تشهد العلاقات بين الصين ودول أمريكا اللاتينية نموًا ملحوظًا، مدعومًا باستطلاعات رأي تُظهر ميلًا شعبيًا نحو التعاون الاقتصادي والدبلوماسي مع الصين. يعكس هذا التوجه انطباعات إيجابية عن الممارسات التجارية الصينية، خاصة في دول مثل البرازيل وكولومبيا، مقارنة بالسياسات الأمريكية. يهدف هذا التقرير إلى استعراض مدى تفعيل هذا التعاون على أرض الواقع، مع التركيز على الكلمات المفتاحية: التعاون الصيني، أمريكا اللاتينية، الاستثمارات الصينية، مبادرة الحزام والطريق، التجارة الدولية.
الاستثمارات الصينية في أمريكا اللاتينية
تُعد الاستثمارات الصينية ركيزة أساسية للتعاون مع أمريكا اللاتينية. في عام 2023، استثمرت الشركات الصينية حوالي مليار دولار في مشاريع الليثيوم في بوليفيا، و300 مليون دولار في مصنع للسيارات الكهربائية بالأرجنتين. كما افتتحت الصين ميناء تشاتشاني في بيرو بتكلفة 3.5 مليار دولار ضمن مبادرة الحزام والطريق، مما يعزز التجارة البحرية بين المنطقتين. هذه الاستثمارات تدعم التنمية الاقتصادية وتلبي احتياجات المنطقة من البنية التحتية.
التعاون الدبلوماسي والسياسي
تعزز الصين علاقاتها الدبلوماسية من خلال منتديات مثل سيلاك، حيث تُعقد قمم دورية لتعميق الشراكات. قرارات مثل إعفاء خمس دول من تأشيرات السفر في 2025، وزيارات رفيعة المستوى مثل زيارة الرئيس شي جين بينغ إلى المكسيك وكوستاريكا، عززت الثقة المتبادلة. كما يدعم قرار برلمان أمريكا الوسطى في 2023 بالاعتراف بالصين بدلاً من تايوان التحول الجيوسياسي نحو بكين.
التجارة والتبادلات الاقتصادية
أصبحت الصين الشريك التجاري الرئيسي لدول مثل البرازيل، مع التركيز على تصدير المواد الخام. إطار التعاون 1+3+6، الذي يركز على التجارة، الاستثمار، والتمويل في ستة قطاعات (الطاقة، البنية التحتية، الزراعة، الصناعة، الابتكار، تكنولوجيا المعلومات)، يشكل أساسًا للعلاقات الاقتصادية. هذا الإطار يعزز التبادلات التجارية ويدعم نمو الاقتصادات الإقليمية.
التحديات أمام التعاون
على الرغم من التقدم، تواجه العلاقات تحديات مثل الخوف من الاعتماد الاقتصادي المفرط على الصين، خاصة في البرازيل، حيث يؤثر ذلك على الصناعات المحلية. كما تتردد بعض الحكومات ذات التوجهات القومية في قبول استثمارات صينية خوفًا من الاستعمار الجديد. التنافس الأمريكي الصيني يضع دول المنطقة في موقف حساس، حيث تسعى لتحقيق توازن بين القوتين.
يتجاوز التعاون الصيني مع أمريكا اللاتينية الدعم الشعبي ليترجم إلى استثمارات ضخمة ومشاريع بنية تحتية ضمن مبادرة الحزام والطريق. ومع ذلك، تظل التحديات المتعلقة بالتوازن الجيوسياسي والاعتماد الاقتصادي تؤثر على وتيرة هذا التعاون. لضمان استدامته، يجب على دول المنطقة إدارة علاقاتها بحذر مع كل من الصين والولايات المتحدة.