السفير عبدالله الأشعل لـ«الأمة»: المقاومة هو السبيل الوحيد لإفشال التهجير القسرى للفلسطينيين
أكد السفير الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصرى الأسبق، أن صمود المقاومة الفلسطينية هو السبيل الوحيد لإفشال مساعى واشنطن وتل أبيب لتصفية القضية الفلسطينية، وتهجير الفلسطينيين إلى سيناء والأردن، معتبرا أن هناك تصميما من الطرفين علي تنفيذ هذا السيناريو مهما طال الزمن إلا إذ اجبرتها المقاومة علي تجرع السم والقبول بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
ومضي الدبلوماسي المصري البارز في حواره مع «جريدة الأمة الإليكترونية» للقول: ليس هناك تناقض بين إدارة بايدن ونتنياهو، بل أن هناك إجماعا على القضاء علي حماس وإبعادها عن المشهد الفلسطيني، ولكن الخلافات بينهم تتمحور حول تغيير النهج الصهيوني، ووقف القصف العشوائي الذي الحق خسائر فادحة بالمدنيين بشكل أفقد إسرائيل التعاطف الدولى.
وتابع قائلا: هناك أسباب لرفض واشنطن وقف إطلاق النار في غزة، ووقف الابادة وإدخال المساعدات الي المحاصرين، حيث منعت إدارة بايدن إنقاذ غزة من الهلاك أولها نكاية في الصين وروسيا امتداد للصراع بينها، والثاني حماية قرار إسرائيل بابادة غزة الثالث، انه لو صدر القرار، فلن تنفذه إسرائيل فهذا سيشوه صورتها بشكل أكبر أمام العالم.
انتقد الأشعل بشدة الموقف العربي والمتخاذل والمتآمر على المقاومة الفلسطينية معتبرا ان هذه الدول وفي مقدمتها مصر ستدفع ثمنا باهظا حال نجاح الاحتلال في إلحاق الهزيمة بالمقاومة الفلسطينية التي تعد خط الدفاع الأول عن مصر باعتبارها الهدف الأهم للكيان الصهيوني الذي يريد إخضاعها والهيمنة علي مفاصلها.
الحوار مع الدبلوماسي المصري البارز تطرق لقضايا عديدة نعرضها بالتفصيل في السطور التالية
• مثلت تصريحات الرئيس الأمريكي ضد نتنياهو وحكومته موقفا غريبا في ضوء رفض واشنطن لوقف إطلاق النار في مجلس الأمن واستخدامها الفيتو؟
•• ليس هناك تناقض في الموقف الأمريكي فأمريكا وإدارة بايدن تسعي بكل الوسائل للقضاء علي المقاومة الفلسطينية وتصفية القضية ولكن الخلاف مع نتنياهو يبقي حول الوسائل لتحقيق هذه الأهداف فمثلا واشنطن منعت في مجلس الأمن صدور قرار بوقف إطلاق النار في غزة ووقف الابادة وإدخال المساعدات الي المحاصرين
حيث منعت إدارة بايدن إنقاذ غزة من الهلاك لثلاثة أسباب:
الأول: نكاية في الصين وروسيا امتداد للصراع بينها
الثاني: حماية قرار إسرائيل بإبادة غزة
الثالث: أنه لو صدر القرار فلن تنفذه إسرائيل وفي هذا ما سيراها العالم ويدين أمريكا والكيان
3 أسباب تقف وراء رفض واشنطن وقف إطلاق نار دائم في غزة |
ثم أن موقف واشنطن هو دليل جديد على أن الفيتو يستخدم لاستمرار تهديد السلم الدولي خاصة أن الأمين العام هو بحكم منصبه في الميثاق من طلب عقد المجلس.
• كيف أذن قرأت تصريحات بايدن حول ضرورة تقوية نتنياهو لحكومته وحول فقدان إسرائيل الدعم الدولي؟
•• إسرائيل تخوض حرب وجود ضد المقاومة بهدف القضاء عليها والخلاص من الصداع الشديد، الذي تشكله حماس والمقاومة مدعومة من الولايات المتحدة والقوي العربية المانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا، وكذلك بعض الحكام العرب، الذين يتمنون زوال حماس والمقاومة في أسرع فرصة.
واشنطن لا ترغب في خروج نتنياهو من المشهد بهذه الصورة ولا رؤية الكيان خاسرا في هذه المعركة |
ومن هنا لا يجب الاكتراث كثيرا بالتصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي جو بايدن حول فقدان إسرائيل التعاطف الدولي، ومطالبة نتنياهو بتقوية حكومته باعتبار ذلك عتابا بين الأحبة، ومجرد تبادل الأدوار خصوصا أنه لا يوجد خلاف واضح بين واشنطن وتل أبيب حول القضاء علي حماس.
كما ظهر في تصريحات مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، بل إن الاختلافات تدور حول طريقة القصف العشوائي للمدنيين، حيث تريد واشنطن الانتقال للمرحلة والقيام بعمليات خاصة ضد قادة حماس وتحرير الأسري.
• لكن لا يبدو طبقا لسبعين يوما من المعارك أن واشنطن وتل أبيب وحلفاءهم الإقليميين وحدهم في المشهد في ظل الصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينية؟
•• رغم صمود المقاومة الفلسطينية والانتصارات التي حققتها خلال السبعين يوما الماضية، فإن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ماضون في محاولات تصفية القضية ومشروع التهجير القسري للفلسطينيين الي سيناء، ودفع الجيش المصري مستقبلا الصدام مع الفلسطينيين حتى لو تم ذلك على مدي زمني طويل لاسيما أن التحدي الذي غدت تشكله المقاومة الفلسطينية هو الاضخم منذ تأسيس الدولة العبرية.
مجازر تل أبيب ستدفع مصر للدخول في مواجهات مع الفلسطينيين حال دخولهم سيناء |
لذا وطبقا لواشنطن وتل أبيب التعامل مع هذا التحدي بأساليب جديدة لا تتجاوز الخطوط الحمراء للصراع حيث قد تغلب واشنطن حلا وسطا يمنح الفلسطينيين أكثر من حكم ذاتي وأقل من دولة أو حتى التفكير في الوطن البديل للفلسطينيين في الاردن حال عدم القدرة على تحقيق هدفهما الأهم وهو الخلاص من صداع المقاومة..
ولعل صمود المقاومة الفلسطينية هو السبيل الوحيد لإفشال هذه السيناريوهات واخبار واشنطن بصفتها الراعي الاهم للكيان للدخول في حوار مع المقاومة الفلسطينية بالنيابة عن إسرائيل لفرض تسوية تضمن امن الدولة العبرية وتمنع تكرار ما جري في السابع من أكتوبر الذي وضع أمن الدولة العبرية على المحك وشكل التحدي الأبرز خلال 70عاما.
• في حالة صمود المقاومة وفشل جيش الاحتلال في تنفيذ أهدافه؟
•• صمود المقاومة سيفرض على واشنطن وعواصم عربية التدخل لفرض حل وسط مع المقاومة حيث ستسعى واشنطن خلال المرحلة القادمة لفتح حوار مع المقاومة لتدجينها ودمجها على الطريقة الأمريكية في المنطقة بعد أن أدركت واشنطن صعوبة القضاء عليها عسكريا.
وهو أمر يجب أن تنتبه إليه المقاومة جيدا وتراهن فقط على صمودها وقدرته على توجيه ضربات قاتلة للعدو الصهيوني وإجباره على الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الذي دفع ثمنًا باهظًا بسبب الإجرام الصهيوني بحقه وبمقدساته.
وهو أمر لن يتأتى بالصمود وفرض معدلات جديدة على الأرض تفرض على المجتمع الدولي اعادة القضية الفلسطينية لصدارة اهتماماته وفرض تطبيق حل الدولتين على الكيان الصهيوني.
• في هذا السياق وفي ظل صمود المقاومة هل تري نهاية قريبة للحرب على قطاع غزة؟
•• صمود المقاومة مستمر والخسائر في صفوف العدو تتصاعد وعوار الجيش الصهيوني وقدرته على المواجهة تتلاشي لكن إدارة بايدن وبعكس كل ما يقال لن تقبل نهاية هذه للحرب تبدو فيها إسرائيل منهزمة لذا لا اعتقد اننا على مقربة من نهاية الحرب.
إدارة بايدن قد تجد نفسها مضطرة للدخول في حوار مع المقاومة.. وهذا هو الثمن |
كما أن إدارة بايدن تبدو متمسكة رغم كل شيء بنتنياهو ولا تريد الخلاص منه والخلاف بينهما يبدو خلافا بين حبيبين بل تطالبه بتوسيع الحكومة وإقصاء بعض العناصر اليمينية المتطرفة.
وهي عناصر يمنية لا تبدو إدارة بايدن غير قادرة على التفاهم معهم لتحقيق الهدف الاهم وهو القضاء علي المقاومة ولكن عبر سلوك مغاير للقصف العشوائي الذي يوقع خسائر بين المدنيين ويفقد إسرائيل تعاطف المجتمع الدولي
• لكن في المقابل كيف رأيت تصريحات نتنياهو برفض عودة السلطة الفلسطينية فتح ستان أو ما أسماه حماس ستان الي قطاع غزة؟
•• إسرائيل تسعي لطرد حماس من غزة، ولا تعارض عودة سلطة عباس للقطاع ولكن هذه العودة يجب أن تكون بالشروط الإسرائيلية، والتنسيق الأمني والعمل على استئصال شأفة قوي المقاومة بالتماهي مع رغبة أنظمة عربية في الخلاص من حماس والفصائل الأخرى متجاهلين أن هذا عار يحاصر العرب والمسلمين مما يثير الشجون في هذا السياق أن يتكالب كلاب الأرض على المقاومة والشعب الفلسطيني وتنفرد بهما دون حراك من الحكام والشعوب.
رفض نتنياهو عودة السلطة لغزة مجرد ورقة ضغط علي عباس |
بالتالي فهذه التصريحات مجرد ذر للرماد في العيون ووسيلة للضغط علي عباس للاستمرار في ادارة القطاع مثلما تدار الضفة الغربية عبر التنسيق الامني وتشكيل خط الدفاع الاول عن الاحتلال.
• هل نتنياهو وفي ظل المطالبة باستقالته والاتهامات بالفشل السياسة قادر علي فرض معادلات على الأرض؟
•• مهما كانت ضغوط الشارع الصهيوني على نتنياهو سواء لإبرام صفقة تبادل أسري مع المقاومة أو لإجباره على الاستقالة والخروج من المشهد هو والعناصر المتطرفة داخل حكومته فإن لإسرائيل هدفا واضحا يجمع عليه الجميع، هو تفريغ فلسطين من سكانها وتصفية القضية الفلسطينية وقد عودنا الصهاينة على تنفيذ أهدافهم حتى ولو على مدي زمني طويل وصولا لتحقيق الهدف الأكبر.
الاحتلال لا يشن حربا علي حماس بل حملة إبادة للشعب الفلسطيني |
• ما هو الهدف الأكبر كما تراه؟
•• الهدف الأكبر للكيان الصهيوني هو مصر، والتفرغ لها وهو أمر يجب أن تنتبه له السلطة المصرية، وتغير استراتيجية خصوصا أن القضاء على المقاومة يشكل كارثة على الأمن القومي المصري، ويجب علي الجيش المصري التنبه لها وافشاله بكل الوسائل، وعدم ترك المقاومة الفلسطينية وحدها تواجه هذا العدوان الاجرامي حتى لا تتفرع إسرائيل بعد ذلك على السيطرة على مفاصل الدولة المصرية.
• لكن هل السيطرة على مفاصل الدولة المصرية يشكل هدفا للكيان الصهيوني في ظل الوضع الصعب الذي يعانيه؟
•• هذا الحلم قديم وقد تحدث عنه عاموس يدلين، منذ عقود كان مديرا للمخابرات الحربية الصهيونية، وكانت مدة خدمته 4 سنوات وكان يأمل ساعتها بالانتقال لاحقا لقيادة الموساد وقد قدم تقريرًا للحكومة الإسرائيلية في منتصف العقد الأول من الألفية، أوضح فيه قيام إسرائيل بالسيطرة على مفاصل الدولة المصرية وأحكام الهيمنة على 5 وزارات هي الداخلية والخارجية والثقافة والزراعة والتربية والتعليم ولم يتطرق بشكل من الأشكال لوزارة الدفاع.
نجاح الحلف الغربي في القضاء على المقاومة يشكل ضربة قاصمة للأمن القومي المصري |
وقد قمت بالرد على هذا التقرير في الأهرام ساعتها فندت فيه هذه المزاعم وشرحت خطورة التساهل مع الكيان الصهيوني ولا مع مخططاته لإخضاع الدول المصرية ومؤسساتها لهيمنته ويبدو أن الكيان مصمم علي تنفيذ هذا الحلم.
• لكن مصر أعلنت رفضها لمساعي تصفية القضية وسيناريو التهجير القسري للفلسطينيين؟
•• إسرائيل مصممة على تنفيذ سيناريو التهجير وتصفية القضية الفلسطينية وتضغط بكافة الأساليب وعلى رأسها القصف العشوائي على المدنيين إجبارهم على دخول مصر والأردن وتمارس أقصى الضغوط على البلدين القبول بهذا السيناريو.
ومن أسف أنها لا تواجه رفضا عمليا لهذا الأمر مع الاكتفاء بالرفض فقط وهو ما ينتبه له الفلسطينيون بقوة، بل إن صمودهم هو السبيل الوحيد لإفشال هذا المخطط انطلاقا من ان سيخطئ منهم بالذهاب الي مصر لن يسمح لهم بالعودة مرة أخري، بل إن المسعي الصهيوني تسير كذلك في إطار تحويل سيناء لنقطة احتكاك بين المقاومة الفلسطينية والجيش المصري، وهو ما يجب أن تتصدي له مصر وتتجنبه وتمنع تكرار اخطاء الماضي.
• لكن كيف يتبني الحكام العرب هذا الموقف المخزي والمتآمر على المقاومة الفلسطينية؟
•• إسرائيل بالاستعانة بواشنطن تمكنت من تحييد جيرانها المباشرين فوفرت ٧٠ % من ميزانيتها العسكرية في الجبهة المصرية و١٠٠ % في الجبهة الاردنية ولذلك انفردت بالمقاومة وبغزة واعتمدت أيضا على مشاعر الحقد على المقاومة من جانب بعض العرب ومن قبل الجيوش العربية التي ساءها كثير ان تري المقاومة الفلسطينية وحماس تذل الاحتلال الذي سبق له اذلالها في الحروب العربية الإسرائيلية المتتالية.
انتصارات حماس تقض مضاجع الجيوش العربية التي أذلها الاحتلال |
• هل من رسالة توجهها للرأي العام العربي والإسلامي؟
•• على الجميع أن يدرك وفي مقدمتهم وسائل الإعلام للتنبه الي أن حرب غزة ليست حربا على غزة وإنما هي حملة إبادة والحرب ليست بين حماس واسرائيل بل بين للشعب الفلسطيني واسرائيل وكذلك يجب الوضع في الاعتبار أن الموساد ينشر عملاءه كي تزور الوعي وهناك فرق بين القتال والقتل.