في خطوة دبلوماسية محسوبة بعناية، يوجه رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو رسالة سياسية واضحة لباريس عبر اعتذاره عن أول دعوة رسمية لزيارة فرنسا منذ توليه المنصب.
هذا القرار لا يعكس مجرد تعارض في المواعيد، بل يأتي في سياق تحوّل جيوسياسي أوسع تشهده غرب إفريقيا، حيث تتصاعد الدعوات لمراجعة العلاقات مع القوى الاستعمارية السابقة.
يُعتبر سونكو أحد أبرز الوجوه المنادية بسياسة “السيادة الوطنية” و”فك الارتباط” الاقتصادي والعسكري عن فرنسا، مما يضع اعتذاره في إطار استراتيجية متعمدة لإعادة تعريف الدور الإقليمي للسنغال كقوة إفريقية فاعلة مستقلة عن المحاور التقليدية.
التوقيت نفسه يحمل دلالات عميقة، إذ يتزامن مع استعدادات الرئيس السنغالي للمشاركة في قمة الأمم المتحدة في نيويورك، مما يؤكد أولوية التواصل مع الفاعلين العالميين متعددي الأقطاب على العلاقات الثنائية التقليدية.
هذه الخطوة تكرّس مساراً بدأه سونكو منذ توليه المنصب، يعطي الأولوية للشراكات الجديدة مع دول مثل الإمارات وإيطاليا، ويُعيد ترتيب أولويات الدبلوماسية السنغالية في مرحلة تشهد تحولات إقليمية ودولية متسارعة.
وأوضحت رئاسة الوزراء في بيان رسمي أن سونكو لن يتمكن من المشاركة بسبب ارتباطات مسبقة في أجندته، مشيرة إلى أن السنغال ستمثل في المنتدى بأحد أعضاء الحكومة.
يأتي هذا الاعتذار في وقت يستعد فيه سونكو لجولة خارجية تشمل الإمارات العربية المتحدة بين الثامن والثاني عشر من سبتمبر ثم يتوجه بعدها إلى إيطاليا في زيارة يلتقي خلالها الجالية السنغالية.
ورغم التأكيدات الرسمية على أن أسباب الاعتذار بروتوكولية فإن القرار أثار تكهنات في الأوساط السياسية السنغالية خاصة في ظل تزامن موعد المنتدى مع مشاركة الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
ويشير مراقبون إلى أن القرار قد يتسق مع خطاب سونكو السيادي ومواقفه الناقدة لفرنسا خلال السنوات الأخيرة مما يجعل من تجنب الزيارة في هذا التوقيت خيارا يحمل دلالات سياسية.
من جهة أخرى أكد سونكو أنه سيستقبل قريبا نظيره الفرنسي في دكار خلال أعمال الندوة الحكومية المشتركة بين البلدين في إشارة إلى أن العلاقات الثنائية ستستمر عبر القنوات الدبلوماسية المعتادة.