في ظل التصعيدات العسكرية المتكررة، تعود الحياة داخل الملاجئ الإسرائيلية إلى الواجهة، حيث يضطر آلاف المدنيين، لا سيما في الجنوب والمناطق القريبة من غزة ولبنان، إلى الاحتماء بها لأيام أو حتى أسابيع. ومع استمرار التوترات، يزداد التساؤل: إلى أي مدى يمكن للإسرائيليين تحمّل هذه الحياة؟
الملاجئ في إسرائيل: شبكة واسعة ولكن متفاوتة التجهيز
إسرائيل تمتلك واحدة من أكثر شبكات الملاجئ تطوراً في المنطقة. فكل مبنى سكني حديث يحتوي على غرفة محصنة (المماد)، بينما تتوزع مئات الملاجئ العامة في المدن الكبرى والمناطق الحدودية. بعضها مزوّد بالكهرباء، التهوية، المياه، وحتى الإنترنت، فيما تبقى نسبة كبيرة من الملاجئ العامة قديمة وتفتقر للصيانة أو للمرافق الضرورية.
بحسب تقرير لصحيفة هآرتس في مايو 2024، فإن نحو 30% من سكان إسرائيل لا يمكنهم الوصول إلى ملجأ آمن خلال المدة الزمنية التي تحددها الجبهة الداخلية. بحسبوصحيفة هآرتس، مايو 2024
الحياة اليومية داخل الملاجئ: توتر، ازدحام، وانقطاع روتين
داخل الملاجئ، تعيش العائلات أو الأفراد في حالة من القلق والضيق. الأطفال يتأثرون بشكل خاص بسبب الضغط النفسي، وقلة الحركة، والبعد عن الأجواء المدرسية والاجتماعية. كما أن البالغين يواجهون صعوبة في مواصلة أعمالهم أو حتى النوم بانتظام.
تقرير يديعوت أحرونوت في يونيو 2024 نقل شهادات لمقيمين في سديروت قالوا إنهم “ينامون وهم يرتدون الأحذية” تحسبًا للإنذار التالي.وفق يديعوت أحرونوت، يونيو 2024
إلى أي مدى يمكنهم التحمّل؟ قدرات التحمل النفسية تتآكل
مع استمرار التصعيد، يتضاءل هامش الصبر. تشير دراسات نفسية إلى ارتفاع معدلات القلق والاكتئاب، خاصة بين الأطفال والنساء. وفي المجتمعات الجنوبية، يشعر السكان بالتجاهل مقارنة بسكان المركز مثل تل أبيب.
دراسة صادرة عن جامعة تل أبيب عام 2023 أشارت إلى أن “التعرض المتكرر للتهديدات الصاروخية أدى إلى تضاعف معدلات اضطراب ما بعد الصدمة بنسبة 70% في المناطق الجنوبية مقارنة ببقية البلاد”. بحسب دراسة جامعة تل أبيب، 2023)
شهادات وتحذيرات: “لن نصمد طويلاً”
في مناطق مثل كريات شمونة أو عسقلان، عبّر سكان عن شعورهم بالإنهاك. البعض يرفض مغادرة الملاجئ رغم السماح بذلك مؤقتًا، خوفًا من ضربة مفاجئة، بينما آخرون يغادرونها مرغمين لتأمين الطعام أو احتياجات الأطفال.
بحسب القناة 12 الإسرائيلية، فإن نحو 40% من سكان مستوطنات غلاف غزة يفكرون بالانتقال نهائيًا نحو الوسط أو الشمال إذا استمر القصف لأكثر من أسبوعين. وفق القناة 12 الإسرائيلية، يونيو 2024
الحكومة والجبهة الداخلية: جهود ولكنها غير كافية
رغم الحملات الحكومية لتأمين الاحتياجات الأساسية في الملاجئ، يشتكي كثيرون من نقص التموين أو ضعف شبكات الاتصال، خصوصًا في الملاجئ العامة. وتطالب البلديات بزيادة الميزانيات لتحديث هذه الملاجئ.
تقرير صادر عن مراقب الدولة الإسرائيلي في أبريل 2024 أكد أن “ثلث الملاجئ العامة غير صالحة للاستعمال الآمن في حال الطوارئ الطويلة”.: بحشبةتقرير مراقب الدولة الإسرائيلي، أبريل 2024
نستخلص مما سبق أن الحياة في الملاجئ الإسرائيلية قد تكون محتملة ليوم أو يومين، لكنها تصبح عبئًا نفسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا على المدى الطويل. وبينما تُظهر إسرائيل استعدادات لوجستية نسبية، يبقى اختبار الصبر الجماعي هشًا، ويهدد بثغرات اجتماعية وأمنية إذا طال أمد المواجهة وفق استنتاج تحليلي استنادًا إلى التقارير أعلاه
بعد الهجوم الإيراني المباشر الأخير على مدن إسرائيلية
تراجعت ثقة السكان في فاعلية الملاجئ بشكل حاد، خاصة بعد مقتل مدنيين داخل “غرفة آمنة” في بيتاح تيكفا (بحسب The Times، 13 يونيو 2025). الهجوم أثبت أن العديد من الملاجئ، خصوصًا في الأبنية القديمة، لا توفر الحماية الكافية من الصواريخ الدقيقة.
بينما سارعت منظمات كـ ICEJ لتعزيز بعض الملاجئ في الشمال، أظهرت تقارير رسمية أن أكثر من 50% من الملاجئ العامة غير مؤهلة للطوارئ الممتدة (مراقب الدولة، مايو 2025).
وتنامى الإحباط الشعبي وسط وعود حكومية غير مُنجزة. وفقاو: The Times، ICEJ، مراقب الدولة، Reuters.