“الحقيقةُ الهُلام”.. لـ مجيدة مُحمّدي
أنا التي تلهثُ خلف الضوء،
كلّما لامستُ أطرافه، انكسرَ في كفِّي،
كقطرةِ ماءٍ ترتجفُ فوق جمرة.
مجرجرتي،
حقيقتي ،
ظلٌّ على جدارٍ من دخان،
كلما اقتربتُ، انكمشت،
تلوّتْ كأفعى،
تلاشت كسرابٍ،
وأنا أجري وأجري وأجري،
كمن يلاحقُ ملامحه في مرآةٍ مشروخة.
ليست كائناً،
ليست معنى،
ليست يقيناً،
بل وهْمٌ ذكيٌّ،
يعرف كيف يختبىء في غبارِ الأسئلة،
كيف يندسُّ بين أصابع الفجر،
كيف يتسلل من نافذةِ التأويل،
ليضحك عليّ حين أظنني أخيراً قد أمسكتُ بها.
رمادُ يقينٍ، هي
وسائلٌ يقطر من خدوش الوعي،
جسدٌ هلاميٌّ، يذوبُ إن شددتَه،
يتبخرُ إن دفأتهُ،
ينهارُ إن بنيتَ فوقه.
و أنا العطشى، الباحثُة في المتاهات،
أجوبُ خرائب الفكر،
أفتّشُ في سراديبِ الأحلام،
أقلّبُ كُتب الفلاسفةِ، وأستنطقُ الصمت،
فأجدُها هناك، تحت الطاولة،
تُطلُّ عليَّ بعينِ قطةٍ متأهبةٍ للفرار…
الماكرةٌ،
تعدُني بلقاءٍ عند المنعطف،
وعندما أصلُ، تكون قد تركتْ وراءها
أثراً من غبار،
وعبارةً غير مكتملة،
وشهقةً في الهواء.
أنا التي ألهثُ خلفها،
والطريقُ يلتفُّ حولي كأفعوان،
كلما ظننتُ أنني أخيراً أمسكُ رأس الخيط،
تبدأ الحكايةُ من جديد…