الثلاثاء أكتوبر 8, 2024
تقارير

الإخفاء القسري في  الدول العربية جريمة ضد الإنسانية

مشاركة:

تقرير -خديجة محمد

يحيي المجتمع الحقوقي في 30 أغسطس/ آب من كل عام اليوم العالمي لمكافحة جريمة الاختفاء القسري.

و الإشارة إلى شدة خطورة الاختفاء القسري أنه يشكّل جريمة ويشكّل في ظروف معينة يحددها القانون الدولي، جريمة ضد الإنسانية بحسب الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري المذكور في ميثاق الأمم المتحدة، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 47/133 المؤرخ 18 كانون الأول/ديسمبر 1992م.

وقد كان الزعيم النازي أدولف هتلر هو من ابتكر هذه الجريمة بموجب مرسوم أطلق عليه اسم “الليل والضباب” في 7 ديسمبر/كانون الأول 1941، استهدف به الناشطين المعارضين له خلال الحرب العالمية الثانية.

وبحسب بيانات الأمم المتحدة، تنتشر جرائم الاختفاء القسري عبر العالم، باعتبارها وسيلة لقمع المعارضين السياسيين وإرهابهم. ويقول (أنطونيو غوتيريش) الأمين العام للأمم المتحدة،” إن حالات الاختفاء القسري تسجل عبر العالم بشكل شبه يومي فيما لا يزال مصير الآلاف من المختفين مجهولاً”. ويضيف “أصبح الاختفاء القسري وسيلة للضغط السياسي على الخصوم في النزاعات المحلية بعد أن كان يقتصر على الدكتاتوريات العسكرية.”  بحسب وكالة بي بي.سي.

هذا وقد جاء في تقرير عن الأمم المتحدة  في منتصف عام 2020م ارتفاع عدد السجينات حيث أشار تقرير تم تقديمه لمجلس مجلس حقوق الإنسان إلى أن أكثر من 700 ألف امرأة يقبعن في السجون حول العالم،

وفي تصريح لها قالت (جورجيت غاغنون)، رئيسة العمليات الميدانية والتعاون التقني في مفوضية حقوق الإنسان: “على الصعيد العالمي، تمثل النساء ما بين 2 و10 في المائة من نزلاء السجون، لكن أعدادهن تتزايد بسرعة – أسرع من زيادة عدد السجناء الذكور.”

نماذج من الإخفاء القسري في البلدان العربية:

يعاني الكثير من العرب من حالات الإخفاء القسري في بلدانهم وخاصة تلك التي يجري فيها  نزاعات مسلحة؛ حيث تستغل أطرف النزاع حالة الفوضى وتبدأ بتحييد بعض القوى الفاعلة عن طريق الاعتقال، وأيضاً يُستخدم الاعتقال كطريقة لردع وتخويف باقي فئات الشعب من الحراك والنضال.

فلسطين:

بحسب منظمة وفا، منذ السابع من تشرين الأول 2023 بلغت حصيلة حملات الاعتقال أكثر من (4655) أعلاها في محافظة الخليل أكثر من ألف معتقلاً.

وقد وصل عدد الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي نحو (4780) أسيراً، حتّى نهاية شهر كانون الأول/ يناير 2023، من بينهم (29) أسيرة، ونحو (160) قاصرًا بينهم ثلاث أسيرات قاصرات، و(915) معتقلًا إداريًّا، من بينهم أسيرة و5 أطفال.

وبلغ عدد أوامر الاعتقال الإداريّ الصادرة خلال شهر كانون الأول (260) أمراً.

وأضافت المنظمة أن “هذه المعطيات لا تشمل أي معطى عن أعداد حالات الاعتقال من غزة، لكون الاحتلال يرفض حتى اليوم الإفصاح عنها” مما يعني وجود عدد غير معروف ولا محدد في سجون الاحتلال.

و وبعد طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، ووفق آخر إحصائيات “الأسير”، وصل عدد المعتقلين الفلسطينيين أكثر من 7000 معتقل، بينهم أكثر من 200 طفلا، و78 معتقلة، ومئات المرضى والجرحى، بينهم من بحاجة لتدخل طبي عاجل.

ويرافق حملة الاعتقالات عمليات تنكيل واسعة واعتداءات بالضرب المبرّح، وعمليات تحقيق ميداني، وتهديدات بحقّ المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب عمليات التخريب والتدمير الواسعة في منازل المواطنين، وعمليات الترويع والتهديد للمواطنين، بحسب وكالة الأناضول.

سوريا:

في المؤتمر الصحفي على هامش المؤتمر الذي نظمته جمعية المعتقلات السوريات بالتعاون مع اتحاد الجاليات العربية و الجمعية العربية في إسطنبول.

هذا وقد قالت: الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر في 15/ تشرين الثاني/ 2023 إلى وجود 135 ألفاً من المعتقلين في السجون السورية، غالبيتهم العظمى احتجزوا لدى النظام السوري الذي وظّف الإخفاء القسري بشكل منهجي، ضمن أدوات لقمع وإرهاب وإبادة الخصوم السياسيين. ووثق تقرير الشبكة حوادث الاختفاء القسري تلك اعتماداً على شهادات أهالي الضحايا.

وقد أوضحَ التَّقرير أنَّ معظم حوادث الاعتقال في سوريا تتمُّ من دون مذكرة قضائية لدى مرور الضحية من نقطة تفتيش أو في أثناء عمليات المداهمة، وغالباً ما تكون قوات الأمن التابعة لأجهزة المخابرات الأربعة الرئيسة هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال بعيداً عن السلطة القضائية، ويتعرَّض المعتقل للتَّعذيب منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ويُحرَم من التواصل مع عائلته أو محاميه. كما تُنكر السلطات قيامها بعمليات الاعتقال التَّعسفي ويتحوَّل معظم المعتقلين إلى مختفين قسرياً. وفي جريمة العصر كما أطلق عليها، والتي وثّقها مصوّر منشق عن نظام الأسد لُقّب باسم (قيصر) حين سرّب 55ألف صورة في مطلع عام 2014م، توثق هذه الصور11ألف ضحية قضت في معتقلات نظام الأسد، وبقي مصير عشرات الآلاف من المعتقلين مجهولاً.

ونشر موقع “زمان الوصل” روابط 2056 صورة لضحايا التعذيب التقطت في مشفى المزة 601، وقتلت في أفرع أمنية.

العراق:

وفي العراق وصل عدد ضحايا الاختفاء القسري منذ عملية الغزو عام 2003 وحتى عام 2014 اختفى قسريا 200.000 عراقي على يد الجيش الأمريكي وحلفائه.

وفي سبتمبر2023م تحدثت صحيفة الغارديان في تقرير لها عنوانه ” فضيحة أبو غريب لاتزال تلطّخ صورة الولايات المتحدة” وذلك عن موقع بي. بي.سي  في تقرير عن فضيحة سجن أبو غريب الذي لا يخفى على أحد بشاعة الصور التي وصلت منه.

وأضافت الغارديان أن الصور التي سُرّبت من سجن أبو غريب وشاهدها الكثيرون باتت تعكس في نظر هؤلاء ما هي النوايا الأمريكية الحقيقية في المنطقة: “ليس جلْب الديمقراطية والحرية، وإنما الخضوع والذل””

مصر:

يقول مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية ( فيليب أرثر)  “إن الاختفاء القسري تحول منذ عام 2013 إلى سياسة ممنهجة في مصر ضد كل من ينتقد النظام السياسي الذي يوظف أجهزة الأمن والسلطات القضائية للتغطية على آثار الجناة وإفشال التحقيق في مزاعم المجني عليهم”

هذا وقد أشارت المتحدثة باسم حركة نساء ضد الانقلاب المصريَة، (سلسبيل مسعد)

إلى أن عدد حالات الاعتقال التعسَفي للنساء المصريات منذ العام 2013، وصل إلى 2607 حالة، إضافة إلى 129 حالة اخفاء قسري. وذكرت ذلك في المؤتمر الصحفي على هامش المؤتمر الذي نظمته جمعية المعتقلات السوريات بالتعاون مع اتحاد الجاليات العربية و الجمعية العربية.

يُذكر أن حركة “نساء ضد الانقلاب” تأسست في الـ 14 من يوليو/تموز2014م، ضمن مجموعة من الروابط والحركات المجتمعية لدعم الشرعية ومناهضة الانقلاب.

اليمن:

وفي اليمن سجّلت تقارير دولية منذ اندلاع الحرب في عام 2015، ارتكاب أطراف الصراع – التحالف العسكري بقيادة السعودية والإمارات، وجماعة أنصار الله الحوثية، والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، والسلطات الموالية لحزب الإصلاح، والقوات الإماراتية والجماعات المدعومة منها والمجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المشتركة – جرائم الإخفاء القسري وانتهاكات خطيرة للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي في كافة أنحاء اليمن.

وطبقاً لتقارير منظمات المجتمع المدني فإن أطراف النزاع احتجزت مئات اليمنيين، عُذّب بعضهم واختفى وتوفي آخرون أثناء الاحتجاز، بينهم أكاديميون وصحفيون ومدافعون عن حقوق الإنسان. بحسب تقرير لموقع بي بي سي.

ويوثق تقرير منظمة “مواطنة” أكثر من 1600 حالة اعتقال عشوائي، منها 770 حالة اختفاء قسري، 344 حالة تعذيب، منذ عام 2016، ويتضمن أيضا روايات لمعتقلين سابقين، أو لأقارب لهم، أو لشهود عيان، أو لمحامين.

وأكد محققون بحسب بي.بي. سي. وفاة 66 شخصا في الاعتقال، كثير منهم بسبب التعذيب، الذي يشمل الصدمات الكهربائية، والتعليق، والضرب والتشويه، ويخشى أن يكون العدد الحقيقي أكبر من ذلك.

بعد هذا العرض لنماذج الإخفاء القسري يبدو جلياً أن هذه الجريمة هي أداة تستخدمها الأنظمة القمعية في سبيل السيطرة على شعوبها، فالنازي هتلر والكيان الصهيوني من بعده، والأنظمة الاستبدادية وجدت في الاعتقال والإخفاء القسري أداةً لتنحية النُّخب السياسية من ساحة الوجود، ووسيلة إرهابية لتخويف باقي المكونات المجتمعية، ولكن هذه الممارسات وإن تمادت وتوسعت لن تثني إرادة الشعوب عن الحياة.

إذا الشّعبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ            فــلا بــدّ أن يســتجيب القــدرْ

ولا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي                وَلا بُدَّ للــــقَيْدِ أَنْ يَـنْكَـــسِـر

أبو القاسم الشابي.

 

 

 

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *