أقلام حرة

الأعمال الاسلامية بين الفريضة الحاضرة والقدوة السياسية الغائبة!

بقلم: مضر أبو الهيجاء

أعدم النظام المصري المهندس محمد فرج عبدالسلام عام 1982 بسبب كتابه الشهير الفريضة الغائبة، والذي كتبه عام 1980 ليضع فيه تصورا منهجيا لحركة الجهاد المصرية، الأمر الذي اعتبر تشريعا لاغتيال الرئيس المصري أنور السادات، وذلك بعد اتفاقية الخيانة والعار التي أنجزها السادات مع المحتل الصهيوني عام 1979، والتي أخرجت مصر العظيمة وأهلها الأبطال من معادلة الصراع العربي الاسرائيلي بتخطيط من داهية السياسة الأمريكي هنري كيسنجر، ومنذ ذلك الحين وفلسطين تزداد ضعفا وضياعا بدون مصر الإسلام والعروبة والموقف والتاريخ.

وقد كتب المهندس محمد عبدالسلام فرج كتابه ليحيي فريضة الجهاد في الأعمال الاسلامية، لاسيما بعد انحراف المسار في مسيرة الاخوان المسلمين في مصر، والتي أعقبت اغتيال المؤسس الشهيد حسن البنا رحمه الله عام 1949، إذ لم يقبل المحامي حسن الهضيبي أن يستلم الارشاد في الجماعة -بعد صراع داخلي- إلا بشرط حل التنظيم السري والذي شكله البنا وكان مكمن القوة الجهادية في الجماعة، وبالفعل تم حل التنظيم السري وكتب الهضيبي كتابه الشهير دعاة لا قضاة -وذلك بمعرفة واطلاع المخابرات المصرية-، وتبدل المسار الحركي الاسلامي حتى اختفى منه الجهاد وغاب، ورغم ذلك حكم على الهضيبي بالإعدام شنقا عام 1954 رحمه الله.

ومنذ أن كتب المهندس عبد السلام فرج كتابه الجهادي تحت عنوان الفريضة الغائبة، والجهاد يحضر وينتشر في الساحات العربية والاسلامية سواء في الامتدادات الاخوانية كما في أفغانستان، أو الحركات الجهادية كالتي أسسها فتحي الشقاقي في فلسطين.

لم تعد فريضة الجهاد غائبة، بل أصبحت واقعا تعيشه الساحات العربية والاسلامية في وجه المحتلين ووجوه المستكبرين، كما برهنت على ذلك ساحتي العراق والشام في ثورات الربيع العربي المباركة.

لكن حضور فريضة الجهاد التي كانت غائبة لم يؤت الثمار المرجوة والكاملة، حيث كشفت عموم الساحات الجهادية والثورية عن معضلة اسلامية حركية، هي القدوة السياسية الغائبة!

فما أن يبدأ المجاهدون بمقارعة السياسة حتى تعم المصائب ويتدنى الحال، ويصبح الحرام حلالا، وتظهر الأفهام الشاذة لمقاصد الشريعة، ثم يظهر فقه مجهول في علوم السياسة الشرعية، ليسوغ للقيادات السياسية التشكل المرن بحسب الشكل الهندسي لمنعرجات السياسة التي يفرضها الجبابرة والطواغيت، كشرط لقبول دورهم وبقاء ثلة المجاهدين والمقاومين والاسلاميين الجدد في حواضر السياسة!

لم تنج ساحة جهادية من سقطات السياسة الفظيعة ابتداء من المجاهدين الأفغان الأوائل الذين وقعوا في فخ الأمريكان، وانتهاء بالمجاهدين في فلسطين، والذين تلوثوا ولوثونا ولوثوا الأقصى بالملالي الايرانيين المحتلين القتلة المجرمين، مرورا بالساحة السورية والعراقية والمصرية التي خلطت الطين والدين بالعجين!

مات محمد عبد السلام فرج معدوما في مصر بعد أن أحيا فكرة الجهاد في الساحات العربية والاسلامية ودفع ثمن كلماته في كتاب الفريضة الغائبة، ولكن الأقدار لم تشأ أن يرى بأم عينه أن الجهاد فريضة باتت حاضرة، وأن القدوة السياسية هي منذ ذلك الحين التي باتت غائبة، وبدونها مع الأسف لن يكتمل المسار، ولن تؤتي الدماء ثمراتها في تمكين الدين واعزاز الأمة ودحر المحتلين وإزالة عروش الظالمين المستبدين المستكبرين الذين يقتلون أطفالنا ويستحيون نساءنا في كل ساح وحين.

اللهم فهيئ يا ربنا لأمتنا وشعوبنا قيادة ربانية تكون قدوة لنا في الأعمال الجهادية والمواقف والادارة السياسية، حتى لا تضيع دماؤنا ويعلو الباطل على جماجم أبنائنا وبناتنا وأبطالنا الميامين.

مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 6/5/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى