مقالات

السفير معصوم مرزوق يكتب: وفاة النظام العربي

قيل ذات يوم: «القدس عروس عروبتنا».. وانهمكنا في شبابنا نعد مهرها من دمائنا في ميادين القتال، ومن بذل العرق في كل دول العالم والمنظمات الدولية، وحصلنا بالدبلوماسية على رصيد هائل من الوثائق الدولية، أخص منها بالذكر جميع قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالقدس وخصوصا القرارات 252 لعام 1968 و267 لعام 1980، و478 لعام 1980.

وكان هناك تسليم من جميع دول العالم بعدم نقل سفاراتها للقدس أو الاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل والالتزام بتنفيذ قرار المجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو بوقف الانتهاكات ضد المسجد الشريف،

ومع ذلك حرصت جامعة الدول العربية في اجتماعاتها على عدم الإشارة في أي قرار لها إلى الولايات المتحدة منذ أعلن رئيسها السابق خلال حملته الانتخابية عن نيته نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وحتى نفذ وعده بالفعل.

لماذا لم نتمسك بمطالبة جميع الدول بالالتزام بقراري مجلس الأمن 476 و478 لعام 1980، (الـذين يعتبران القانون الإسرائيلي بضم القدس الشرقية المحتلة، لاغ وباطـل، وعـدم إنـشاء بعثات دبلوماسية في مدينة القدس أو نقل تلك البعثات إليها. ودعوة الـدول الأعـضاء إلي الالتزام بذلك)، أو حتي بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2334 لعام 2016، (والذي أكد، ضمن جملة أمور أخرى، على أن الاستيطان الإسرائيلي يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وعقبة في طريق السلام، وطالب إسرائيل (القوة القائمـة بـالاحتلال) بـالوقف الفوري والكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية وفي الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فـي ذلك القدس الشرقية، والذي أكد على أن المجتمع الدولي لن يعترف بأي تغييرات فـي حدود الرابع من يونيو 1967، بما في ذلك ما يتعلق بالقدس، سوى التغييرات التي يتفق عليها الطرفان من خلال المفاوضات.

لماذا نقبل بالتنفيذ الحرفي لقرارات ظالمة بحجة أنها صادرة من مجلس الأمن حتى ولو كانت النتيجة حصار العراق لسنوات ثم تدميره، وحصار ليبيا ثم تدميرها، والسودان واليمن والصومال.. الخ.. لماذا نتحول في هذه الحالات إلي فقهاء مفوهين في القانون الدولي ومقتضيات ميثاق الأمم المتحدة.. بينما تحولنا في حالة القدس إلي صم وبكم وعُمي؟

وأثبت العرب العاربة والمستعربة، صدق بيت الشعر الذي يقول:

زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا … أبشر بطول سلامة يا مربع

فهل فكر العرب مثلا في تحرك دبلوماسي يغير معادلة التفاوض أو يثبتها، مثل ما سبق لنا طرحه عدة مرات:

١- سحب مبادرة السلام العربية

٢- تجميد العلاقات مع إسرائيل

٣- إعلان نهاية أوسلو

وتجدر الإشارة إلى أن أمريكا (وإسرائيل) انتهكت اتفاق السلام مع مصر فيما يتعلق بالخطابات المتبادلة بشأن القدس وتعهد كارتر للسادات في هذا الصدد.

وبعد انتشار فيروس «التطبيع»، ألا ينظر الاخوة في فلسطين إلى التوحد وإعادة الاعتبار لبندقية المقاومة؟؟

لا زلت أتصور لو أن الأنظمة العربية كان لديها الشجاعة والقدرة على مجرد التلويح بتنفيذ قرار سابق لجامعة الدول العربية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع أي دولة تنقل سفارتها للقدس لما تجرأ ترامب على ما فعل. أو على الأقل نبهته المؤسسات الأمريكية إلى الضوء الأحمر الصادر من المنطقة.. إلا أنه فيما يبدو حصل بالفعل على الضوء البرتقالي من بعض الدول المؤثرة، ولم يكن من الصعب تحويله إلى اللون الأخضر المصحوب بأهازيح الحب والسلام وفوائد التطبيع..

معصوم مرزوق

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى