في تحول غير مسبوق في السياسة الدفاعية الأوروبية، وافق المجلس الأوروبي في 6 مارس 2025 على خطة ضخمة بعنوان “إعادة تسليح أوروبا”، بقيمة 800 مليار يورو. تهدف الخطة إلى تعزيز القدرات العسكرية لدول الاتحاد عبر رفع الإنفاق الدفاعي إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مع تخصيص 150 مليار يورو من خلال آلية اقتراض أوروبية جديدة تحمل اسم (Security Action for Europe).
تعكس هذه الخطة تحوّل الاتحاد من كيان ذي دور دفاعي محدود إلى لاعب جيوسياسي أكثر حزماً في مواجهة تهديدات عالمية متزايدة، أبرزها روسيا. وتبرر المفوضية الأوروبية الخطة بالحاجة إلى مواجهة الخطر الروسي المتصاعد وتحفيز الاقتصاد الراكد، حيث يُعوَّل على الاستثمار العسكري كوسيلة لتعزيز النمو وفرص العمل.
مع ذلك، يشكك خبراء اقتصاديون واستراتيجيون في فاعلية هذه الرؤية، مشيرين إلى أن التهديد الروسي المباشر لأوروبا ليس مؤكدًا، وأن الصناعات الدفاعية لا توفر عائدًا اقتصاديًا كافيًا مقارنة بقطاعات مثل التعليم أو الطاقة الخضراء. كما تُخشى عواقب تحميل الميزانيات الوطنية مزيدًا من الديون، ما قد يؤدي إلى تقليص الإنفاق الاجتماعي.
وترى مراكز الفكر مثل “معهد كيل” و”بروغل”، إلى جانب كبرى شركات الدفاع الأوروبية، في المشروع فرصة لتعزيز الصناعات المحلية وزيادة الأرباح. بينما تحذّر النقابات من أن هذه السياسات يجب أن تُرفق باشتراطات اجتماعية تحفظ حقوق العمال وتُجنّب تآكل دولة الرفاه.
المشروع المدعوم من حكومات ألمانيا وفرنسا وبولندا والبيروقراطية الأوروبية لا يزال في بدايته، لكنه يعكس طموحًا جديدًا لتوسيع نفوذ أوروبا العالمي عبر بوابة العسكرة، وسط تحديات اقتصادية وهيكلية ضخمة داخل القارة.
المصدر: The Intercept – مقال بعنوان “Europe’s Militarization Plan Is a Gift to Arms Dealers” نُشر في مارس 2025.