قالت البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان إن القوات المتنازعة في السودان تستهدف السكان المدنيين عمدا في أنحاء البلاد المنكوبة، وترتكب فظائع تتمثل في جرائم حرب على نطاق واسع ومنهجي، وقد ترقى بعض الأفعال كذلك إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك الاضطهاد والإبادة.
وخلص أحدث تقرير للجنة – صدر اليوم الجمعة تحت عنوان “حرب الفظائع” – إلى أن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع مسؤولتان ليس فقط عن هجمات مباشرة وواسعة النطاق ضد مدنيين، بل أيضا عن تدمير واسع للبنى التحتية الحيوية الضرورية لبقائهم على قيد الحياة، بما في ذلك مراكز طبية وأسواق وأنظمة غذاء ومياه ومخيمات نزوح.
وأفاد التقرير كذلك بأن قوات الدعم السريع، خلال حصارها للفاشر والمناطق المحيطة بها، ارتكبت مجموعة واسعة من الجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل، والتعذيب، والاسترقاق، والاغتصاب، والاستعباد والعنف الجنسي، والتهجير القسري، والاضطهاد على أسس عرقية واجتماعية وسياسية.
وأضاف أن قوات الدعم السريع وحلفاءها استخدموا التجويع كوسيلة من وسائل الحرب، من خلال حرمان السكان المدنيين من المواد الأساسية اللازمة لبقائهم على قيد الحياة، بما في ذلك الغذاء والدواء والمساعدات الإغاثية، “وهو ما قد يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية والتي تعتبر جريمة ضد الإنسانية”.
وقال محمد شاندي عثمان، رئيس بعثة تقصي الحقائق “إن النتائج التي توصلت إليها تحقيقاتنا لا تترك مجالا للشك بأن المدنيين يدفعون الثمن الأكبر في هذه الحرب”.
عائلة محطمة وراء كل حالة موثقة
وكشف التقرير عن أن الطرفين فشلا في اتخاذ تدابير كافية للحد من أثر الضربات الجوية والقصف المدفعي على المدنيين والبنى التحتية المدنية. ونتيجة لذلك، تم تدمير مدن وقرى ومخيمات نزوح ومستشفيات ومنازل، بشكل منهجي أو جعلها غير صالحة للسكن، مما أدى إلى نزوح 12.1 مليون شخص، ومعاناة أكثر من نصف سكان البلاد من انعدام حاد في الأمن الغذائي.
وأشار أيضا إلى عرقلة المساعدات الإنسانية ومهاجمة القوافل واستهداف عاملي الإغاثة. وخلص إلى أن طرفي النزاع قاما باعتقال تعسفي لمدنيين واحتجازهم وتعذيبهم بسبب انتماء الضحايا العرقي أو آرائهم السياسية أو عملهم أو لزعم تعاونهم مع طرف النزاع الآخر.
ووفقا للتقرير، ارتكب مقاتلون في قوات الدعم السريع أعمال عنف جنسي وعنف قائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك الاغتصاب، والاغتصاب الجماعي، والزواج القسري، والاستعباد الجنسي.
وقالت جوي نجوزي إيزيلو عضوة البعثة: “نجد وراء كل حالة موثقة عائلة محطمة، ومجتمعا نازحا، وإنسانا نجا من عنف لا يمكن تصوره”.
وبحسب منى رشماوي، عضوة البعثة فإن “التقرير لا يشمل كشف الفظائع فحسب، وإنما يضع أيضا خارطة طريق في سبيل الوصول إلى العدالة”.
ودعت المجتمع الدولي إلى التحرك الآن لتنفيذ حظر على الأسلحة، ودعم تحقيق العدالة من خلال مساندة المحكمة الجنائية الدولية، وإنشاء آلية قضائية مستقلة للسودان، واستخدام الولاية القضائية العالمية لمساءلة الجناة، وضمان أن يتحمل المسؤولون عن ارتكاب الفظائع عواقب أفعالهم، بما في ذلك العقوبات المحددة.