شن الطيران الحربي التابع للجيش أمس الأحد غارات جوية مكثفة على مدينتي الفولة وأبوزبد بولاية غرب كردفان أسفرت عن مقتل 10 مدنيين، بينهم أطفال، وإصابة سبعة آخرين.
تمكن الجيش السوداني وحلفاؤه من قوات الحركات المسلحة أمس الأحد من استعادة بلدة أم صميمة غرب مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان بعد ساعات قليلة من إعلان “الدعم السريع” سيطرتها عليها، وذلك بعد معارك ضارية بين الجانبين خلفت عدداً كبيراً من القتلى والجرحى.
وبحسب مصادر عسكرية فإن قوات “الدعم السريع” شنت في الصباح الباكر ليوم أمس هجوماً واسعاً على المنطقة الواقعة على الطريق الرابط بين شمال كردفان وغربها وتوغلت داخل أم صميمة، لكن سرعان ما تصدت لها القوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة وأجبرتها على التراجع والانسحاب من البلدة.
وقال المتحدث باسم القوات المشتركة للحركات المسلحة العقيد أحمد حسين مصطفى إن “الميليشيات المتمردة، والمدفوعة بدعم إقليمي وبإشراف مباشر من قائدها الثاني حشدت قوة ضخمة منذ أسابيع بهدف إسقاط مدينة الأبيض، غير أن القوات المشتركة كانت على أهبة الاستعداد ويقظة تامة، تصدت بكل شجاعة واقتدار لهذه القوة الغاشمة”. وتابع، “فور ورود أنباء الهجوم على منطقة أم صميمة، تحركت قواتنا الباسلة فوراً واشتبكت مع الميليشيات في معركة ضارية انتهت بعد ساعات من القتال العنيف إلى دحرهم الكامل والسيطرة على المنطقة ومحيطها، وأُجبرتهم على الفرار تاركين خلفهم جثث قتلاهم وكميات ضخمة من العتاد العسكري”.
وأكد مصطفى استيلائهم على 22 سيارة قتالية، وتدمير وحرق أكثر من 18 أخرى، وقتل أعداد كبيرة من الجنود والضباط.
وكان المتحدث باسم قوات “الدعم السريع” الفاتح قرشي أعلن في وقت مبكر أمس أن “قواتهم سيطرت على بلدة أم صميمة بعد معارك عنيفة قادتها ضد الجيش وحلفائه من الحركات المسلحة”. وكشف عن تكبيد القوات المسلحة خسائر فادحة في الأرواح والآليات العسكرية، وبثت منصات تابعة لتلك القوات مقاطع فيديو أظهرت انتشارها في المنطقة، مع استعراض الخسائر التي تكبدها الجيش، والتي شملت مقتل أعداد كبيرة من الجنود وأسر آخرين، بجانب الاستيلاء على مركبات قتالية.
ويأتي الهجوم على منطقة أم صميمة التي تبعد نحو 60 كيلومتراً غرب الأبيض، تزامناً مع وصول تعزيزات عسكرية ضخمة لقوات “الدعم السريع” قدمت من دارفور وغرب كردفان، تتمركز في مناطق بارا والمزروب وكازقيل من أجل شن هجوم موسع على مدينة الأبيض لإعاقة تقدم الجيش باتجاه إقليم دارفور وإنهاء الحصار المفروض على مدينة الفاشر.
وخلال الأسابيع الماضية، كثفت قوات “الدعم السريع” من نطاق هجماتها المدفعية وعن طريق طيرانها المسير، الذي استهدف مواقع مدنية وعسكرية داخل الأبيض، نتج عنها مقتل عدد من المدنيين وإحداث دمار هائل طاول المنازل والمرافق الخدمية.
في الأثناء، شن الطيران الحربي التابع للجيش أمس الأحد غارات جوية مكثفة على مدينتي الفولة وأبوزبد بولاية غرب كردفان أسفر عن مقتل 10 مدنيين، بينهم أطفال، وإصابة سبعة آخرين.
وكثف الطيران الحربي التابع للجيش خلال الأسابيع القليلة الماضية من طلعاته الجوية في كردفان، حيث ظل يقصف مراراً مدن بارا والنهود والخوي والمجلد والفولة وأبوزبد، موقعاً عشرات الضحايا في صفوف المدنيين.
وقالت غرفة طوارئ ولاية غرب كردفان في بيان إن القصف هو امتداد لسلسلة غارات جوية شهدتها مدينة أبوزبد خلال الأسابيع الماضية، أدت إلى تعطيل الحياة، وترويع وتشريد المدنيين، وتدمير البنية التحتية والخدمية في المنطقة.
كما اتهمت “الدعم السريع” في بيان لها الطيران الحربي التابع للجيش بإلقاء براميل متفجرة على حي سكني في مدينة الفولة، مما أسفر عن مقتل مواطنين بينهم أطفال ونساء ومسنون.
ووصف البيان ما جرى في الفولة بأنه جريمة مروعة جديدة تُضاف إلى سجل الإبادة الجماعية، موضحاً أن القصف يأتي ضمن سلسلة هجمات متكررة طاولت كثيراً من مدن إقليم كردفان، مما أدى إلى سقوط مئات الضحايا.
واعتبر البيان القصف انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، واستهدافاً ممنهجاً للمدنيين على أسس إثنية وجهوية، بما يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية. وطالب المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بالتحرك العاجل لمحاسبة المتورطين في هذه الجرائم، داعياً الأهالي والجهات القانونية إلى ملاحقة الجناة.
ويقول الجيش السوداني إنه يراعي قواعد الاشتباك في الحرب ضد قوات “الدعم السريع”، وتقتصر عملياته على الأهداف العسكرية لحماية المدنيين في مناطق النزاعات المسلحة.
في محور دارفور، شهدت مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور أمس هدوءاً نسبياً حذراً غير معهود مقارنة بالأيام السابقة التي وقعت فيها معارك طاحنة بين الجيش وحلفائه من القوات التابعة للحركات المسلحة من جهة وقوات “الدعم السريع” من جهة أخرى، سقط على أثرها عشرات القتلى والجرحى.
من جانبه وصف رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، الأوضاع الإنسانية بدارفور بخاصة مدينة الفاشر بالكارثية، مشيراً إلى أنها تتطلب العمل الجاد من أجل إنقاذ كثير من الأرواح، ووقف معاناة المواطنين.
وأشار إدريس لدى لقائه المنسق المقيم للشؤون الإنسانية، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي مستر لوكا ريندا إلى ضرورة تنسيق الجهود بين الحكومة السودانية والمنظمات الدولية لتلافي سوء الأحوال الإنسانية بمدينة الفاشر، وبقية المناطق بولاية شمال دارفور.
فيما أكد ريندا أهمية معالجة الأوضاع الإنسانية في الفاشر ووقف معاناة المواطنين بولاية شمال دارفور وبقية المناطق بهذا الإقليم، مشيراً إلى تعاون الحكومة السودانية في شأن إيصال المساعدات الإنسانية وتسهيل مهام المنظمات الدولية.
وأوضح أنه أطلع رئيس الوزراء السوداني على خطط المنظمة لوقف معاناة المواطنين وتخفيف حدة الأزمة الإنسانية بالفاشر، مؤكداً استمرار المنظمة في القيام بواجبها الإنساني تجاه المواطنين في دارفور.
الجيش يستعيد منطقتين بشمال كردفان والقتال في الفاشر يتصاعد
ومنذ نحو 400 يوم، تفرض قوات “الدعم السريع” حصاراً مطبقاً على مدينة الفاشر، مما أدى إلى منع وصول الغذاء والدواء إلى أكثر من 500 ألف مواطن يعيشون في أوضاع إنسانية كارثية.
وتسبب هذا الحصار في تفاقم الأوضاع الإنسانية بصورة خطرة، حيث يواجه السكان تحديات كبيرة في الحصول على حاجاتهم الأساسية من غذاء ودواء، مما يجعل حياتهم مهددة بالخطر بشكل مباشر.
وتجاهلت قوات “الدعم السريع” جميع النداءات الأممية الملحة بضرورة السماح بوصول المساعدات الإنسانية للمدنيين في مدينة الفاشر كان آخرها الهدنة الإنسانية التي دعا لها الأمين العام للأمم المتحدة مدة أسبوع في هذه المدينة بهدف إيصال المساعدات الإنسانية للنازحين فيها والمناطق المحيطة بها، في وقت وافق قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، على هذه الهدنة.
في غضون ذلك، وضعت الحكومة الأوغندية أمس الأحد تدابير لحماية اللاجئين السودانيين في مخيم كريندنقو الواقع بمدينة بيالي، شملت فرض حظر تجوال جزئي ونشر الجيش، وذلك عقب تعرضهم لهجوم نفذه لاجئون من جنوب السودان بالأسلحة البيضاء يومي الخميس والسبت، أسفر عن مقتل سوداني وإصابة 24 آخرين، بعضهم في حال حرجة.
وعقدت الحكومة الأوغندية اجتماعًا مع قيادات اللاجئين السودانيين ومجتمع النوير من جنوب السودان، بحضور حاكم مقاطعة بيالي وقادة في الجيش والشرطة والأمن، إلى جانب مسؤولين من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وممثلي منظمات دولية.
ووفقاً لرئيس مجتمع اللاجئين بمخيم كريندنقو، حسين تيمان، فإن الاجتماع قرر فرض حظر تجوال في مخيم كريندنقو يبدأ من السابعة مساءً إلى السابعة من صباح اليوم التالي، فضلاً عن انتشار قوات كبيرة من الجيش في المخيم منعًا لوقوع أي هجوم جديد على اللاجئين السودانيين.
وتؤوي أوغندا أكثر من 81 ألف لاجئ سوداني، معظمهم يقيمون في مخيم كريندنقو، في ظل وضع إنساني قاسٍ، بخاصة بعد تقليص الأمم المتحدة دعمها، إذ باتت الفئات الأشد ضعفاً تتلقى 22 في المئة فقط من الحصص الغذائية.
وبين تيمان أن الاجتماع توصل إلى ضرورة وضع خطة أمنية لحماية اللاجئين، ونصب ارتكازات من الجيش والشرطة الأوغندية، لافتاً إلى أن السلطات الأوغندية حذرت من تكرار الاشتباكات داخل المخيم، على أن يتحمل قيادات النوير مسؤوليتهم، والقبض على الجُناة حال تكرارها.
وطالب بضرورة إجراء تحقيق فوري في الهجوم الذي شُن على مجتمعات سكن السودانيين في مخيم كريندنقو وتوقيف الجُناة.
ودعت السفارة السودانية في كمبالا، الجمعة، السلطات في أوغندا إلى ضرورة اتخاذ تدابير تحمي اللاجئين، مشيرة إلى أنها تعقد لقاءات مع مسؤولين حكوميين لمعالجة دوافع أحداث الهجوم.
وفي الـ30 من يونيو (حزيران) الماضي، قال برنامج الأغذية العالمي إن كثيراً من اللاجئين السودانيين في أوغندا يعيشون بأقل من 500 سعرة حرارية في اليوم أي أقل من ربع الحاجات الغذائية اليومية.