السودان: معارك وحشية في أم درمان والاتحاد الإفريقي يدعو للتدخل
الأمة| تتواصل المعارك العنيفة بين طرفي الصراع بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”، وتزيد حدتها في كل من أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، ومدينة كاس جنوبي إقليم دارفور وسط تحذيرات من احتمال تفكك دولة السودان أو تشرذمها وتخوفات من انتشار عوامل الفوضى التي تؤدي إلى “الحرب الأهلية”بما في ذلك الإرهاب والجريمة المنظمة
هذا فقد دعت المفوضية الأفريقية إلى ضرورة حل واحتواء الأزمة السودانية حتي لا تصل الأمور إلى المصير المجهود.
وفي صبيحة اليوم الإثنين، سُمع دوي انفجارات متتالية في جنوبي أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، بعدما اشتدت المعارك بين طرفي الصراع في العاصمة، وفي مدينة كاس جنوب إقليم دارفور غربي البلاد.
حيث اتهم الجيش السوداني، في بيان، له قوات الدعم السريع والذي أسماه “المليشيا المتمردة”، بأنها “استهدفت مستشفى علياء التخصصي في أم درمان بالقصف المدفعي”، ما أدّى، إلى إصابة إمرأة مريضة، وإلحاق أضرار كبيرة بمركز غسيل الكلى والعناية المكثفة وغرفة العمليات.
كذلك شهدت مدينة كاس الواقعة على بعد نحو 80 كيلومتراً شمال غرب نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور (غرب) اشتباكات محتدمة بمختلف أنواع الأسلحة بين الجيش و”الدعم السريع”.
من جهتها، أعلنت “الدعم السريع”، في بيان صحافي، أمس الأحد، أنها “سيطرت على قيادة اللواء 61 في كاس”، وأنها “أسرت قائد القوة العسكرية، و30 من أفراد القوة، واستولت على أسلحة بينها عربات قتال ومدافع وذخائر”.
وأمس الاحد، سُمع دوي قصف جوي، في وقتٍ تتواصل المعارك بين الجيش و”الدعم السريع” التي نفت اتهامها بقتل مدنيين في إقليم دارفور، عازيةً هذا الأمر إلى صراعات قبلية.
وقال سكان في الخرطوم إنّ “الطيران الحربي قصف تجمعات للدعم السريع في حي الجريف بشرق النيل”، وأشاروا إلى أنّ “قوات الدعم السريع تصدت باستخدام مضادات أرضية”.
وقبل يومين، خاض الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” اشتباكاتٍ عنيفة في أجزاء من مدينة بحري “الخرطوم بحري” بعد يوم فقط من ترحيب الطرفين بجهود وساطة جديدة، تهدف إلى إنهاء الحرب التي أنهت شهرها الثالث.
وفي السياق ومن جهته، دعا رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، لتنسيق الجهود الإقليمية والدولية لحل الأزمة في السودان.
وشدد فكي على ضرورة التنسيق بين مختلف الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء الأزمة السودانية، مضيفاً: “من الأهمية بمكان أن نولي أقصى قدر من الاهتمام لتماسك ومواءمة جميع جهودنا مع بقية المجتمع الدولي”.
وفضلاً عن مبادرة اللجنة الرباعية للهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيغاد)، فقد استضافت القاهرة الخميس الماضي “قمة دول جوار السودان”، والتي أقرّت إنشاء آلية على مستوى وزراء الخارجية تعقد اجتماعها الأول في تشاد لوضع خطة عملية لوقف القتال بين الأطراف السودانية المتحاربة وحل الأزمة.
ودعا زعماء الدول السبع المجاورة للسودان في بيان مشترك، طرفي الصراع إلى التزام وقف إطلاق النار، وناشدوا دول المنطقة ألا يتدخلوا في الصراع.
كذلك حذّروا من احتمال تفكك دولة السودان أو تشرذمها وانتشار عوامل الفوضى بما في ذلك الإرهاب والجريمة المنظمة.
وقبل مبادرة “إيغاد” واجتماع القاهرة، انطلقت في أوائل مايو الماضي، مباحثات في مدينة جدة السعودية بين طرفي الصراع السوداني بوساطة من السعودية والولايات المتحدة، قبل أن يعلق الجيش مشاركته في تلك المباحثات آخر الشهر نفسه.
وقبل بضعة أيام، أعاد الجيش ممثليه إلى جدة لاستئناف المباحثات السياسية، فيما أبدى الدعم السريع استعداده للتفاوض مع الجيش لإنهاء الأزمة الحالية.
ويعكس إيفاد الجيش ممثلين إلى مفاوضات جدّة عودته إلى المشاركة في الجهود الدبلوماسية، الرامية إلى وقف إطلاق النار بعد أن قاطعها سابقاً، محادثاتٍ استضافتها أديس أبابا.
ووفق أحدث إحصاءات الأمم المتحدة، فإنّ الصراع في السودان تسبب حتى الآن بتشريد نحو 3 ملايين شخص، بينهم نحو 700 ألف عبروا الحدود إلى دول مجاورة.قتل 5 أشخاص على الأقل وأصيب 17، في قصف جديد طال منطقة أمبدة بمدينة أم درمان غربي الخرطوم، الأحد.
وقال شهود عيان لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن القصف استهدف مناطق سكنية مأهولة، مما أدى إلى دمار واسع في عدد من البيوت والمنشآت.
وتكثفت خلال الأيام العشر الماضية عمليات القصف الجوي والأرضي في عدد من مناطق العاصمة، خصوصا الأحياء الجنوبية والغربية من مدينتي الخرطوم وأم درمان، مما أدى إلى سقوط أكثر من 60 قتيلا من بينهم 9 من أسرة واحدة، بحسب بيانات مجمعة صادرة عن لجان حقوقية وشبابية في أحياء مدن العاصمة الثلاثة، الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري.
وفي الأسبوع الماضي قال بيان صادر عن لجنة “محامو الطوارئ”، إن قصفا جويا استهدف أحياء أمبدة أدى إلى مقتل أكثر من 20 شخصا وإصابة العشرات، وأكد البيان كذلك مقتل 9 أشخاص بحي الشعبية وسط مدينة الخرطوم بحري.
وأعلنت لجان شبابية في حي العشرة وأحياء أخرى جنوبي الخرطوم مقتل 12 شخصا على الأقل منذ السبت، بسبب القصف الجوي والمدفعي، وقتل أكثر من 15 مدنيا كذلك في مناطق الخرطوم بحري وشرق النيل.
ومنذ بدء الحرب منتصف أبريل الماضي، يتبادل طرفا الصراع في السودان، الجيش وميليشيا الدعم السريع، التهم بقصف المدنيين، في ظل فشل الهدن السابقة في وقف المعارك.
وحذر “محامو الطوارئ” من الكلفة البشرية للحرب التي يدفع كلفتها المواطنين العزل، بحسب تعبير البيان الذي اعتبر أن “استخدام طرفي القتال المدنيين دروعا بشرية والقصف الجوي العشوائي جرائم حرب ستؤدي لخضوع مرتكبيها للعدالة الدولية”.
يعاني ملايين السودانيين صعوبات كبيرة في تغطية المصروفات اليومية التي تضاعفت في العديد من مدن البلاد، في ظل توقف مرتبات معظم الموظفين بسبب الأضرار الكبيرة التي تعرض لها النظام المصرفي وتوقف عجلة الإنتاج.
قدر مختصون حجم الخسائر المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بالاقتصاد السوداني، خصوصا في قطاعي الصناعة والمصارف، بأكثر من 10 مليارات دولار حتى الآن.
يعيش الملايين من سكان الخرطوم وولايات دارفور الخمس والعديد من مدن البلاد الأخرى أوضاعا إنسانية مأساوية، في ظل استمرار الحرب لأكثر من 3 أشهر، مخلفة آلاف القتلى والجرحى ونحو 3 ملايين نازح داخل وخارج البلاد، وفقا لبيانات الأمم المتحدة.
يزداد الأمر سوءا في أطراف العاصمة الجنوبية والشمالية والغربية، حيث تستمر الضربات الجوية بشكل متواصل في ظل نقص حاد في المستشفيات وخدمات الإسعاف.
وخرج أكثر من ثلثي المستشفيات المتاخمة لمناطق الاشتباكات من الخدمة، حسب المتحدث الذي أكد وجود نقص شديد في المعدات الطبية والأدوية، مع مشاكل في توزيع ما وصل من مساعدات طبية إلى مطاري بورتسودان شرقي البلاد ووادي سيدنا في أم درمان.
ووفقا لبيانات نقابة الأطباء، توقف عن الخدمة تماما 59 من أصل 89 مستشفى أساسيا في أنحاء السودان، في حين تعمل المستشفيات المتبقية بشكل كامل أو جزئي، حيث يقدم بعضها خدمة الإسعافات الأولية فقط، وهي مهددة بالإغلاق أيضا نتيجة نقص الكوادر والإمدادات الطبية والتيار الكهربائي والمياه.