تُظهر التطورات الأخيرة في ملف النظام الإيراني النووي أنّ طهران لا تزال تسير على خطى كوريا الشمالية في استخدام سياسة الابتزاز والمماطلة لكسب الوقت.
فقد صرّح عباس عراقجي، وزير خارجية النظام، أنّ «الظروف غير مهيأة بعد لبدء حوار فعّال مع واشنطن». هذه العبارة لم تكن سوى امتداد لنهجٍ قديم دأب عليه نظام ولاية الفقيه منذ سنوات؛ إذ حوّل المفاوضات إلى مسرحيةٍ متكرّرة هدفها الأساسي ليس الوصول إلى اتفاق حقيقي، بل شراء المزيد من الوقت لتوسيع أنشطته النووية والإقليمية.
لقد أثبتت التجربة أنّ النظام الإيراني لا يبحث عن حلول واقعية للأزمات، بل عن أدوات للمساومة وفرض نفوذه. تماماً كما فعلت بيونغ يانغ، فإن طهران تسعى إلى أن تكون أزمتها النووية ورقةً دائمة لابتزاز المجتمع الدولي، بحيث تضمن بقاءها على خريطة السياسة العالمية وتغطية تدخلاتها التخريبية في المنطقة.
غير أنّ الاستمرار في سياسة المسايرة أو ما يُسمّى بـ«المماشاة» لم يجلب سوى المزيد من الفوضى والإرهاب، سواء من خلال تسليح الميليشيات الطائفية في الشرق الأوسط، أو عبر التهديد المستمر للملاحة والأمن الإقليمي. لذلك فإنّ الرهان على إصلاح هذا النظام من الداخل أو دفعه إلى التغيّر عبر التنازلات أثبت فشله الذريع.
ومن المهم الإشارة إلي أن إنّ البديل الواقعي المطروح اليوم هو ما يُعرف بـ «الطريق الثالث»؛ أي رفض الحرب الخارجية من جهة، ورفض الاستسلام لمشاريع النظام من جهة أخرى، ودعم إرادة الشعب الإيراني وقواه الديمقراطية المقاومة من أجل التغيير الجذري. فهذا الخيار وحده كفيل بإنهاء دوامة الإرهاب والابتزاز، وفتح أفق جديد للسلام والاستقرار في إيران والمنطقة
يأتي هذا في الوقت الذي طرح االخبير في العلاقات الدولية لقاء مكي تساؤلا مفاده هل تراجع التهديد بحرب جديدة ضد إيران؟
قائلا :لا يتحدث الأميركيون كثيرا عن إيران، وعلى العكس من إصرار واشنطن عقب حرب ال12 يوما على مفاوضات نووية تحسم أمر المشروع الإيراني،

وافاد في تغريدة له علي منصة “إكس “صمت ترامب تماما، وكذلك نتنياهو، وحتى أوروبا التي هددت بتفعيل آلية الزناد نهاية هذا الشهر صمتت أيضا، وركز الجميع على قضايا أخرى، وكأن مشاكلهم مع إيران لم تعد موجودة.
وعاد للقول :إيران كانت الطرف الوحيد الذي يتحدث عن استعداده لصد أي (عدوان)، ويجري مناورات عسكرية، ويحشد حلفاءه في الإقليم، وكأنه ينتظر حربا وشيكة.
واوضح مكي أن صمت ترامب ليس عاديا، وهو بطبعه غير صبور، وليس متصورا أن يهمل ما شاع عقب الحرب من معلومات عن نجاة أكثر 400 كلجم من اليورانيوم المخصب كانت بحوزة إيران، وعن رفض الأخيرة استقبال مفتشي الوكالة الدولية، وعن الحرب التي تحدث الإسرائيليون حينها على أنها لم تكتمل. ليس واردا أن يكون هذا الصمت مجرد تغاض، أو ترتيب للأولويات، أو تأجيل لموضوع إيران،
واستدرك فليس هذا هو أسلوب ترامب، ولا نتنياهو، وهو أقرب إلى أن يكون تضليلا يماثل ما حدث عشية الحرب الأخيرة، أما ما يحصل لاحقا، فهو مرهون ببعض المواقف والقرارات التي قد تبدو حينها وكأنها خارج الاستعداد للحرب، لكنها ستكون كذلك