لا يعتقد أن تفاعلات اللقاء الذي جمع وزيرة خارجية حكومة الوحدة الوطنية الليبية نجلاء المنقوش ونظيرها الصهيوني أيلي كوهين ستقف تداعياته عند قرار عبدالحميد الدبيبة بوقف المنقوش عن مباشرة أعمال الوزارة والسماح لها بمغادرة البلاد الي تركيا في إطار مساعي الدبيبة لامتصاص الغضب الشعبي الذي ظهر بشكل واضح في المظاهرات الكبيرة التي شهدتها المدن الليبية اعتراضا علي التطبيع مع العدو الصهيوني
كذلك لا يتصور أن تنجح زيارة الدبيبة لمقر السفارة الفلسطينية في طرابلس وتأكيده علي موقف الشعب الليبي من العدو الصهيوني في كبح جماح الغضب الليبي العارم علي التقارب مع العدو الصهيوني لاسيما أن هناك دلائل وتؤكد أن المنقوش لم تكن لتقدم علي هذه الخطوة دون ضوء أخضر من الدبيبة باعتبار أن مثل هذه القرارات الاستراتيجية لا تخص وزير الخارجية وحده بل تخضع لتوجه عام داخل الحكومة او علي الاقل الدائرة الضيقة لصنع القرار داخلها.
: ولعل ما يصعب مهمة الدبيبة في تجنب تداعيات هذه الخطوة التي أثارت ردود فعل غاضبة في الشارع الليبي ما رددته مصادر دبلوماسية وسياسية في العاصمة طرابلس أنه كان علي علم بلقاء المنقوش وكوهين حيث سبق أن ناقش مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ملوني تفاصيل هذا إلقاء خلال زيارته لروما فضلا عن مطالبة روما برعايته حتي لو كان لقاء بروتوكوليا في ظل الصعوبات الشديدة التي تواجه حكومته وسط مطالبات بتغيير الحكومة وتشكيل حكومة جديدة تمهد الأوضاع في البلاد لإجراء الانتخابات العامة والرئاسية.
ولا يخفي علي أحد الوضع الصعب التي تعاني منه حكومة الدبيبة والضغوط الشديدة من الشرق وبرلمان عقيلة صالح بإقالة هذه الحكومة أو علي الاقل إجراء تعديلات كبيرة داخلها وسط تراجع في الدعم الدولي لحكومة الدبيبة للاستمرار في السلطة وهو الأمر الذي حدا الدبيبة لفتح قنوات مع واشنطن للانضمام لمسيرة التطبيع والانفتاح علي العدو الصهيوني حتي ولو عبر إطر سرية تسهم في تخفيف الضغوط عن هذه الحكومة
هذا الوضع الصعب دفع الدبيبة التماهي مع جهود واشنطن لتوسيع رقعة التطبيع العربية مع العدو الصهيوني حتي عبر هذه القناة السرية ولعل هذا التماهي ما دفع واشنطن لإبداء كل قدر من الاحتجاج لدي الجانب الصهيوني لكشف تفاصيل اللقاء حيث اتهمت وزير الخارجية الصهيوني كوهين بعرقلة جهود واشنطن في هذه السياق وتعريض حياة وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش للخطر نتيجة ردود الفعل الشعبية الغاضبة تجاه التطبيع الليبي مع الدولة العبرية.
مما يزيد الوضع قتامة أن قضية التطبيع مع الكيان الصهيوني قد دخلت في إطار السجال السياسي في ليبيا فرغم ما تردد خلال السنوات في وجود قنوات حوار سرية بين حفتر او ما ينوب عنه والكيان الا أن برلمان عقيلة صالح خاطب المجلس الأعلى للدولة وطلب منه تفسيرا للقاء المنقوش وكوهين في مسعي لزيادة الضغوط علي الدبيبة وزيادة حد الغضب الشعبي ضده بشكل قد يخبره في النهاية علي تقديم استقالته والخروج من المشهد السياسي ولو مؤقتا وهو ما يتجاوب مع رغبات حفتر وعقيلة صالح وخصوم الدبيبة السياسيين.
وفي ظل هذا الوضع الصعب ينظر مراقبون الي أن الدبيبة باعتباره مسئولا عن الوضع الصعب الذي يعاني منه فلاشك انه كان عرابا للقاء مع كوهين سواء هو او نجله ابراهيم .. فرئيس حكومة الوحدة الوطنية راهن علي هذا اللقاء لإعادة ضخ الدماء في عروق الدعم الدولي لاستمراره في السلطة أخطأ في هذا الرهان لاسيما أن التطبيع قضية لا يمكن تسويقها في الداخل الليبي وبالتالي ستتراجع أسهم الدبيبة ولن يكون قادرا علي مواجهة الغضب الشعبي الذي يعكس موقف الليبيين التقليدي من القضية الفلسطينية
فيما اعتبرت وزيرة الشئون الاجتماعية الليبية السابقة سميرة الفرجاني ان لقاء المنقوش –كوهين ومحاولة ضم ليبيا لمسيرة التطبيع تعد أحد نتائج
ما يجري في ليبيا منذ توقيع اتفاق الصخيرات فأي حكومة لن تكون الا حكومه عميلة ومسلوبة الارادة وحكومة تنازلات لأجل البقاء علي الكرسي لاوطن ولاوطنية
وحملت في تصريحات لـ “جريدة الأمة الإليكترونية ” الدبيبة المسئولية عن عقد هذا اللقاء باعتبار أنها لم تكن لتجرؤ علي عقد هذا اللقاء دون الحصول علي ضوء أخضر من الدبيبة الذي لم يعد يشغله إلا الاستمرار في السلطة حتي لو جاء ذلك عبر التقارب المذل مع الكيان الصهيوني وهو توجه يخالف اجماع الرأي العام الليبي
ولفت الي أن ما شغل الدبيبة من وراء عقد هذا اللقاء ارضاء الأمريكيين فقط باعتبار أن رضا العم سام هو السبيل الوحيد لاستمرار حكومته في السلطة مهما كان هذا مضر بالشعب الليبي وثوابته ومصالحه العليا