهو ما حدث مع العالمين الفقيهين: الشيخ محمد الغزالي، والدكتور يوسف القرضاوي، بعد حوالي ألف عام، 

يقول الدكتور عصام محمد شبارو في كتابه «قاضي القضاة في الإسلام»: «وفد ابن خلكان بإربيل في 11 ربيع الثاني سنة 608 هجرية/ 1211 ميلادية، وتفقه على والده بمدرسة إربيل وسمع بها «صحيح البخاري» من أبي محمد بن هبة الله بن مكرم الصوفي، ثم انتقل إلى الموصل، حيث تفقه على كمال الدين بن يونس، ثم إلى حلب، حيث أخذ عن القاضي بهاء الدين بن شداد. ثم قدم دمشق، ثم إلى القاهرة التي سكنها وتولى قضاءها في ذي الحجة سنة 659 هجرية 1261 ميلادية، بعد عزل قاضي دمشق نجم الدين بن سني الدولة.

ابن خلكان قاضي قضاة الشافعية

أصبح ابن خلكان قاضي قضاة الشافعية في دمشق، عندما جعل الظاهر بيبرس سنة 664 هجرية 1266 ميلادية، قاضي قضاة لكل مذهب من المذاهب الأربعة، فكان شمس الدين عبدالله بن محمد بن عطاء الحنفي، وزين الدين عبد السلام الزواوي المالكي، وشمس الدين عبد الرحمن بن الشيخ أبي عمر الحنبلي، فضلاً عن شمس الدين بن خلكان الشافعي. والملاحظ وجود 3 من القضاة يحملون لقب شمس الدين في زمن واحد، واستناب ابن خلكان نائباً عنه لقبه أيضاً شمس الدين.

ويروي ابن كثير في كتابه «البداية والنهاية» أنه أضيف إلى ابن خلكان، مع قضاء قضاة الشافعية، نظر الأوقاف والجامع والمارستان وتدريس سبع مدارس: العادية والناصرية والفدراوية والفلكية والركنية والإقبالية والبهنسية.

أهم مؤلفات ابن خلكان

لابن خلّكان كتابات كثيرة شعراً ونثراً، غير أنه لم يترك إلا مؤلّفاً واحداً ولم يعرف إلا به؛ نقصد كتابه الشهير «وَفَيَاتُ اَلْأَعْيَانِ وَأَنْبَاءِ أَبْنَاءِ اَلزَّمَانِ»، وقد انتهى من تأليفه سنة (672 هـ) بالقاهرة، ولعله ظل يضيـف إليه حتى سنة (680 هـ)، وكانت النواة الأولى لكتابه موجودة في مسوّادته، مما نقله من المصادر التي اطلع عليها سنة (654 هـ)، فقد كان يخطط لكتابة تاريخ عام، على مثال كتاب شيخه ابن الأثير (الكامل في التاريخ)، لكن منصب القضاء لم يتح له المجال لتنفيذ ذاك المشروع، فاقتصر على تأليف كتاب في التراجم، ورسم لنفسه خطة من تسعة بنود هي:

1 – الترجمة لمن عرف تاريخ وفاته.

2 – عدم ذكر الصحابة والتابعين، إلا جماعة يسيرة، لشهرتهم، ووجود العديد من المؤلفات فيهم.

3 – عدم ذكر الخلفاء لشهرتهم.

4 – ذكر جماعة ممن شاهدهم ونقل عنهم، أو عاصرهم ولم يلقهم.

5 – يتناول كتابه كل ذي شهرة بين الناس.

6 – يحاول إثبات المولد إن وجده، ويذكر النسب إذا قدر.

7 – يضبط بعض الألفاظ مما يمكن أن يقع فيه التصحيف.

8 – يسجل محاسن الناس من مكرمة أو نادرة أو شعر أو فكاهة دفعاً للملل.

9 – يتوخّى الإيجاز.

وأراد ابن خلّكان أن يكون دقيقاً فيما رسم لنفسه من خطة، ولكن عوامل عديدة تدخّلت لتفسد عليه ما كان يريده، ومنها تراخي الزمان بين كتابة القسم الأول وكتابة القسم الثاني، وندرة المصادر. ويتميّز كتاب ابن خلّكان بأنه جعله عامّاً جامعاً، إلى جانب شدة تحرّيه في انتقاء المعلومات وتمحيصها، ووفرة المصادر التي اعتمد عليها، والأمانة في نقل المعلومات، والنزاهة في الحكم على الأشخاص مهما كانوا يختلفون عنه في العقيدة أو المذهب أو منحى الحياة، هذا إضافة إلى صفات هامة أخرى؛ مثل الدقة في الاختيار، وضبط الأعلام، وسريان الروح الأدبية في العرض، من غير إساءة إلى روح المؤرخ الناقد، علاوة على تحرّجه عن ذكر السيئات.

وفيات الأعيان لـ ابن خلكان

كان ابن خلكان بارعاً متفنناً في الأحكام القضائية، عارفاً بالمذهب الشافعي، حسن الفتاوى، بصيراً بالعربية، علامة في الأدب والشعر وأيام الناس، كثير الاطلاع، حلو المذاكرة، له مجاميع أدبية، وصنف كتاب «وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان» الذي اشتهر كثيراً.

يبدأ ابن خلكان كتابه هذا بالبسملة وحمد الله والصلاة على النبي محمد وآله وأزواجه، ثم يقول عن سبب تصنيف هذا الكتاب أنه كان مولعاً بالاطلاع على أخبار المتقدمين من أولي النباهة وتواريخ وفياتهم وموالدهم، ومن أجل تحقيق هذا الأمر يقول ابن خلكان: «فعمدت إلى مطالعة الكتب الموسومة بهذا الفن، وأخذت من أفواه الأئمة المتقنين له ما أجده في كتاب، ولم أزل على ذلك حتى حصل عندي منه مسودات كثيرة في سنين عديدة». ونعت كتابه بقوله: «هذا مختصر في التاريخ»، ولم يذكر فيه أحداً من الصحابة ولا التابعين والخلفاء، إلا جماعة يسيرة تدعو حاجة كثير من الناس إلى معرفة أحوالهم. وبرر عمله هذا بالمصنفات الكثيرة التي وضعت في هذا المجال. وقد وضع الكتاب في القاهرة.

وفيات الأعيان.. بدأ من القاهرة 

بدأ ابن خلكان العمل على وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، عندما كان في القاهرة، وهو كتاب عُدّ من أفضل كتب التاريخ الإسلامي على مر العصور، ترجم فيه لأشخاص عاصروه أو توفوا قبله، وترجم لكبار رجال الدولة الإسلامية، الحكام والوزراء والمسؤولين، لذا سماه الوفيات والأعيان، سجل فيه مشاهير العلم، والأدب، والفلسفة، والطب وغيرهم.

لم يذكر ابن خلكان في كتابه أي شيء يخص الرسول صلى الله عليه وسلم ولا صحابته، لأنهم معلومون من الناس، ولم يذكر الخلفاء، إنما قال «لم أذكر أحد منهم اكتفاء بالمصنفات الكثيرة في هذا الباب، ولكن ذكرت جماعة من الأفاضل ممن شاهدتهم، ونقلت عنهم، أو كانوا في زمني ولم أرهم، ليطلع على حالهم من أتى بعدي».

رتب ابن خلكان كتابه ترتيبًا هجائيًا، بدأه بالهمزة، ووضع تحتها الأعلام التي بدأ اسمهم بالهمزة، وسار على هذا النظام إلى آخر الكتاب، كما اتبع في كثير من الأحيان ضبط الكلام بالحروف، لا بالحركات، خشية من سقوط الحركات في النسخ، فكان يقول «أبي نصر محمد بن طرخان، طرخان بفتح الطاء المهملة وسكون الراء، وفتح الخاء المعجمة، وبعد الألف نون».

جمع في هذا الكتاب خلاصة ما أودعه جهابذة العلم والأدب من قبله، فحفظ بكتابه الكثير من المصنفات والأعمال التي ضاعت لهؤلاء، وكثيرين منهم لم نكن نسمع عنهم لولا هذا العمل الذي حرص فيه ابن خلكان أن يحفظ سيرهم فيه خوفًا من ضياعها.

من أشعار ابن خلكان :

يا رب إن العبدَ يُخفي عيبَهُ

فاستر بحلمكَ ما دبا من عيبهِ

ولقد أتاك وما له من شافعٍ

لذنوبهِ فاقبل شفاعة شيبهِ

وفاة ابن خلكان

توفيَ ابن خلكان، يوم السبت الموافق 30 أكتوبر 1282م، 681هـ، ودُفنَ في سفح جبل قاسيون في دمشق، وكان يبلغ من العمر حينئذ 71 عاما.

——–

(مصادر تاريخية إسلامية متعددة ومواقع متخصصة)

—–

يسري الخطيب


‏تابع قناة جريدة الأمة الإلكترونية في يوتيوب

تابع قناة جريدة الأمة الإلكترونية في واتساب

الإمام ابن ماجه

يسري الخطيب

- شاعر وباحث ومترجم - مسؤول أقسام: الثقافة، وسير وشخصيات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى