دعت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، ستيفاني خولي تييه، يوم الخميس، القادة والمسؤولين الليبيين إلى الحفاظ على “الهدنة الهشة” التي تم التوصل إليها عقب الاشتباكات العنيفة التي شهدتها مدينة صبراتة يومي 12 و13 مايو 2025.
وتقع مدينة صبراتة على الساحل الغربي لليبيا، وتُعد واحدة من أكثر المناطق توتراً منذ سنوات بسبب الصراعات المسلحة بين الفصائل المتناحرة التي تتصارع على النفوذ والسيطرة، خاصة على المعابر الحدودية ومصادر الدخل غير المشروعة مثل تهريب الوقود والمهاجرين. وفي مايو الماضي، اندلعت مواجهات عنيفة بين مجموعتين مسلحتين تنتميان لأجهزة أمنية اسميًا، لكن ولاءاتهما الفعلية محلية ومتضاربة، وأسفرت الاشتباكات عن قتلى وجرحى، إلى جانب أضرار مادية كبيرة ونزوح عدد من العائلات.
وبعد تدخلات محلية وجهود وساطة دولية، تم التوصل إلى هدنة مؤقتة، وصفتها الأمم المتحدة بـ”الهشة”، ما دفع تييه لتجديد الدعوة إلى الالتزام بها.
وفي رسالة وجهتها إلى الشعب الليبي بمناسبة عيد الأضحى، قالت تييه: “أناشد جميع من يملكون النفوذ والمسؤولية الاستمرار في الحفاظ على الهدنة الهشة التي تم التوصل إليها بعد الاشتباكات التي وقعت في 12 و13 مايو. الحفاظ على السلام يجب أن يظل أولويتنا المشتركة”.
وأكدت تييه أن “استعمال القوة لحل الخلافات لا يؤدي إلا إلى تعميق الانقسامات، ولا يمكن الوصول إلى حلول دائمة إلا من خلال الحوار الشامل والانخراط السلمي”.
وأضافت أن “عيد الأضحى يمثل مناسبة للتلاقي – كعائلات، وكمجتمعات، وكأمة. وهو وقت نجدد فيه التزامنا بالتضامن ودعم بعضنا البعض. هذه هي القيم التي يمكن أن تساعد ليبيا على المضي قدمًا”.
تأتي هذه الدعوة الأممية في وقت ما زالت فيه ليبيا تعاني من غياب سلطة مركزية موحدة، وانتشار فصائل مسلحة تتحكم في مفاصل عدة من البلاد، مما يُعقّد أي تسوية سياسية دائمة.
وتسعى الأمم المتحدة إلى دفع الأطراف الليبية نحو مصالحة وطنية شاملة تفتح الباب أمام إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، وتؤدي إلى تشكيل حكومة موحدة قادرة على فرض القانون وبناء مؤسسات أمنية موحدة.
ويؤكد مراقبون أن دعوة المبعوثة الأممية ليست فقط رسالة رمزية بمناسبة العيد، بل تحذير حقيقي من احتمالية انهيار الهدنة في حال عدم التزام الأطراف بها. وتبقى صبراتة نموذجًا لتحديات أوسع يواجهها الغرب الليبي من حيث السيطرة، وتداخل المصالح، وغياب الحلول المستدامة.
ختامًا، ما تحتاجه ليبيا ليس فقط وقف إطلاق نار، بل إرادة سياسية وطنية تنقل البلاد من منطق القوة إلى منطق الدولة.