في ظل تصاعد هجمات الجماعات المسلحة وانتشار حالة الطوارئ الأمنية في منطقة الساحل الأفريقي.. يبرز السؤال حول دور الاتحاد الأفريقي في احتواء الأزمة واعاده بناء الثقة مع الدول المتضررة،
ومن هنا وبحسب الخبير الموريتاني في الشئون الإفريقية سلطان البان فتعد زيارة وزير الخارجية الأنجولي تيتي انتونيو مبعوث رئيس الاتحاد الأفريقي جواو لورينسو إلى مالي والنيجر وبركنا فاسو خطوة مهمة في سياق متغير حيث تبحث القارة الافريقية عن توازن بين الحفاظ على الشرعية الديمقراطية وضرورة مواجهة تحديات الإرهاب والأزمات الإنسانية.
ومع تعليق عضوية مالي والنيجر وبركينا فاسو في الاتحاد الأفريقي بسبب الانقلابات العسكرية وجدت هذه الدول نفسها في عزلة إقليمية خانقة لكنها شكلت تحالفا عسكريا وأمنيا جديدا تحت مسمى كونفدرالية الساحل يهدف إلى تعزيز الأمن المشترك ومواجهة التهديدات الأمنية.
ووفقا للبان فإن زيارة المبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي جاءت تؤكد أن الاتحاد الأفريقي لا يزال يولي أهمية قصوى لوضع دول المنطقة المنعزلة ويسعى إلى إعادة الحوار مع الحكومات الانتقالية الحاكمة في هذه البلدان بعيدا عن سياسة الإدانة والعقوبات التي اتبعتها المجموعة الاقتصادية لدول الغرب إفريقيا “إيكواس”

يأتي هذا في الوقت الذي تشهد تشهد منطقة الساحل تصاعد غير مسبوق فيها هجمات الجماعات المسلحة حيث أصبحت مركزا عالميا للإرهاب.
وتفرض هذه الجماعات سيطرتها على مناطق واسعة وتقيّد حركة السكان والبضائع بين هذه الدول كما تمنع وصول المساعدات الإنسانية ما أدى إلى نزوح ملايين الأشخاص وانهيار الخدمات الأساسية في هذه البلدان.
وتشير الأرقام إلى أن بوركينا فاسو وحدها تضم أكثر من 2,1 مليون نازح داخليا بينما يبلغ العدد الإجمالي لنازحي المنطقة نحو 2.8 مليون شخص الحكومات العسكرية في الدول الثلاث تعتمد على خطاب السيادة الوطنية و تفضيل التحالفات مع روسيا وتركيا وإيران على حساب الشركاء الغربيين التقليديين
ويعكس هذا التحول في التحالفات فقدان الثقة في قدرة منظمة دول غرب إفريقيا “إيكواس” والاتحاد الأوروبي على تقديم دعم فعال خاصة بعد انسحاب القوات الفرنسية من المنطقة.
وكذلك تشكل تحالف دول الساحل بين مالي والنيجر وبركينا فاسو كما تؤكدتغريدة البان علي منصة “إكس “نموذجا جديدا للتعاون الإقليمي حيث أعلنت هذه الدول عن إنشاء قوة عسكرية مشتركة قوامها 5000 جندي معززة بموارد برية وجوية واستخباراتية هذا التحالف يركز على الأمن المشترك وسيادة الوطنية ويسعى لتعويض الفراغ الذي خلفه انسحاب القوات الأجنبية
لكن هذا التوجه يزيد من الانقسامات مع منظمة دول غرب أفريقيا “إيكواس” والاتحاد الأفريقي حيث تفضل الحكومات العسكرية الحوار المباشر مع الشركاء الدوليين الجدد بينما تواصل المنظمات الإقليمية مطالبتها بالعودة إلى الحكم المدني واحترام حقوق الإنسان والديمقراطية.
بدوره يواجه الاتحاد الإفريقي تحديات كبيرة في إيجاد أرضية مشتركة مع الحكومات العسكرية في الساحل من جهة يسعى الاتحاد إلى إعادة بناء الجسور عبر الحوار والاستماع إلى مخاوف هذه الدول.

ومن جهة أخرى يواصل الضفة من أجل العودة إلى الشرعية الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. المجتمع الدولي بما في ذلك الأمم المتحدة يحاول دعم جهود الاستقرار عبر مبادرات متكاملة لكن النتائج تبقى محدودة بسبب تعقيدات الصراع وضعف التنسيق بين الأطراف.
في ظل استمرار الوضع الراهن وفقا للخبير الموريتاني في الشئون الإفريقية يبدو أن المنطقة مقبلة على مزيد من التدهور الأمني والإنساني مع زيادة النزوح واللجوء وانتشار الإرهاب جنوبا نحو دول ساحل الغربي نجاح التحالف العسكري الجديد في تحقيق تقدم امني قد يعزز مكانته الإقليمية
لكن من المهم الإشارة إلي أن تحقيق أي تقارب بين دول الساحل والاتحاد الأفريقي يتطلب تنازلات من الطرفين خاصة فيما تعلق بجدول العودة إلى الحكم المدني واحترام حقوق الإنسان.
في النهاية يبقى دور الاتحاد الأفريقي حاسما في تحقيق التوازن بين الضغط من أجل الديمقراطية وضرورة دعم جهود مكافحة الإرهاب ومواجهة التحديات الإنسانية