الكتاب “البروباجندا السياسية”
المؤلف: فريدريك بارتليت
اللغة الأصلية: الإنجليزية
مضمون الكتاب وأهميته
يرتكز الكتاب على تحليل نفسي ومعرفي عميق لتقنيات الدعاية (البروباجندا) السياسية، باعتبارها أداة محورية في تشكيل الرأي العام والتأثير على الوعي الجمعي، خاصة خلال الحروب والأزمات والتحولات السياسية الكبرى.
يعرض بارتليت كيف تُبنى الرسائل الدعائية، وكيف تستهدف مشاعر الناس وغرائزهم، وتُعيد تشكيل الواقع بحيث يوافق مصالح الجهة المُروِّجة.
تكمن أهمية الكتاب في كونه من أوائل المؤلفات التي تناولت الدعاية من منظور نفسي علمي، حيث يربط بين الإدراك والذاكرة الفردية من جهة، وبين التلاعب المنهجي في الخطاب العام من جهة أخرى. وقد أسهم هذا العمل في التأسيس المبكر لعلم “سيكولوجيا الجماهير” والدعاية، قبل أن يطورها لاحقًا علماء أمثال إدوارد بيرنايز.
أهم المحاور والفصول
1- الدعاية كأداة إدراكية:
يتناول فيها كيف تُبنى الصور الذهنية داخل عقول الجماهير، لا كحقائق، بل كتمثيلات انتقائية تؤثر في السلوك السياسي.
2- الذاكرة والتكرار:
يشرح العلاقة بين التكرار والرسوخ النفسي، ويبين كيف تكرار الرسائل يجعلها أكثر تصديقًا، حتى إن خالفت المنطق.
3- التحيّز والانحياز الجماعي:
يناقش الكيفية التي تخلق بها البروباجندا شعورًا زائفًا بالانتماء أو بالعداء من خلال الاستقطاب العاطفي.
4- البروباجندا في أزمنة الحرب:
فصل تطبيقي يستعرض دعاية الحرب العالمية الأولى كنموذج عملي، ويكشف كيف شُيطن “العدو” وكيف جُندت المشاعر.
أهم المقولات
“العقل لا يُقنع بالحجج، بل يُشكَّل بالتكرار”.
“الدعاية السياسية لا تهدف إلى الحقيقة، بل إلى التأثير”.
“حين تصبح الأكاذيب مألوفة، يصير الصمت خيانة”.
سيرة المؤلف
فريدريك بارتليت (1886–1969)، عالم نفس بريطاني وأستاذ بجامعة كامبريدج. عُرف بأبحاثه الرائدة في الإدراك والذاكرة، ويُعد أول من شغل منصب أستاذ علم النفس التجريبي بجامعة كامبريدج. من أبرز مؤلفاته كتابه الشهير “الذاكرة: دراسة في علم النفس التجريبي والاجتماعي” (1932)، والذي أثر لاحقًا في بحوث الإعلام والدعاية السياسية.
البعد السياسي للكتاب
يحمل الكتاب بعدًا سياسيًا بالغ الأهمية، إذ لا يتناول البروباجندا كمجرد ظاهرة إعلامية، بل يكشف عن بنيتها السلطوية وقدرتها على هندسة السلوك العام وتوجيه التاريخ. يستعرض كيف استخدمتها الأنظمة الاستبدادية والديمقراطية على السواء، ويُلمّح إلى ضرورة وعي الجماهير بها كآلية مقاومة لا كأداة استسلام.
يظل “البروباجندا السياسية” نصًا مرجعيًا لفهم كيفية صناعة الوعي وتوجيه الشعوب، وهو كتاب سابق لعصره، يجمع بين صرامة البحث النفسي وعمق الرؤية السياسية، مما يجعله قراءة ضرورية لكل مهتم بالإعلام أو السياسة أو علم النفس الجماهيري.