“الإمام عبد الرحمن الأَوْزاعي”.. الفقيه صاحب المذهب المُندثِر
الإمام الأوزاعي ..
قال عنه الإمام مالك: “كان الأَوْزَاعِيُّ إمامًا يُقتدى به”.
وقال سفيان بن عُيينة وغيره: “كان الأَوْزَاعِيُّ إمام أهل زمانه”.
وقال محمد بن عجلان:” لم أرَ أحدًا أنصح للمسلمين من الأَوْزَاعِيِّ”.
وقال يحيى بن معين: “العلماء أربعة: الثوري، وأبو حنيفة، ومالك، والأَوْزَاعِيُّ”.
(عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد الأوزاعي، ويُكنّى بـ أبي عمرو)
الميلاد: 707م، بعلبك، لبنان
الوفاة: 16 يناير 774م، بيروت، لبنان
– وُلِدَ الإمام عبد الرحمن الأوزاعي في مدينة بعلبك في لبنان، في عام 88هـ، ثم انتقل بعد ولادته إلى قرية الكرك في لبنان، حيث نشأ فيها، وقد توفي والده وهو لا يزال طفلًا صغيرًا.
مذهب الإمام الأوزاعي الفقهي:
– مِن أبرز الأئمة والفقهاء، وأحد كبار تابعي التابعين، فقد نبغ وبرع في العديد من العلوم الإسلامية، كتفسير القرآن، وحفظ الأحاديث، والفقه، والأخبار، والمغازي، وشهد له بذلك كبار علماء عصره، وقد بلغت مكانته العلمية الرفيعة الحد الذي جعلته يجلس للفتوى وهو لا يزال في الخامسة والعشرين من عمره فقط، كما كان إمامًا في علم الحديث روايةً وتأويلًا، حيث روى الحديث عنه البخاري ومسلم، ويُعدّ الأوزاعي كذلك من أوائل العلماء الذين ألّفوا الكتب والمصنفات في مجال الفقه، إلى جانب ذلك فقد كان الأوزاعي صاحب مذهب فقهي خاص به والذي كان سائدًا آنذاك في بلاد الشام، والمغرب، والأندلس، إلا أنّ مذهبه هذا قد اندثر وانحسر، بسبب انتشار المذهب المالكي، والمذهب الشافعي، وحلولهما مكانه.
– كانت حلقاته العلمية ومجالسه قِبلة لطلاب العلم الذين أتوا من كل مكان ليسمعوا عنه الحديث والفقه، الأمر الذي أكسبه شهرة واسعة، وساعد على نشر فقهه واجتهاداته بين الناس، كما سمع عنه كبار علماء ذلك العصر أمثال “شعبة، والثوري، وابن المبارك، ومالك، ويحيى القطان”
الإمام الأوزاعي صاحب المذهب المندثر
– أسَّسَ الأوزاعي مذهبه الفقهي الخاص به، واعتمد فيه على استخدام النصوص وما نُقلَ عن الصحابة، كما كان يسند فتاويه وأقواله إلى الأحاديث التي يرويها، وعلى الرغم من ضياع مذهبه واندثاره في أواخر القرن الرابع الهجري، وذلك نتيجة إهمال تلاميذه، وعدم قيامهم بتدوينه وتطويره، إلا أنه قد تم حفظه في كتب الفقه المقارن، ككتاب الشافعي “سير الأوزاعي”، ومما يجدر ذكره أيضًا أنّ الأوزاعي كان في شبابه من المجاهدين الذين رابطوا في بيروت لصد غارات السفن الرومية عليها، كما عُرف عنه جرأته في الحق، ووقوفه أمام الحكام المستبدين، وعدم خشيته منهم، ودفاعه عن المظلومين، ومحاولته صد الظلم عنهم، حتى وإن كان المظلوم من ديانة أخرى غير الإسلام.
من أشهر أقوال الإمام الأوزاعي:
1- مَن أخذ بنوادر العلماء (الأقوال الغريبة) خرج من الإسلام. (أي: زلات العلماء، فمن اتبع زلة كل عالم اجتمع فيه الشر كله)
2- ما ابتدعَ رجلٌ بدعةً إلا سُلِبَ الورَع.
3- مَن أكثر ذِكر الموت كفاه اليسير، ومن علِم أن منطقه من عمله قلَّ كلامه.
4- إنّ المؤمن يقول قليلًا ويعمل كثيرًا، وإنّ المنافق يقول كثيرًا ويعمل قليلًا.
5- إذا أراد الله بقومٍ شرًا فتح عليهم الجدل ومنعهم العمل.
6- إذا أراد الله أن يحرم عبده بركة العلم، ألقى على لسانه الأغاليط.
7- العافية عشرة أجزاء، تسعة منها صمت، وجزءٌ منها الهرب من الناس.
8- قال بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ: قال لي الأَوْزاعي: يا بقيةُ، لا تذكر أحدًا من أصحاب نبيك إلا بخير، يا بقية، العلمُ ما جاء عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وما لم يجِئْ عنهم، فليس بعلم.
9- قال الوليد بن مسلم: كنا إذا جالسنا الأَوْزاعي فرأى فينا حدَثًا [أي ولدًا صغيرًا]، قال: يا غلام، قرأتَ القرآن؟ فإن قال: نعم، قال: اقرأ: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ﴾ [النساء: 11]، فإن قال: لا، قال: اذهب تعلم القرآن قبل أن تطلب العلم.
10- من أطال القيام في صلاة الليل، هوَّن اللهُ عليه طول القيام يوم القيامة.
11- عليك بآثار مَن سلف وإن رفَضك الناس، وإياك ورأيَ الرجال وإن زخرفوه بالقول؛ فإن الأمر ينجلي وأنت منه على طريق مستقيم.
12- اصبر على السُّنّة، وقِف حيث وقف القوم، وقُل ما قالوا، وكُفَّ عمّا كفّوا، واسلك سبيل سلفك الصالح؛ فإنه يسَعُك ما يسعهم.
13- لا يكون في آخر الزمان شيءٌ أعزُّ من أخ مؤنس، أو كسب درهم من حِلِّه، أو سنة يعمل بها.
من أشهر مؤلفات الإمام الأوزاعي:
1- كتاب: السنن في الفقه.
2- كتاب: المسائل في الفقه.
3- كتاب: السِّيَر.
4- كتاب: المسند.
مكانة الإمام الأوزاعي:
– يكفي لبيان مكانته العلمية ترجيح الإمام مالك بن أنس فتوى للأوزاعي على فتواه هو نفسه، إذ يروي أبو زرعة الدمشقي رجوع مالك عن فتواه تلك قائلا: “أصاب الأوزاعي”! بل إن الإمام مالك قدّمَ الأوزاعي على سفيان الثوري، وأبي حنيفة – حين سُئل عنهم – قائلا: “كان أرجَحَهم الأوزاعي”.
– قال سفيان بن عيينة: كان إمامَ أهل زمانه.
– قال بشر بن الوليد: رأيتُ الأَوْزاعي كأنه أعمى من الخشوع.
– قال يحيى بن معين: العلماء أربعة: الثوري، وأبو حنيفة، ومالك، والأَوْزاعي.
– قال عبد الله بن المبارك: لو قيل لي: اختَرْ لهذه الأمة، لاخترت سفيان الثوري، والأَوْزاعي، ولو قيل لي: اختر أحدهما، لاخترت الأَوْزاعي؛ لأنه أرفقُ الرَّجلين.
– قال عبد الرحمن بن مهدي: إنما الناس في زمانهم أربعة: حماد بن زيد بالبصرة، والثوري بالكوفة، ومالك بالحجاز، والأَوْزاعي بالشام.
– قال الشافعي: ما رأيت رجلًا أشبه فقهه بحديثه من الأَوْزاعي.
– قال بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ: مَن ذكر الأَوْزاعي بخير، عرَفنا أنه صاحب سُنَّة، ومن طعن عليه عرَفنا أنه صاحب بدعة.
………..
يسري الخطيب