حين تلوَّنت الحروف صار لها ظل
ثم تحوَّلت إلى أسماء.
كل اسمٍ كان ينزلق من بين الأصابعِ
كقطرة ماءٍ مالحة،
كنا نغرق فيها
لكننا ننسى الطعم ،
ونلهثُ خلف طعومٍ أخرى،
أسماءٍ أخرى…
****
“حواء”
حلوة كعناقٍ أولٍ،
كقصيدةٍ مكتوبةٍ على حافة الشفاه.
كان لها في صداها شيءٌ من رائحة الورد،
وفي حروفها غيمٌ عالقٌ
لا يزول إلا بالبكاء.
****
“آدم “
مُـرٌّ، كالوجع الذي يتوسّد الأحلام،
اسمٌ يعلق في الحلق كصوتٍ مخنوق،
تدور فيه الحياة كضباب ،
كان يسير خلفه
أثرٌ من صرير الأبواب المغلقة.
****
“جنة”
طعمها حامض،
كذكرى غائرة،
أو كأسٍ ملأناها بالوهم ثم شربناه دفعة واحدة.
فيها الليل يلتفُّ حول الروح،
لكنّ الفجر يأبى أن يأتي.
****
“إبليس”
طعمُه مالحٌ، كدمعٍ خفيٍّ،
كصوتٍ يرتجفُ في بئر الوحدة،
فيه من الحنين ما يكفي لكسْر المرايا،
وفيه من الندم ما يجعل الحكاية تمتدُّ إلى ما لا نهاية.
****
الأسماء التي تذوقناها
ألوانُنا التي اندثرت،
أصواتُنا التي لم نجرؤ أن نرفعها.
أبوابٌ نخشى طرقها،
ومرايا نخاف أن ننظر فيها.
****
كؤوس سرمديةٌ، هي
نشرب دون ارتواء
تملأنا،
تغرقنا،
ثم تتركنا كارواح هائمة ،
لم تعد تبحث عن أجسادها.
****
حين نناديها …
هل ننادي أنفسنا؟
أم ننادي الفراغ الذي خلّفته في قلوبنا؟
كل اسمٍ كان يملك مفتاحًا،
لكن الأبواب التي يفتحها
تأبى أن تقودنا إلا إلى متاهةٍ جديدة.
****
فيا أيها الواقفُ أمام حروفك،
لا تبحث عن معنى،
لا تفتش عن نكهة.
كل الأسماء هي نكهاتنا الضائعة،
كل الأسماء هي نحن،
وقد صرنا طعومًا
تتردد في ذاكرة الزمن ….