أصدر مركز الزيتونة ورقة علمية بعنوان: «التجويع والمساعدات كسلاح حرب: دراسة حالة غزة في ضوء القانون الدولي الإنساني»، وهي من إعداد الباحث الأستاذ ثامر سباعنه. وتعرض الورقة ما يشهده قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 من حرب إسرائيلية قاسية، استخدم فيها الاحتلال سياسة التجويع كسلاح. وقد نُشر تقرير ضمن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي IPC، بمشاركة أكثر من 15 منظمة دولية بقيادة الأمم المتحدة، في آذار/ مارس 2024 حذّر من أن غزة على شفا مجاعة، حيث يعاني 70% من سكانها من انعدام كارثي في الأمن الغذائي.
وتكمن أهمية الورقة في أنها تسلط الضوء على حرب التجويع التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة بعد 7/10/2023، والتي تأتي ضمن سياسة ممنهجة تتبعها حكومة الاحتلال الإسرائيلي في إطار حرب شاملة تستهدف كل ما هو فلسطيني.
تناولت الورقة سياسات التجويع والتي فرضها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ سنة 2007، على الرغم من كونها جريمة محظورة دولياً وانتهاكاً للقانون الإنساني وحقوق الإنسان. حيث أدّت هذه السياسات إلى تدهور الأمن الغذائي بفعل فرض الاحتلال قيوداً شديدة على دخول الغذاء والدواء، من خلال إغلاق المعابر، ومنع قوافل المساعدات، وقصف مخازن الأغذية والأدوية، وتدمير الأراضي الزراعية والمخابز، واستهداف البنية التحتية، وحرمان السكان من غاز الطهي، ومنع دخول البعثات الدولية.
كما بيّن الباحث أن المساعدات الدولية التي دخلت القطاع لم تكن بمنأى عن التسييس، إذ استخدمت كأداة ضغط سياسي، مما زاد من هشاشة اقتصاد غزة الذي يعتمد بشكل كبير على هذه المساعدات بسبب الحصار.
وسلّط الباحث الضوء على الآثار الإنسانية والاجتماعية الناجمة عن الحصار، حيث أدى إلى وفاة الكثير من الفلسطينيين وخصوصاً الأطفال جوعاً، بالإضافة إلى تعطل معظم المستشفيات بسبب نقص الغذاء والدواء، في حين تعجز 90% من المستشفيات عن خدمات الولادة. ويشعر 96% من الأطفال بقرب الموت، إذ يُستخدم التجويع كسلاح نفسي لإضعاف الوعي والإرادة. كما استُهدفت قوافل ومستودعات الغذاء، مع تشجيع العصابات واللصوص على نهب المساعدات، وتكررت «مجازر الخبز» بحق المدنيين في أثناء انتظار المساعدات.
وأظهرت الورقة دعماً إسرائيلياً عاماً لسياسات التجويع. فأيّد مسؤولون مثل بنيامين نتنياهو منع دخول الغذاء والوقود كوسيلة ضغط على حركة حماس مع إنكار وجود مجاعة، وأظهر استطلاع للرأي في شباط/ فبراير 2024 تأييد 68% من الإسرائيليين لمنع المساعدات عن غزة، حتى عبر جهات دولية مستقلة. وفي استطلاع آخر، رأى أكثر من 80% منهم أن معاناة الفلسطينيين يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار بدرجة ضئيلة أو معدومة في التخطيط العسكري. وفي المقابل، برزت أصوات محدودة معارضة؛ مثل يائير جولان، الذي دان احتفال وزراء الحكومة بموت وجوع الأطفال، والكاتب جدعون ليفي، الذي شبّه المجاعة بمعسكرات الاعتقال ورأى أن التجويع مرحلة شيطانية في الحرب.
وخلصت الورقة إلى أن استخدام الاحتلال الإسرائيلي للجوع كسلاح ضدّ الفلسطينيين في غزة يشكل جريمة حرب بموجب القانون الدولي، تستوجب المحاسبة والتعويض. وقد أسفرت هذه السياسة عن زيادة في عدد الضحايا وانتشار الأمراض الناتجة عن سوء التغذية. ويهدف الاحتلال من خلالها إلى الانتقام، ودفع السكان للهجرة، وتحريضهم على المقاومة. لذا، تقع على الفلسطينيين والمؤسسات الدولية المعنية مسؤولية توثيق هذه الانتهاكات والمطالبة بفتح تحقيق دولي، إلى جانب حشد الدعم العالمي لرفع الحصار وتلبية الاحتياجات الإنسانية في غزة.
اقرأ الورقة كاملة بالضغط على العنوان أدناه:
«التجويع والمساعدات كسلاح حرب: دراسة حالة غزة في ضوء القانون الدولي الإنساني»