الأمة| أصدرت محكمة سعودية، حكمًا بإعدام مدرس متقاعد بسبب نشاطه على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في تقرير لها، إنه “في 10 يوليو 2023، أدانت المحكمة الجزائية المتخصصة، محكمة مكافحة الإرهاب السعودية، محمد الغامدي (54 عاما)، مدرس سعودي متقاعد، بعدة جرائم جنائية تتعلق فقط بتعبيره السلمي عبر الإنترنت”.
وأضافت: “قوات الأمن السعودية اعتقلت الغامدي أمام زوجته وأطفاله في 11 يونيو 2022، خارج منزله في حي النوارية بمكة، وتم نقله إلى سجن الذهبان شمال جدة، حيث تم احتجازه في الحبس الانفرادي لمدة 4 أشهر، ولم تتمكن أسرته من الاتصال به خلال هذه الفترة ولم يتمكن من الاتصال بمحام، ونقلته السلطات في وقت لاحق إلى سجن الحائر في الرياض”.
وأوضحت “هيومن رايتس ووتش” أنه “لم يكن لدى الغامدي محام لمدة عام تقريبا، وبمجرد حصوله أخيرا على تمثيل قانوني، لم يتمكن من التحدث مع المحامي إلا قبل جلسات المحكمة مباشرة”.
وكتب شقيق الغامدي، سعيد بن ناصر الغامدي، في تغريدة بتاريخ 24 أغسطس أن المحكمة الجزائية المتخصصة بالرياض، برئاسة عوض الأحمري، حكمت على شقيقه “بالإعدام بعد 5 تغريدات تنتقد الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان”.
وأضاف سعيد بن ناصر الغامدي، وهو عالم إسلامي سعودي معروف ومنتقد للحكومة يعيش في منفى اختياري في المملكة المتحدة: “لم تقبل المحكمة كل التقارير الطبية التي تثبت أمراضه العصبية المزمنة ولم تلفت لشيبته واعتلال صحته.. ولا لكون تغريداته في حساب مجهول لا يتابعه سوى تسعة متابعين!.. علماً بأن الإجراءات التي اتبعت معه توحي بأن هذا الحكم الباطل يستهدف النكاية بي شخصيا بعد محاولات فاشلة من المباحث لإعادتي إلى البلاد”.
كما قال سعيد الغامدي، لمنظمة العفو الدولية الحقوقية: “طلبت مني السلطات السعودية عدة مرات العودة إلى البلاد، لكنني رفضت ذلك، ومن المحتمل جدا أن يكون حكم الإعدام الصادر ضد أخي انتقاما لنشاطي، وإلا لما كانت التهم الموجهة إليه ستحمل مثل هذه العقوبة القاسية”.
يشار إلى أن سعيد الغامدي ولد في السعودية العام 1961 وحصل على الدكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض في تخصص العقيدة والمذاهب المعاصرة، وقام بالتدريس في كلية الشريعة وأصول الدين وجامعة الملك خالد وجامعة الملك عبد العزيز في جدة قبل تقاعده العام 2013، وفقا لما هو مذكور على موقعه الرسمي.
وبحسب وثائق المحكمة التي اطلعت عليها “هيومن رايتس ووتش”، “حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة على الغامدي بالإعدام في 10 يوليو بموجب المادة 30 من نظام مكافحة الإرهاب السعودي بتهمة وصف الملك أو ولي العهد بطريقة تنال من الدين أو العدالة، والمادة 34 بتهمة دعم فكر إرهابي، والمادة 43 بتهمة التواصل مع كيان إرهابي، والمادة 44 بتهمة نشر أخبار كاذبة بقصد تنفيذ جريمة إرهابية”.
وقالت جوي شيا، الباحثة المختصة بشؤون السعودية في “هيومن رايتس ووتش”، في بيان هيومن رايتس ووتش: “لقد وصل القمع في المملكة العربية السعودية إلى مرحلة جديدة مرعبة حيث يمكن للمحكمة أن تحكم عقوبة الإعدام لمجرد التغريدات السلمية، لقد صعّدت السلطات السعودية حملتها ضد كافة أشكال المعارضة إلى مستويات مذهلة، وعليها أن ترفض هذه الاستهزاء بالعدالة”.
وأشارت “هيومن رايتس ووتش” أيضا إلى أن الغامدي “يعاني من عدد من مشاكل الصحة العقلية الخطيرة، وقد رفضت السلطات السعودية تزويده ببعض الأدوية الطبية”، وقال البيان إن “صحة الغامدي العقلية والجسدية تدهورت بشكل كبير منذ اعتقاله”.
ووفقا للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، “أعدمت السعودية ما لا يقل عن 92 شخصا هذا العام”، وقامت منظمة “القسط”، وهي منظمة حقوقية مقرها المملكة المتحدة، بـ”إدراج 148 عملية إعدام في العام الماضي، أي أكثر من ضعف العدد 67 الذي تقول إنه تم تنفيذه في عام 2021”.
وقالت لينا الهذلول، رئيسة الرصد والمناصرة في منظمة القسط ومقرها لندن وأخت السجينة السياسية المفرج عنها لجين الهذلول، إن “حكم الإعدام الصادر بحق الغامدي بسبب تغريدات مروع للغاية لكنه يتماشى مع حملة القمع المتصاعدة التي تشنها السلطات السعودية”.
وأضافت أن “أحكام السجن الطويلة الصادرة بسبب حرية التعبير، مثل الحكم الصادر ضد سلمى الشهاب لمدة 27 عاما، لم تحظ بالقدر الكافي من الاحتجاج، وقد اتخذت السلطات ذلك بمثابة ضوء أخضر لمضاعفة قمعها، إنهم يبعثون برسالة واضحة وشريرة أن لا أحد في مأمن، وحتى التغريدة يمكن أن تقتلك”، وفقًا لما نشرته “سي إن إن”، الأمريكية.