مضر أبو الهيجاء
إن المشهد القائم اليوم في سياق التجربة الإسلامية الواعدة على أرض الشام المباركة يمر بلحظة حرجة، حيث تجري على عموم وخواص السوريين سنن الله في الابتلاء، وقد جعل الله ترامب في محل العجل الذي أتلف بني إسرائيل بعد أن أنقذهم الله من فرعون، وقد جاء ترامب الرجيم ليتلف دين السوريين من خلال موقف عظيم ومطلب خطير، وذلك بعد أن أنقذهم الله من مكابس وسجون صيدنايا، كما أنقذ بني إسرائيل من فرعون اللعين.
فماذا أنتم فاعلون ولربكم قائلون أيها السوريون يا أحفاد الصحابة؟
النازلة السورية أين نجد شبيهها ودليلها إلى الرشاد والاستقامة والصراط في القرآن الكريم؟
إن مصطلح النازلة السورية يشير إلى ابتلاء عظيم يرتبط بمنعرج كبير، يمكن أن يخرج سورية الجديدة وأهلها الميامين عن الصراط المستقيم، إذا ما وافقت الكينونة الجديدة المكونة من الحكام والعلماء والشعب على التطبيع مع أعداء الله وقتلة الأنبياء ومحتلي الديار الشامية والمصرية وبيت المقدس -عقيدة المسلمين-.
إن ما يجري اليوم في أرض الشام نجد صداه في كتاب الله الكريم حيث قصة طالوت عليه السلام، فاستمع يا عبد الله يا مسلم يا سوري يا موحد، وارفع رأسك عاليا وقل أنا من أتباع طالوت الذين يظنون أنهم ملاقوا الله.
يقول سبحانه وتعالى في سورة البقرة:
فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (252).
لماذا يبرز الموقف الصلب تجاه اتفاقية ابراهام كواجب الوقت؟
لأن هذا الموقف سيرسم بوصلة الشام السياسية المستقبلية، ولن تكون نهاياته المريرة كبداياته ووعوده الخادعة الممتعة والجميلة، وإن من لم يعتبر مما جرى لمصر الكبيرة -حيث أفقرت رغم كل الوعود والأحضان والورود- وفلسطين الصغيرة -حيث قسمت وبعثرت- لا يستحق الحياة ولا أن يكون قائدا للمسيرة.
وبكلمة يمكن القول أن السوريين اليوم أمام منعرج خطير – اتفاقية ابراهام -، وهو فتنة تأتي في سياق سنن الابتلاء قبل استحقاق النصر والتمكين، وعليهم أن يختاروا، فإما أن يشربوا من ماء النهر فيضلوا بعد ذلك ويضيعوا ويتجرعوا عذابات قادمة، وإما أن يكتفوا من النهر بغرفة باليد، ويكملوا الطريق خلف طالوت هذا العصر، والذي يدعوهم إلى ما يرضي الرب سبحانه.
مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 16/5/2025