قال “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان” إن جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكب، صباح أمس الأحد، واحدة من أبشع المذابح بحق المدنيين المجوّعين شمالي قطاع غزة،
حيث قام باستدراجهم عبر مكبرات الصوت بالتقدم نحو قافلة مساعدات، ثم فتح النار عليهم بشكل مباشر، ما أسفر عن مقتل 80 مدنيًا وإصابة أكثر من 520 آخرين، في جريمة قتل جماعي متعمدة.
وأوضح المرصد، في بيان صحفي، أن جنود الاحتلال أمروا المدنيين برفع أيديهم والتقدم نحو شاحنات المساعدات قرب منطقة “الواحة” شمال غرب مدينة غزة، قائلين لهم عبر مكبرات الصوت: “ارفعوا أيديكم ومرّوا من أمام الدبابات، من يريد دقيقًا فليتقدّم”.
ومع استجابة نحو 200 شخص لهذا النداء، تم استهدافهم مباشرة من قبل الدبابات والقناصة الإسرائيليين، فسقط معظمهم قتلى أو جرحى في مكانهم.
وأشار فريق المرصد الميداني إلى أن آلاف المدنيين كانوا قد تدفقوا صباح اليوم ذاته إلى المنطقة، بسبب الجوع الشديد ونفاد الدقيق بالكامل منذ أيام، بعد تداول أنباء عن وصول شاحنات مساعدات قادمة من معبر “زيكيم”.
وأضاف بأن ما جرى لا يمكن تبريره بأي اعتبار عسكري، ويُعد جريمة قتل عمد ضمن سياسة ممنهجة من الإبادة الجماعية التي ترتكبها “إسرائيل” في قطاع غزة،
عبر سلسلة من الجرائم تشمل القتل المتعمد، التجويع، والتهجير القسري، في محاولة واضحة للقضاء على السكان الفلسطينيين.
ووثّق المرصد استشهاد 6 مدنيين مجوّعين آخرين برصاص قوات الاحتلال قرب نقطة توزيع مساعدات تديرها مؤسسة “غزة الإنسانية” في مدينة رفح، أثناء محاولتهم الوصول إلى الطعام.
وأكد الأورومتوسطي أن هذه الجرائم تجري في ظل تصاعد معدلات الوفاة الناتجة عن سوء التغذية، وانهيار الأوضاع المعيشية، بما يكشف عن استخدام إسرائيل لنقاط توزيع المساعدات كمصائد موت تستدرج إليها الحشود المجوّعة عمدًا،
ضمن منظومة متكاملة من القتل والإذلال الجماعي والحرمان الممنهج، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.
وأشار البيان إلى أن استهداف المدنيين أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء، واستخدام التجويع كسلاح، يرقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بموجب نظام روما الأساسي، ويشمل القتل العمد، استهداف المدنيين، واستخدام التجويع كسلاح محظور في النزاعات المسلحة.
وأكد المرصد أن نمط الانتهاكات واسع النطاق والمتكرر ضد السكان المدنيين يحقق أركان الجرائم ضد الإنسانية، بما فيها القتل، الاضطهاد، والأفعال اللاإنسانية التي تتسبب بمعاناة جسدية ونفسية شديدة.
كما شدّد على أن السياق الأوسع لهذه الجرائم، والذي يشمل تدمير مقومات الحياة، ومنع وصول المساعدات، وفرض ظروف مميتة، إلى جانب التصريحات التحريضية من المسؤولين الإسرائيليين،
وهو ما يُظهر النية المعلنة لتدمير السكان الفلسطينيين في غزة، وهو ما يُشكّل جريمة إبادة جماعية بحسب المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
وفي هذا السياق، حمّل المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي والحكومات المتواطئة المسؤولية عن استمرار هذه الجرائم، لا سيما الجهات الداعمة لمؤسسة “غزة الإنسانية” التي فرضها جيش الاحتلال بالقوة كبديل عن آلية الأمم المتحدة لتوزيع المساعدات.
وطالب المرصد بـوقف فوري لعمل المؤسسة وفتح تحقيق دولي مستقل لمحاسبة القائمين عليها، بمن فيهم المؤسسون، المديرون، منسقو اللوجستيات، قادة الفرق، والعاملون فيها، لمشاركتهم المباشرة أو غير المباشرة في عمليات القتل الجماعي.
كما دعا المرصد إلى محاسبة قادة الدول المتورطين في الإبادة الجماعية بغزة، سواء بالمشاركة المباشرة أو تقديم الدعم السياسي والعسكري والمالي، أو تسهيل تنفيذ الجريمة، محذّرًا من أن الامتناع عن اتخاذ إجراءات لمنع الإبادة يُحمّل الدول مسؤولية قانونية مباشرة.
وحث المرصد الدول ذات الاختصاص القضائي الإقليمي أو العالمي على فتح تحقيقات جنائية فورية ضد المتورطين في الجرائم، لا سيما المرتبطين بمؤسسة “غزة الإنسانية” أو الشركات الأمنية المتعاقدة معها، على خلفية جرائم تشمل القتل العمد، التجويع، والمعاملة القاسية أو المهينة.
وطالب بتحرك دولي عاجل لوقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وحماية المدنيين، وضمان امتثال “إسرائيل” لأحكام القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية، ومساءلتها على جرائمها.
كما دعا المرصد الأورومتوسطي إلى: تنفيذ أوامر التوقيف الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع السابق وتسليمهم للعدالة. وفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية على إسرائيل، تشمل حظر تصدير الأسلحة والمعدات ذات الاستخدام المزدوج.
وطالب بتجميد أصول المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في الجرائم، وفرض قيود سفر عليهم. وتعليق عمل الشركات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية في الأسواق الدولية، ووقف الامتيازات الاقتصادية والتجارية الممنوحة لإسرائيل.
وختم المرصد دعوته بتأكيد أن الإفلات من العقاب يُشجّع على تكرار الجرائم، وأن الوقت قد حان لتحرك دولي حازم لإنهاء جريمة الإبادة الجماعية التي تُرتكب في غزة تحت أنظار العالم.
من جهته، قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أمس الأحد: نحن أمام أكبر مجزرة جماعية في التاريخ الحديث، والعالم يتفرج على ذبح غزة وقتلها بالتجويع والإبادة دون أن يُحرّك ساكنًا.
وأشار المكتب، إلى ارتفاع عدد ضحايا طالبي المساعدات إلى أكثر من 995 شهيدا و6011 جريحا و45 مفقودا.
وترتكب “إسرائيل” منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وبدعم أميركي، إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة أكثر من 200 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.
