السودان: الجيش يقاطع مباحثات سلام إقليمية في إثيوبيا
الأمة| رفض الجيش السوداني امس الإثنين المشاركة في مباحثات سلام إفريقية للتفاوض حول حل للنزاع القائم بينه وبين قوات الدعم السريع الذي يقترب من دخول شهره الرابع دون حلول تحقق السلم المجتمعي في البلاد.
حيث يشهد السودان منذ 15 أبريل معارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان الذي يتولى أيضا رئاسة مجلس السيادة، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”.
وأسفر هذا النزاع عن مصرع أكثر من 2800 شخص ودفع أكثر من 2,8 مليون شخص للنزوح، لجأ أكثر من 600 ألف منهم إلى دول مجاورة أبرزها مصر وتشاد وفق بيانات المنظمة الدولية للهجرة.
ويعاني من بقي من السكان الذي كان عددهم الاجمالي 45 مليون نسمة قبل بدء المعارك، من نقص المواد الغذائية والخدمات ومصادر الطاقة، بينما تتوالى التقارير عن حالات نهب وعنف جنسي واحتدام الصراعات العرقية خصوصا في إقليم دارفور غرب.
وفي هذا الصدد حذّرت الأمم المتحدة في نهاية الأسبوع المنصرم من أن السودان، أحد أكثر دول العالم فقرا حتى قبل اندلاع المعارك الراهنة، بات على شفير “حرب أهلية شاملة” ستطال تداعياتها كل المنطقة ولم تفلح مبادرات عدة للوساطة، في إيجاد أرضية لأي تفاهمات قد تثمر حلّا.
ومنذ بدء المعارك، أبرم طرفا القتال اتفاقات عدة لوقف إطلاق النار بوساطة سعودية-أميركية، بقيت بمعظمها حبرا على ورق مع تبادلهما الاتهام بخرقها.
وتقود الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا إيغاد مبادرة إقليمية عبر لجنة رباعية برئاسة كينيا تضم إثيوبيا وجيبوتي وجنوب السودان. وكانت اللجنة ثلاثية برئاسة جنوب السودان، قبل أن تتوسع في يونيو بضم إثيوبيا.
وترافقت تلك الخطوة مع نقل رئاسة اللجنة من جنوب السودان الى كينيا، وهو ما لقي معارضة من الخرطوم.
وعقدت اللجنة الرباعية اجتماعا الإثنين في أديس أبابا، غاب عنه البرهان ودقلو رغم دعوتهما إليه.
وأكد كل من طرفي النزاع إرسال ممثل عنه الى أديس أبابا، الا أن الحكومة المرتبطة بالبرهان، أكدت أنها لن تشارك في الاجتماع ما لم يتمّ تلبية مطلبها بتغيير الرئاسة الكينية.
وقالت الخارجية السودانية في بيان “وصل وفدنا بالفعل الى أديس أبابا صباح اليوم، مما يؤكد على جدية حكومة السودان للارتباط البناء والتواصل مع منظمات انتمائها الاقليمية”.
وأضافت “للأسف اتضح لوفدنا أن رئاسة اللجنة الرباعية لم يتم تغييرها، علما بأن حكومة السودان طالبت بتغيير رئاسة الرئيس وليام روتو رئيس جمهورية كينيا للجنة الرباعية”.
وكررت أن مطالبتها بذلك تعود الى جملة أسباب منها “عدم حيادية السيد الرئيس روتو في الأزمة القائمة”.
وكانت الوزارة اعتبرت الشهر الماضي أن حكومة كينيا “تتبنى مواقف ميليشيا الدعم السريع المتمردة وتؤوي عناصرها وتقدم لهم مختلف أنواع الدعم”.
من جهتها، رأت قوات الدعم السريع أن المقاطعة كانت تصرفا “غير مسؤول”.
وأعربت في بيان عن استغرابها لمقاطعة الطرف الآخر للجلسة “بذرائع واهية غير موضوعية رغم وصوله لأديس أبابا”، معتبرة أن “هذا التصرف غير المسؤول يكشف بوضوح ما ظللنا نؤكده بأن… هناك مراكز متعددة لاتخاذ القرار بداخلها القوات المسلحة تسعى لإطالة أمد الحرب وعرقلة المساعي الحميدة” من أجل التوصّل الى حل للنزاع.
وانتقدت الرباعية في بيان ختامي “الغياب المؤسف لوفد القوات المسلحة السودانية على رغم دعوتها وتأكيد مشاركتها”، الا أنها أكدت استمرارها في تركيز جهود “كل الأطراف على الوصول الى عقد لقاء وجها لوجه بين قائدي الطرفين المتنازعين”.
ولم يلتق البرهان ودقلو منذ اندلاع المعارك في 15 أبريل، وهو يوم كان من المقرر أن يشهد اجتماعا بينهما بتسهيل من الأمم المتحدة.
ودعت الرباعية الطرفين الى “توقيع اتفاق غير مشروط لوقف إطلاق النار”.
وأعلنت أنها ستطلب من الاتحاد الإفريقي بحث امكانية نشر “القوة الاحتياطية” لشرق إفريقيا “إيساف” التي عادة ما يتم توكيلها بمهام مراقبة الانتخابات، في السودان بهدف “حماية المدنيين” وضمان وصول المساعدات الإنسانية.
واعتبر مبارك أردول، وهو قائد سابق لإحدى مجموعات التمرد في السودان ويعدّ مقربا من الجيش، أن اجتماع أديس أبابا كان “فخا للتدخل العسكري”.
وأضاف عبر تويتر أن الحديث عن نشر قوات شرق إفريقيا هو “فصل آخر لاحتلال السودان… بعدما فشلت مليشيا التمرد من تحقيقه وانهزمت”.
وشهدت العاصمة الإثيوبية كذلك حضور مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الإفريقية مولي في التي من المقرر أن تلتقي مسؤولين سودانيين وإقليميين.
ودعت المسؤولة الأميركية في بيان الأحد طرفي النزاع الى “وقف المعارك فورا”، مكررة “نداءات أطلقتها دول المنطقة للحؤول دون أي تدخل أجنبي ودعم عسكري يعمّق النزاع أو يطيل أمده”.
ميدانيا، أفاد سكان في الخرطوم وكالة فرانس برس الإثنين عن وقوع “قصف عبر مسيرات لمناطق في شرق أم درمان”، ضاحية غرب الخرطوم الكبرى، فيما تحدث آخرون عن “قصف جوي على منطقة المدينة الرياضية” في جنوب العاصمة.
وعلى مسافة نحو 350 كيلومترا جنوب العاصمة، تحدث شهود عيان بولاية شمال كردفان عن وقوع “اشتباكات غرب مدينة الأبيض” مركز الولاية.
وأفاد مصدر عسكري بقيام الجيش بـ”صد هجومين للحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو على مدينة الكرمك الحدودية بولاية النيل الأزرق”.
وفي ظل تواصل المعارك، مددت سلطة الطيران المدني إغلاق المجال الجوي السوداني حتى نهاية يوليو باستثناء “رحلات الإغاثة والإجلاء بعد الحصول على الإذن من السلطات المختصة”، وفق ما أعلنت في بيان الإثنين.