الأمة الثقافية
«الثقافة الفريضة الغائبة» يكشف استخدام الثقافة للهيمنة ونهب ثروات الشعوب
كتب: علي عليوه
صدر كتاب «الثقافة الفريضة الغائبة» للكاتب والمفكر المصري الدكتور أسامة أبو طالب، بتاريخ ١ يناير ٢٠٢١ عن دار نشر «إشراقة» للنشر والتوزيع، وقد جاء الكتاب في 228 صفحة.
وتقول الاديبة سميحة المناسترلي في قراءة لها للكتاب أنه يتضمن (15 عنواناَ) بعد المقدمة، ويكشف كيف يتم استخدام الثقافة كإستراتيجية عالمية تناولها بالدراسة والبحث كُتاب ومفكرين من خلال إصداراتهم مؤكدين على تفعيلها التدريجي واقعياً داخل الشعوب والمجتمعات بداية من القرن الماضي.
وبالرغم من اختلاف الجنسيات واللغة، وتلاحق الأجيال والحكومات «لكن الهدف ثابت» وهو استخدام الثقافة لتسطيح العقول، ونشر التفاهة بمناحي الحياة المختلفة، وتغييب الثقافات، محو الهويات، والبعد عن التحضر، ونشر المفاهيم الخاطئة.
بغرض السيطرة علي الشعوب وعقولها واتباع منهج القطيع لقيادة المجتمعات والإستفادة من خيرات عناصر الحياة على الأرض، إذن وبكل بساطة، كلما زاد الجهل وانتشرت الفوضى، وانعدم الوعي وغابت الثقافات كلما كان هذا في صالح صانعي نظام القطيع ومشجعيه وداعميه .
وتتابع سميحة : يأتي الربط من خلال ما سبق لى نشره من سلسلة مقالات وقراءات أهمها إصداري: «المتلاعبون بالعقول» للكاتب الأمريكي، ثم سلسلة مقالات عن كتاب «نظام التفاهة» للفيلسوف الكندي د.آلان دونو .
الآن مع كتاب «الثقافة الفريضة الغائبة» للدكتور أسامة أبو طالب: يتكون بداية من عنوان المقدمة وهو- حديث حميم مع القارئ ثم مصر الحاضنة -فريضة الثقافة الغائبة- الدور الديبلوماسي للثقافة – تراثنا وثقافة القرن الجديد– الأدب وبناء الوعي –ثقافة التسامح في الحضور والغياب– إشكالية الإبداع والدين – ملاحظات حول تهميش الثقافة وتهميش المثقفين – دفاعاً عن الفن .
– مستقبل العربية الفصحى– يوتوبيا الأرض وجنة السماء –نحن والغرب مشاهد من كوميديا قاتمة– عن الإرهاب و الفن –يميناً أو يساراً وما بينهما مرفوض– عشاء الشاعر الأخير .
عندما نتناول العنوان التمهيدي للكتاب يتضح لنا قدرة الكاتب على فهم سيكولوجية القارئ، وخروجه عن المقدمة التقليدية، فقد استخدم المؤلف هنا خبراته كقارئ أولاً، بإتباعه منهج جاذب بسيط -مشاكساً إياه- بإسلوب رشيق يتميز بالحميمية، منشطاً لفكره وعقله.
فهو يعلم أن قدرة إستيعاب القارئ اليوم، ليست نفس القدرة الإسيتعابية السابقة، التى كان عليها منذ سنوات، نظراً للتطور التقني العصري السريع الذي اختزل الكثير من التفاصيل التى كانت تثري وجدان القارئ فقد أصبح ريتم العصر مثل «الوجبات الجاهزة».
فكان عليه هنا أن يداعب القارئ لافتاً نظره ككاتب مخضرم، مقدرا أهمية وخطورة ما هو بصدد طرحه والغوص بأعماقه، هنا تظهر أهمية الخبرات المتراكمة للمؤلف والمعلم المتفهم للتطور الحياتي الطبيعي.
لتعريفة بالمعنى الحقيقي للثقافة سواء كان على صعيد التركيبة الشخصية للإنسان، أوعلى الصعيد المجتمعي، كان على المؤلف أن يقوم بتوجيه سؤال هام للقارئ، على أن يكون صادق في مواجهة نفسه.
هذا بعدما قام بتعريف مقومات وعناصر الشخص المتحضر، وتضاده من إنسان متخلف وهمجي، وماذا إذا كان هو بالفعل التصنيف الأخير!، فهل يمتلك الإرادة و القدرة على التغيير ليصبح مثقف حقيقي!؟
مشاكسة الكاتب جاءت من خلال توجيه سيلُ من الأسئلة للقارئ تضمنت رسائل تؤكد على أن: الثقافة هي «التحضر» في الفكر ومنهج الحياة بداية من التصرف الشخصى نهاية بالتعامل المجتمعي.
فالكاتب لم يختزل الثقافة في قراءة الكتب، الثراء، التعليم، الوجاهة الإجتماعية أو تعدد اللغات والتعالي في التعامل وغيرذلك من عناصرحياتية متغيرة، بل في تطبيق كل ما نحصده من تربية قويمة وقراءات متعددة، وفكر مستنير.
واعتراف بالأديان، ونشر الرحمة والتسامح ومعارف مختلفة متداولة داخل حياتنا، والبيئة المحيطة بنا، وهي عناصر بناءة وإيجابية، بل هي التى تقوم عليها الدول والأمم والمجتمعات المتحضرة .
والآن جاء دورنا نحن، وعلينا مراجعة الأسئلة الواردة بالجزء التمهيدي للكتاب، ومواجهة أنفسنا بكل صراحة وشفافية، والإجابة عليها بصدق كأي قارئ مثقف مستنير للتمييز بين الثقافة الهادفة البناءة والثقافة التي تستخدم لاغراض استعمارية .