مقالات

السيد هاني يكتب: إيران تمتلك السلاح النووي.. وهذه هي الأدلة!

نفس سياسة «الغموض» التي اتبعتها إسرائيل من قبل بشأن إنتاج سلاحها النووي.. تتبعها إيران حاليا لتحقيق نفس الهدف.. وهو إنتاج السلاح النووي، والتغطية على ذلك بعباءة دينية، تتمثل في فتوى المرشد على خامنئي بعدم جواز إنتاج السلاح النووي أو استخدامه.. لأنه يقتل الأبرياء!

فعلتها باكستان من قبل..  في السبعينيات من القرن الماضي.. عندما أجرت الهند أول تفجيراتها النووية في مايو ١٩٧٤.. ورغم ان الهند أعلنت أنه تفجير للاستخدامات السلمية.. إلا ان باكستان لم تصدقها.. وقررت أن تبدأ مشروعها النووي.. قال رئيس الوزراء الباكستاني في ذلك الوقت ذوالفقار على بوتو: «سنأكل العشب.. ونصنع القنبلة»! والمقصود طبعا أن إنتاج باكستان للقنبلة النووية أصبح له أولوية على توفير رغيف الخبز!

مضى ذو الفقار على بوتو في مشروع إنتاج القنبلة النووية.. فحذره كسينجر من الاستمرار في المشروع.. قال له ستفقد حياتك ولن نسمح لك بإنتاج القنبلة.. لم يستجب بوتو لتحذيرات كسينجر.. واستم في المشروع.. فانقلب عليه وزير دفاعه ضياء الحق.. وعلق رقبته في حبل المشنقة يوم ٤ أبريل عام ١٩٧٩.. رافضا توسلات المملكة السعودية بعدم إعدام الرجل!

كان الدرس الأمريكي واضحا لضياء الحق.. فتوقف المشروع الباكستاني لإنتاج القنبلة النووية.. حتى جاءت بي نظير بوتو الى السلطة في باكستان عام ١٩٨٨ في أعقاب مصرع ضياء الحق.. فاستأنفت مشروع والدها في سرية تامة.. وانتجت باكستان القنبلة النووية، ولم يعلم أحد!

الدليل على ذلك.. أنه عندما أجرت الهند تفجيرا نوويا ثانيا عام ١٩٩٨.. ردت باكستان على الهند في اليوم التالي مباشرة ب ٥ تفجيرات نووية..

إذن.. فسياسة «الغموض» بشأن امتلاك السلاح النووي.. هي السياسة المفضلة لكل دولة تطمح إلى إنتاج هذا السلاح وامتلاكه..

وهي أيضا السياسة التي تتبعها إيران حاليا تحت غطاء الفتوى الدينية..

ميزة “الفتوى الدينية” انها تحسم الجدل.. لأنها تستند إلى قاعدة “الحرام والحلال”..

كما أنه يمكن استبدالها.. عند اللزوم.. بفتوى عكسها.. تستند هذه المرة إلى نص قرآني يبدأ بفعل الأمر.. «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة»! بالتالي فالعباءة الدينية متوفرة دائما لدى إيران.. على الوجهين!

لذلك يصبح من غير المنطق.. أن ننتظر من إيران الإعلان في وسائل الإعلام.. أنها انتجت السلاح النووي وأصبحت تمتلكه!

لكن المنطق يقول إن امتلاك إيران للسلاح النووي سوف يظهر.. إذا ما قامت إسرائيل بقصف إيران بقنبلة نووية.. عندئذ سوف ترد إيران بقصف إسرائيل بأكثر من قنبلة نووية.. كما ردت باكستان على الهند ب ٥ تفجيرات نووية في نفس اليوم الذي أجرت فيه الهند تجربتها النووية الثانية..

 وفي هذه الحالة.. ستكون الفتوى الدينية جاهزة أيضا لدى إيران.. من النص القرآني الكريم «ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب».. وكذلك الأمر القرآني الكريم «من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم»!

لعل ذلك كان أحد الأسباب التي جعلت الدولتين تنسقان معا.. عندما تبادلتا القصف في أبريل من العام الماضي.. لأن كل منهما تعلم قدرات الأخرى!

 * * *

سأسوق الآن الأدلة على انتاج إيران للسلاح النووي.. من نص الاتفاق الذي تم توقيعه معها عام ٢٠١٥..  في مائة صفحة.. بواسطة مجموعة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ومعها ألمانيا.. وهي ما أطلق عليها في ذلك الوقت: «مجموعة ٥ + ١».

النص انقله من وكالة أنباء «فارس» الإيرانية في تقرير بثته يوم ١٤ يوليو ٢٠١٥..

* قالت الوكالة: إن النقاط الرئيسية في الاتفاق، كما أعلنها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في المركز الإعلامي للأمم المتحدة بـ«فيينا» هي:

١- تعترف الأمم المتحدة والقوى الكبرى رسميا بإيران كقوة ذات تكنولوجيا نووية، تمتلك برنامجا نوويا سلميا، يتضمن الدورة الكاملة للوقود والتخصيب..

٢- أصبح هذا البرنامج موضوعا للتعاون الدولي مع سائر الدول في إطار المعايير الدولية..

٣- جميع العقوبات المالية والاقتصادية المفروضة على إيران من مجلس الأمن الدولي تلغى دفعة واحدة بقرار جديد من مجلس الأمن..

٤- ستواصل جميع المنشآت والمراكز النووية الإيرانية أنشطتها، ولن يتم إزالة أو تجميد أي منها..

٥- ستواصل إيران برنامجها للتخصيب.. وسيتم الحفاظ على البنية النووية الإيرانية، ولن يتم إزالة أي جهاز للطرد المركزي.. وستستمر عملية البحث والتطوير بشأن جميع أجهزة الطرد المركزي، ومن ضمنها: آر ٤، وآر ٥، وآر ٦، وآر٨..

٦- مفاعل «آراك» للمياه الثقيلة سيبقى ينتج المياه الثقيلة، ويتم تحديثه، ويزود بالإمكانيات والمختبرات والمنشآت الحديثة، ولن يلتفت إلى الدعوات المطالبة بتفكيكه، أو بتحويله إلى مفاعل لإنتاج المياه الخفيفة فقط..

٧- إيران ستدخل الأسواق العالمية باعتبارها بلد منتج للمواد النووية، لاسيما «اليورانيوم المخصب» و«المياه الثقيلة».. وسيتم إلغاء الحظر والقيود على عمليات التصدير والاستيراد التي فرضت على إيران منذ ٣٥ عاما..

٨- يتم إلغاء الحظر الاقتصادي والمالي المفروض على القطاعات المصرفية والمالية والتجارية والنفطية والغازية والبتروكيماويات والنقل والمواصلات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي على إيران.. وذلك دفعة واحدة مع بدء تنفيذ الاتفاق..

٩- يتم استبدال الحظر المفروض على إنتاج الصواريخ الباليستية، بحظر على إنتاج الصواريخ الحاملة للرؤوس النووية فقط، والتي لم تنتجها إيران يوما، ولن تدرجها في برنامجها الصاروخي مطلقا..

١٠- إلغاء حظر السلاح المفروض على إيران، واستبداله ببعض القيود بحيث يمهد لاستيراد وتصدير المعدات الدفاعية بشكل منفصل، ثم إلغاء هذا الحظر تماما بعد ٥ سنوات..

١١- إلغاء حظر استيراد المعدات الحساسة ومتعددة الاستخدام..

١٢- إلغاء حظر دراسة الطلبة الجامعيين الإيرانيين في الأقسام المرتبطة بالطاقة النووية..

١٣- إلغاء حظر شراء الطائرات المدنية والسماح بتحديث الأسطول الجوي الإيراني..

١٤ – الإفراج عن ١٠ مليارات دولار ظلت محتجزة بالبنوك خارج إيران بسبب الحظر المفروض عليها..

١٥- التعاون الدولي مع إيران في بناء محطات نووية جديدة ومفاعلات بحثية طبقا لأحدث التقنيات في مجال الصناعات النووية!

 * * *

هكذا.. فإن من يقرأ نصوص هذا الاتفاق.. يجد أنها مليئة بالثقوب.. التي استطاعت أن تنفذ منها إيران وتنتج سلاحها النووي.. خاصة بعد أن ألغى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتفاق في مايو ٢٠١٨.. فأصبحت إيران بعد ذلك متحررة من أي التزام.. وانطلقت في تخصيب اليورانيوم بمعدلات عالية تمكنها من إنتاج السلاح النووي.. حتى أصبح لديها الآن أكثر من ٨ أطنان من اليورانيوم المخصب.. كما تقول بعض التقارير..

وهذا ما جعل ترامب يعيد حساباته مع إيران.. لتجنب حدوث مواجهة نووية معها..

———————————–

في المقال القادم إن شاء الله تعالى..

– ما هي حسابات الدول الغربية التي جعلتها توقع الاتفاق النووي مع إيران عام ٢٠١٥..

– وما هي حسابات ترامب الآن.. التي يجريها مع إيران «تحت الترابيزة»!

السيد هاني

كاتب صحفي مصري، نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية متخصص في الشئون الدولية، وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى