تقارير

البطاطس في مصر.. ماذا يخبرنا ارتفاع الأسعار عن اقتصاد البلاد وتغير المناخ؟

الأمة| تعد البطاطس أحد المحاصيل الإستراتيجية في مصر وهي غذاء أساسي يعتمد عليه المصريون خاصة مع الموجة التضخمية التي تشهدها البلاد وانخفاض القدرة الشرائية نتيجة انخفاض قيمة العملة المحلية للمرة الرابعة.

وقال تجار في إنتاج وتوزيع البطاطس لبوابة «الأهرام أونلاين» إن ارتفاع أسعار البطاطس نتيجة ارتفاع الطلب عن العرض، يمكن أن يعزى إلى التداعيات المدمرة لتغير المناخ التي أتلفت جزءاً من المحاصيل ونقص الدولار في مصر منذ أكثر من عامين، ما أثر على استيراد بذور البطاطس للموسم الذي انتهى في 30 يونيو/حزيران الماضي.

ومن المتوقع أن تختفي ارتفاعات أسعار البطاطس في السوق المحلية مع بداية الموسم الجديد في نوفمبر/تشرين الثاني.

وقال حاتم النجيب نائب رئيس شعبة الخضراوات والفواكه باتحاد الغرف التجارية المصرية لـ«أوكسفام»: «تعتمد زراعة البطاطس عادة على البذور المستوردة والبذور المحلية المتبقية من الموسم السابق لزراعة المحصول الجديد، إلا أن الموسم الذي انتهى مؤخرا واجه مشاكل حتى قبل أن يبدأ بسبب صعوبة استيراد البذور بسبب أزمة الدولار، ما أدى إلى خفض الكميات بنحو 25 في المائة مقارنة بالأعوام السابقة».

وأضاف أن إنتاجية مخلفات البذور المحلية المستخدمة في الزراعة انخفضت أيضاً، ما يشير إلى أزمة محتملة في مختلف المحاصيل في السوق، وليس فقط البطاطس، بسبب ارتفاع درجات الحرارة والتغير المناخي غير المسبوق.

وبحسب النقيب فإن هذه المشكلة أدت إلى إتلاف جزء من المحاصيل.

وأشار إلى أن إنتاجية الفدان الواحد انخفضت من 14-16 طناً عام 2023 إلى 9-12 طناً عام 2024، فيما بلغ إنتاج البذور المتبقية محلياً نحو 7-10 أطنان للفدان الواحد.

وبذلك انخفضت الكميات الداخلة إلى الأسواق للتداول اليومي بنسبة تتراوح بين 35 و40 في المئة، ما تسبب في نقص المعروض وارتفاع الأسعار إلى مستوياتها الحالية.

وأوضح النجيب أن سعر طن البطاطس بالجملة يتراوح بين 19 و23 ألف جنيه، بينما يتراوح سعر طن التجزئة بين 30 و35 ألف جنيه، ويبلغ إنتاج مصر من البطاطس نحو سبعة ملايين طن سنويا.

البطاطس غذاء أساسي

وأكد النجيب أن البطاطس من السلع الاستراتيجية بالسوق، وشهدت خلال الفترة الأخيرة زيادة في الطلب عليها، بسبب ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن والأسماك وغيرها.

وقال النقيب إن «على وزارة الزراعة الإفراج عن الكميات التي حصلت عليها من البطاطس للفحص قبل السماح بعمليات التصدير، عبر منافذ البيع التابعة لها بسعر التكلفة، الأمر الذي من شأنه أن يساعد على خفض الأسعار وزيادة المعروض في السوق».

واقترح بيع البطاطس بسعر التكلفة في منافذ بيع الأهرام والنيل، ومراقبة أماكن التخزين، وتأجيل أي عقود تصدير جديدة، والالتزام بالعقود الموقعة سابقا للحفاظ على سمعة مصر في الأسواق العالمية، وهو ما قد يؤدي إلى خفض الأسعار بنحو 25 إلى 30%.

ولم تساهم البطاطس المزروعة للأغراض الصناعية في الأزمة، حيث أبرمت المصانع عقوداً مع المزارعين لتأمين احتياجاتهم من التوريد طوال العام من خلال التخزين. وعادة ما تكون هذه البطاطس حمراء اللون، وتُعرف باسم “روزيتا”، وتستخدم للقلي.

قال رئيس اتحاد منتجي البطاطس أحمد الشربيني، إن مصر تحتل المركز العاشر عالميا في حجم الإنتاج والرابعة في الصادرات.

وبحسب بيانات وزارة الزراعة، فإن صادرات البطاطس تأتي بعد الحمضيات كأهم الصادرات الزراعية، محققة رقماً قياسياً يتجاوز المليون طن في عام 2023.

وعن دعوات وقف تصدير البطاطس، قال الشربيني إن الاقتصاد المصري سيعاني أيضًا في المستقبل، لأن الصادرات الزراعية لها طبيعة فريدة مقارنة بقطاعات التصدير الأخرى، كما أن المنتجات المصرية ستستغرق وقتًا حتى تحصل على الموافقة في مختلف الدول، وستستغل الدول المنافسة الفرصة للاستحواذ على حصة مصر في السوق، مما يجعل من الصعب استعادة حصتها.

وأكد أن الأزمة الحالية استثنائية بسبب التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية وانخفاض كميات تقاوي البطاطس المستوردة بسبب أزمة الدولار، ما أدى إلى انخفاض الكميات من 140 ألف طن إلى نحو 110 آلاف طن، بينما ارتفع سعر طن تقاوي البطاطس من 35 ألف جنيه إلى ما بين 100 و120 ألف جنيه.

وأشار الشربيني إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب دعم الدولة لمزارعي البطاطس حتى يستمر الإنتاج في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج خاصة للمزارع الصغيرة.

تدرس مصر رفع أسعار الأسمدة المدعمة بنسب تصل إلى 30%، ليرتفع السعر إلى نحو 6250 جنيها للطن مقارنة بـ4800 جنيه حاليا، لمواجهة الارتفاع الكبير في تكاليف الإنتاج خلال الفترة الأخيرة، بحسب مصادر حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى