في ظل تصاعد العنف وتدهور الاستقرار في منطقة الساحل الأفريقي، برزت جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” كقوة جهادية فاعلة، تتحرك بين العمل المسلح والطموحات السياسية، وتفرض نفسها كلاعب رئيسي في المشهد الأمني والسياسي لدول مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
أحدث الهجوم الأخير الذي استهدف مصنع الأسمنت في كايس بمالي، واختطاف ثلاثة هنود، بحسب الخبير في الشئون الإفريقية سلطان البان دلالة جديدة على دينامية الجماعة وقدرتها على استغلال هشاشة الدولة وغياب الحماية الأجنبية، ضمن استراتيجية أوسع من مجرد العنف العشوائي
. تصاعد العمليات وتكتيكات التوسع جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” وسعت نطاق عملياتها في السنوات الأخيرة، مستهدفة ليس فقط القوات الأمنية بل أيضاً المصالح الاقتصادية والمدنية، مثل اختطاف الأجانب وفرض الإتاوات على السكان المحليين.
وتستفيد الجماعة من ضعف الدولة المركزية، وتستغل الفراغ الأمني لفرض سيطرتها على مناطق استراتيجية، خاصة في غرب ووسط مالي،

حيث تتكرر الهجمات على المواقع العسكرية والمدنيةعملية اختطاف العمال الأجانب تأتي ضمن سياسة ممنهجة للجماعة، تهدف إلى تحقيق عدة أهداف: أولاً: الضغط على الحكومات الأجنبية لدفع الفدية أو التفاوض السياسي. ثانياً: إضعاف ثقة المستثمرين الأجانب في المنطقة، مما يعمق عزلة الأنظمة من أهم مواردها المالية ثالثاً: تعزيز مصادر تمويل الجماعة، حيث يعد الاختطاف مواردها المالية إلى جانب فرض الضرائب وتهريب السلع
ولم تعد الجماعة تكتفي بالعمل العسكري، بل تبنت خطاباً سياسياً يستهدف استمالة المجتمعات المحلية، عبر تقديم نفسها كحامٍ للفئات المهمشة، والتنديد بانتهاكات الجيوش النظامية، كما حدث في حملاتها الإعلامية بعد أحداث سولينزو في بوركينا فاسو.
وتلجأ الجماعة إلى عقد اتفاقات محلية مع وجهاء المناطق، تتيح لها فرض الشريعة الإسلامية، ومنع التعاون مع الجيش، وجباية الإتاوات، في مقابل الحماية أو رفع الحصار
. وفي مقارنة مع خصومها تختلف “نصرة الإسلام والمسلمين” عن “تنظيم الدولة الإسلامية – ولاية الساحل” في طبيعة التعامل مع السكان؛ فهي تميل إلى المساومة والتفاوض، بينما يعتمد خصمها سياسة الترهيب والعنف المباشر ضد المدنيين.
: فيما يسلط الهجوم الضوء على محدودية قدرة الدول المالية على حماية المنشآت الحيوية والأجانب، ويكشف عن هشاشة التنسيق الأمني الإقليمي، في ظل تزايد التنافس بين الجماعات الجهادية.
استمرار استهداف المصالح الأجنبية يهدد الاستثمارات الدولية في مالي ويزيد من عزلة البلاد، كما يعمق معاناة السكان المحليين الذين يجدون انفسهم بين مطرقة الجماعات المسلحة وسندان غياب الدولة
. التحول نحو “الجهاد السياسي” وقد باتت هذه المجموعة توظف العمليات المسلحة كوسيلة لتعزيز حضورها السياسي، وتسعى لتقديم نفسها كبديل عن الدولة، خاصة في المناطق التي تعاني من الإقصاء والتهميش. الهجوم على مصنع
وومن هنا يجب التأكيد علي اختطاف العمال الأجانب ليس حدثاً معزولاً، بل هو جزء من استراتيجية متكاملة لجماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” تستهدف تقويض الدولة، وتعزيز مصادر التمويل، وفرض النفوذ السياسي والاجتماعي.
وخلص الخبير في الشئون الإفريقية إلي القول في النهاية :في ظل غياب استجابة إقليمية ودولية فعّالة، من المرجح استمرار مثل هذه العمليات، مع تصاعد التهديدات للأمن والاستقرار في الغرب الإفريقي