– في مثل هذا اليوم 11 يوليو 1995م، كانت مذبحة سربرنيتشا بالبوسنة، وبعدها بأيام نشرت جريدة (المسلمون) التي كانت تصدرها شركة الشرق الأوسط السعودية من لندن، قصيدة مبكية للشاعر الدكتور عبد الرحمن صالح العشماوي، لا أتذكّر منها إلا البيت الأول: (بيني وبينك يا سراييفو سِمة – منعت دخولي للبلادِ المسلمة).. (القصيدة لا وجود لها على النت ولا في دواوين العشماوي)
– وقصة المذبحة بدأت أثناء الحرب الأهلية اليوغوسلافية، فقد تحولت مدينة سربرينيتشا الصغيرة في البوسنة إلى ساحة لأكبر حملات التطهير العرقي في التاريخ البشري..
– حاصر الصرب المدينة وقتلوا حوالي ثمانية آلاف من مسلميها.. رغم وجود قوات حفظ السلام الهولندية التي شارك بعض أفرادها في الاعتداء على المسلمات.
وقد استمرت الحرب في يوغسلافيا حوالى 4 سنوات، وقتلَ اليوغسلاف الصليبيون (الصرب والكروات) أكثر من 200 ألف مسلم، حسب التقديرات البوسنية، و100 ألف حسب تقديرات الأمم المتحدة، وسط صمت تام من جميع بلدان العالم.
البداية:
كانت جمهورية البوسنة والهرسك الاشتراكية متعددة الأعراق مأهولة بشكل رئيس بـ:
البوشناق المسلمين (%44)
الصرب الأرثوذكس (%31)
الكروات الكاثوليك (%17).
وعقب إعلان السيادة الوطنية في 15 أكتوبر 1991م، عندما بدأت يوغوسلافيا السابقة في التفكك، أُجري استفتاء من أجل الاستقلال في 29 فبراير 1992م، وتم الاعتراف رسميًا بجمهورية البوسنة والهرسك من قِبل المجتمع الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية في أبريل 1992م.
وقد رفض الممثلون السياسيون للصرب البوسنيين الذين أضربوا عن النتيجة التي جاءت لصالح الاستقلال.
– عقب إعلان الاستقلال، هاجمت القوات الصربية، بدعم مباشر من روسيا ومن الجيش اليوغوسلافي الشعبي، جمهورية البوسنة والهرسك.
– بدأت المأساة عام 1992م، بعد أن قامت القوات الصربية بمحاولة السيطرة على مساحة شاسعة من الأراضي في شرق البوسنة والهرسك، بهدف ضمها إلى جمهوريتهم، فبدأت المناوشات بين قوات الصرب الصليبية، وأهالي البوسنة المسلمة، إلى أن أتى أبريل 1993م، حيث أعلنت الأمم المتحدة أن بلدة سربرنيتشا الواقعة في شمال شرق البوسنة (منطقة آمنة)، وأنها تحت حماية الكتيبة الهولندية في قوات الأمم المتحدة،
– طلبت الكتيبة الهولندية الخائنة من أهالي “سربرنيتشا” تسليم جميع أسلحتهم لضمان حمايتهم، وانخدع المسلمون، وتحت وعود الحماية وضمان الأمن وسلامة الأرواح قام المتطوعون البوسنييون الذين كانوا يدافعون عن بلدتهم بتسليم أسلحتهم بالكامل،
– في عام 1995م، وتحديدًا خلال الفترة ما بين 11 – 22 يوليو، قامت القوات الصربية مدعومة من الجيش اليوغوسلافي وروسيا، بالقيام بعمليات تطهير عرقي ممنهجة ضد المسلمين البوسنيين في سربرنيتشا الذين كانوا قد سلّموا أسلحتهم للكتيبة الهولندية الخائنة، في واحدة من أسوأ المذابح الجماعية ضد المسلمين في التاريخ الحديث..
– بعد دخول القوات الصربية إلى البلدة، قاموا بجمع الذكور من 14 إلى 50 عاما، وذبحوهم جميعا.. ثم قاموا بتجميع (20 ألف) من الأطفال وكبار السن في شاحنات، ولا يُعرف مصير معظمهم للآن..
– الكارثة الكبرى كانت في التعامل مع السيدات.. فقد تمت عمليات اغتصاب ممنهجة وبشكل بشع ضد النساء والفتيات المسلمات (كانت عمليات الاغتصاب للمسلمات بأوامر عسكرية يوغوسلافية، ومن يرفض من جنود الصرب والكروات؛ يتم قتله في الحال، ولم تنج أي أنثى زاد عمرها عن 8 سنوات من الاغتصاب في سربرنيتشا).. وقد شارك فيها جنود الكتيبة الهولندية التي خدعت مسلمي سربرنيتشا (طيبة وسذاجة) وأخذت كل أسلحتهم.
– على مدار 11 يومًا فقط تم قتل أكثر من 8 آلاف شخص (طبقا لحصيلة الأمم المتحدة)، بمساعدة الكتيبة الهولندية التي كانت تعيد من يلجأ إليها، إلى القوات الصربية مرة أخرى ليلقى حتفه، حتى محاولة الهروب من جحيم الموت الصربي، إلى مدينة توزلا في شمال شرق البوسنة، لم تكن ممكنة، حيث تعرّضَ 12 ألف بوسني لإطلاق النيران من قِبَل قناصين صربيين،
– مجزرة سربرنيتشا جزء من الحرب في البوسنة والهرسك التي استمرت لمدة 3 سنوات ونصف، قُتِلَ فيها حوالي 312 ألف شخص، وفرار 2 مليون شخص لبلدان أخرى، وأكثر من 27 ألف شخص مفقود للآن. حسب السجلات الرسمية،
أما عمليات البحث عن المقابر الجماعية، فقد أسفرت بعد ربع قرن عن الوصول إلى حوالي 20 ألف جثة، تم تحديد هوية 18 ألف منهم، على الرغم من صعوبة تحديد الهويات، لأن معظمهم تم حرقه قبل إلقائه في المقابر الجماعية.
———-
يسري الخطيب