الأمة : يزفُّ مركز تحقيق النصوص بجامعة الأزهر للباحثين بشرى صدور هذا العمل النفيس في بابه ضمن معرض القاهرة الدولي للكتاب لهذا العام: “الاعتراض في القرآن الكريم-دراسة بلاغية تحليلية”
تأليف فضيلة الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، ورئيس مركز تحقيق النصوص بها.
وقد أوضح فضيلته أنَّ للقرآن الكريم أسرارًا لا تُحَدُّ كما قال سهلُ بن عبد الله:
«لو أُعطِي العبدُ بكلّ حرفٍ من القرآن ألفَ فهمٍ لم يبلغ نهايةَ ما أودعهُ الله في آيةٍ من كتابه؛ لأنه كلامُ الله، وكلامُه صِفتُه ، وكما أنه ليس لله نهاية فكذلك لا نهاية لفهمِ كَلامِه، وإنما يفهمُ كلٌّ بمقدارِ ما يفتح الله عليه».
فلا عيشَ أفضل من العيشِ معه وله وبه، وإنّ العكوفَ عليه، والتفكرَ في تراكيبه، والغوصَ وراء أسراره ولطائفه بابٌ من العبادة والقُرْب.
وهذا الكتاب النفيس دراسة بلاغية لأسلوب الاعتراض في القرآن الكريم، وهو من أبرز الأساليب في القرآن الكريم وفي كلام العرب، وله فيهما مواقع رائعة، ومعانٍ بارعة، وأسرار لطيفة، ونُكَتٌ طريفة.
حتى قال عنه أبو الفتح ابن جني: «اعْلَمْ أنّ هذا القبيل من العلم كثير، قد جاء في القرآن، وفصيح الشعر، ومنثور الكلام، وهو جارٍ عندهم مجرى التأكيد».
وأنَّ مواضع الاعتراض في القرآن كثيرة، يصعبُ حَصرُهَا كما ألمحَ العلوي (صاحب الطراز) بقوله: «والاعتراض في القرآن أكثر من أن يُحصَى».
والبحث في الاعتراض بحث في موقع الجمل وروابطها، وكيف تنحدرُ الجملة من الجملة، ويتصلُ المعنى بالمعنى، وكيف تتفرَّع المعاني وتتشعبُ ويَنبنِي بعضها على بعض.
وهو دراسة لموقع الجملة من الفقرة، وموقع الفقرة من السُّورة كلها، أو من العمل الأدبي كلّه.
ولذلك فهو ينظرُ في الجملة لمعرفة طريقة سَبْكِهَا، وهل وقعَ بين أجزائها كلامٌ معترض؟ وينظر في اتصال المعاني في السورة، وطرائق الإنتقال من معنًى إلى معنًى.
وقد جاءَ هذا الكتاب القيِّم في: مقدمةٍ، وثلاثةِ فُصُولٍ، وخاتمةٍ:
-فجاء الفصلُ الأول بعنوان: «الاعتراض في اصطلاح العلماء»: ويقع في ستة مباحث، يتناول المبحث الأول: حقيقة الاعتراض لغة واصطلاحًا.
والثاني: مصطلح الاعتراض عند البلاغيين بشيء من الإيجاز، والثالث: الفرق بين الاعتراض عند النحاة والبلاغيين، ولما شاع في كتب التفسير جوازُ أن تكون الجملة حالًا أو اعتراضًا.
وخلصُ المبحث الرابع للتفريق بين الجملتين الحالية والمعترضة من خلال الآيات القرآنية مع الاستئناس بالشعر العربي الفصيح.
وجاء المبحث الخامس مفسرًا لظاهرة أخرى شاعت في بعض كتب المفسرين، وبخاصة عند الطبري والقرطبي، وهي: القول بأنَّ الاعتراض مُقدَّم من تأخير، وحاول هذا البحث تأصيل تلك المقولة.
وبيَّن أنها ترجع إلى ترجمان القرآن سيدنا عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- وبحث من خلال الآيات الفرق بين تقديم الاعتراض وتأخيره.
ووقف المبحث السادس مع حروف الاعتراض، وبيَّن الفرق بين الاعتراض بحرف وبغير حرف من خلال عرض الآيات وتحليلها، كما ناقش رأي المرحوم الشيخ (سُليمَان نَوَّار) في حقيقة واو الاستئناف، والفرق بين التعليل بحرف وبغير حرف.
وبهذا تمَّ الفصل الأول وتكوّنت من خلاله صورة كاملة لأسلوب الاعتراض، وكان مدخلًا لدراسة الاعتراض في القرآن الكريم.
وجاء الفصلُ الثاني بعنوان: «مواقع الاعتراض في القرآن الكريم»: ويقع في خمسة مباحث، يتناول كلُّ مبحث منها موقعًا من مواقعه؛ وهي:
الاعتراض في أثناء الكلام، والاعتراض بين كلامين متصلين معنى، والاعتراض التذييليّ، والاعتراض في الاعتراض، واعتراض الشرط على الشرط، وقد كثرت في هذا الفصل النماذج والتحليل.
وجاء الفصلُ الثالث بعنوان: «أغراض الاعتراض في القرآن الكريم»: وجمعها في خمسة عشر غَرضًا عامًّا، وبيّن أنّ هناك أغراضًا خاصة يؤخذ كلُّ غرضٍ منها من سياقه الذي وردَ فيه، وأكثر في هذا الفصل من النماذج والتحليل.
ثم جاءتِ الخاتمة: مشتملة على أبرز النتائج، ومتبوعة بثبتٍ تفصيلي لمواضع الاعتراض في القرآن الكريم في ضوءِ ما قامت به الدراسة من استقراء.
فذكرت الموضع وسُورته ورقم الآية ورقم صفحتها، ثم أعقبتُ الخاتمة بالفهارس الفنية المتنوعة لهذا الكتاب.
ومن جانبه أكد الدكتور إبراهيم الهدهد، مدير مركز تحقيق النصوص بالجامعة، ومساعده الدكتور أحمد رجب أبو سالم.
أن هذا العمل العزيز المتميز في بابه يُعَدَّ بصدقٍ أضافةً قيمةً وجديدة في الدراسات القرآنية للمكتبة العربية بعامة ، ولدارسي البلاغة خاصة.
وأنه من سلسلة الأعمال العلمية لفضيلة الدكتور سلامة داود، رئيس الجامعة، التي ستصدرُ تباعًا -بمشيئة الله تعالى.