مقالات

السفير معصوم مرزوق يكتب: الحاخام «نتن ياهو».. يعظ!

«النتن ياهو» القي تصريحا كاشفا يوم 25 أكتوبر 2023، ربما مر علي كثيرين دون انتباه لكنه كان يستخدم فيه نصوصا توراتية كي يستميل اليمين المتطرف، ويحمس جنوده لارتكاب المزيد من المجازر الدموية في غزة وسائر الأراضي الفلسطينية.

أشار «النتن»  إلي  أنه يسعى لتحقيق نبوءة «إشعياء» النبي في أرض فلسطين، مشيرا إلي  «أن الحرب تدور بين الشر المتمثل في حماس، والحرية والتقدم» وأنهم «يمثلون النور بينما تمثل حماس والفلسطينيون  الظلام».

وليس في استدعاء النصوص «الدينية» أمرا جديدا علي قادة الكيان الصهيوني، فهم رغم إدعاءاتهم بالعلمانية والديمقراطية، يخرجون «الدين» من قبعاتهم السوداء كلما احتاجوا له، كي يحمسوا الشباب، أو يتذرعوا بوعد «الرب» كي يبرروا وعد «بلفور».

إلا أن استخدام «النتن» نبوءة إشعياء علي وجه الخصوص الآن، تكشف عن نفس مريضة متعطشة للدمار والدماء، لأن هذه النبوءة واحدة من أبرز النبوءات في الكتاب المقدس، وهي تتكون من 66 إصحاحاً، يرجع تاريخها إلى القرون الأولى قبل الميلاد.

ويقال إن إشعياء كان نبياً يهودياً بارزاً في المملكة الجنوبية ليهوذا -أحد أبناء النبي يعقوب (إسرائيل) الاثني عشر-  وتتصف نبؤته بالكثافة والانتشار والشمول، فهي تسجيل لمختلف الأبعاد التاريخية والسياسية، وتقص أنباء عن  حروب وممالك وملوك وشعوب.

وفي تحليل حديث «النتن»، نجده قد استخدم وصف النور باعتباره صفة يهودية ، في حين أن فلسطين وأهلها يمثلون الظلام، وذلك مشتق من الفقرتين الأولى والثانية من الإصحاح التاسع من سفر إشعياء، والتي تنص علي:

«لكن لن يخيم ظلام على التي تعاني من الضيق، فكما أذل الله في الزمن الغابر أرض زبولون ونفتالي، فإنه في الزمن الأخير يكرم طريق البحر وعبر الأردن، جليل الأمم. الشعب السالك في الظلمة أبصر نورا عظيما، والمقيمون في أرض ظلال الموت أضاء عليهم نور»، علي اعتبار أن الصهاينة هم النور الذي أضاء علي ظلام أهل فلسطين .

ولم يتوقف النتن عند هذا الحد، وإنما قال أيضا: «سنحقق نبوءة إشعياء، لن تسمعوا بعد الآن عن الخراب في أرضكم، سنكون سببا في تكريم شعبكم، سنقاتل معا وسنحقق النصر»، في إحالة واضحة إلى الفقرة 18 من الإصحاح 60 من نفس السفر:  «ولا يُسمع بعد ظلم في أرضك، ولا دمار أو خراب داخل تخومك، بل تسمين أسوارك خلاصا، وأبوابك تسبيحا».

وحديث النتن يمس بمصر أيضا لأن لها مساحة كبيرة في نبوءة إشعياء، فقد أوردت نصوصا عن خراب يطال مصر وسنوات يجف فيها نهر النيل، مثل:

«هُوَذَا الرَّبُّ رَاكِبٌ عَلَى سَحَابَةٍ سَرِيعَةٍ وَقَادِمٌ إِلَى مِصْرَ، فَتَرْتَجِفُ أَوْثَانُ مِصْرَ مِنْ وَجْهِهِ، وَيَذُوبُ قَلْبُ مِصْرَ دَاخِلَهَا.

وَأُهَيِّجُ مِصْرِيِّينَ عَلَى مِصْرِيِّينَ، فَيُحَارِبُونَ كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ: مَدِينَةً مَدِينَةً، وَمَمْلَكَةً مَمْلَكَةً.

وَتُهْرَاقُ رُوحُ مِصْرَ دَاخِلَهَا، وَأُفْنِي مَشُورَتَهَا، فَيَسْأَلُونَ الأَوْثَانَ وَالْعَازِفِينَ وَأَصْحَابَ التَّوَابعِ وَالْعَرَّافِينَ.

وَأُغْلِقُ عَلَى الْمِصْرِيِّينَ فِي يَدِ مَوْلًى قَاسٍ، فَيَتَسَلَّطُ عَلَيْهِمْ مَلِكٌ عَزِيزٌ، يَقُولُ السَّيِّدُ رَبُّ الْجُنُودِ. وَتُنَشَّفُ الْمِيَاهُ مِنَ الْبَحْرِ، وَيَجِفُّ النَّهْرُ وَيَيْبَسُ.»

أي أن هذا التعيس النتن، يستخدم نصوصا يراها مقدسة كي يرمي بها كنبؤة تحقق ليس فقط تدمير غزة ، بل أيضا تخريب مصر.

وإذا كانت لدي النتن «نصوصا» يتمسح فيها، بفرض قدسيتها، وهو الذي لا يقدس شيئا، فأن لدينا نصوصا لا شك في قدسيتها، ونؤمن بها، تؤكد وعد الله بنصر قريب علي هذه الطغمة الفاسدة الظالمة.

معصوم مرزوق

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى