الشيخ “رفاعي سرور”.. الرحلة من “أصحاب الأخدود” إلى “الحركة الجهادية”
كان الشيخ رفاعي سرور مدرسة فكرية متفردة، قد تختلف أو تتفق معه، لكن لا تستطيع أن تنكر دوره في المشهد العام
ونحن هنا في (سير وشخصيات) نعرض لجميع المدارس والفصائل من أهل السُّنّة والجماعة، وننظر من جميع النوافذ.. فكلهم اجتهدوا.. والقاعدة الفقهية تقول: (المجتهد إذا أصاب له أجران، وإن أخطأ له أجر واحد)
يقول “عمر رفاعي سرور” (رحمه الله):
كان أبي (رحمه الله) يُحسن النظر للأشياء بطريقة عجيبة
قلتُ له: هؤلاء لا يفعلون شيئا غير إدخال الناس المسجد
فقال لي: دعهم يفعلون ذلك، وانشغل أنت بدعوة من في المسجد.
قلتُ له: هؤلاء الغلاة خطر شديد على اﻷمة
فقال لي: وأيضا يمثلون (جهاز إنذار) لمن يهم بالانحراف
لما مدحه أحد الذين سبقوه بالإيمان وأكثر في المدح، أجابه بكلمة واحدة مختصرة تحمل الكثير من المعاني قائلا: لست إلا أثر لكم.
قال له أحد ضباط المخابرات اﻷمريكية: هناك حرب إبادة على المسلمين في البوسنة
فقال: لم يكن المسلمون هناك يعرفون اﻹسلام وبعد حربكم تعرّفوا على الجهاد، ولم تكن اﻷمة تشعر بأحوال المسلمين هناك حتى انتبهوا بعد حربكم
قلت له: مذابح المسلمين انتشرت في أماكن كثيرة فقال لي: هذه حجامة لجسد اﻷمة لكي تسترد عافيتها
قلتُ له: الشيخ ابن باز مات؛ فقال: الحمد لله، الفتن القادمة شديدة.
قلتُ له في أول زيارته لي: إيه رأيك في السجن؟ فقال لي: العلم والذكر والرياضة.
قيل له: تم ترحيل عمر لسجن الوادي الجديد، فقال: الجو هناك جاف، وسيتخلص من الرطوبة.
قالت له أمي: هذا أول رمضان لعمر في السجن، فقال لها: ربنا جمع لنا بين الصيام والجهاد.
قيل له: المجلس العسكري أدى التحية العسكرية لشهداء يناير
فقال: (آهي حاجة تفرّح العيال الصغيرة)
قلتُ له وأنا في السجن: (بتعمل ايه اﻷيام دي؟) فقال لي: (بخلّص كتاب التصور السياسي وكام مقالة كده وبعدين أروَّح ؛ يعني الموت..)
قيل له أشياء كثيرة سيئة لكنه كان يستخرج حسناتها بصورة عجيبة
كنتُ أسمعه يقول: ربنا حبيبي؛ وهي كلمة لم أسمعها من رجل قبله، ولا قرأتها في كتاب، وربما أكون قد سمعتها من طفل صغير على الفطرة يتكلم عن الله
كان لسان حاله مع القدر؛ فكانت خاتمته أن فرغ من قراءة سورة ياسين،ثم ذهب لصلاة العصر، ثم فاضت روحه في المسجد بعد أن توضأ.
(رفاعي سرور جمعة)
الميلاد: 19 يناير 1947م، الإسكندرية. (26 صفر سنة 1366هـ)
الوفاة: 22 فبراير 2012م، القاهرة
النشأة
– تأثر في طفولته بما رآه من تعذيبٍ للإخوان المسلمين من قِبَل قوات عبد الناصر، فكان ذلك دافعًا للتوجه الديني بداخله، حتى كان حرصُه على الصلاة في المسجد – وهو في سن السابعة – ردَّ فعلٍ لما رأى من تعذيب أحد جيرانه أمام عينيه.
– نشأ الشيخ في أحضان المسجد، وقرأ الحديث على شيوخ أنصار السنة المحمدية لسنوات استفاد منهم كثيرًا، لكنه وجد في نفسه شغفًا لتطبيق تلك الأحاديث واقعًا عمليًا بعيدًا عن الحفظ المجرد لها.
– اتجه إلى كتابات الأستاذ سيد قطب (رحمه الله)، ليجد فيها بغيته من التطبيق العملي الواقعي للقرآن والسنة.
أصحاب الأخدود
– كان عمره 19 عاما، حين صُدم بخبر إعدام سيد قطب، فنشأت في ذهنه فكرة امتداد كتاباته؛ فبدأ في كتابة (أصحاب الأخدود)، وكانت أولى كتاباته في هذه السن المبكرة.
– وُيعَدُّ من العلماء القلائل الذين صدعوا بالحق في وجه الطغاة، وتحملوا تبعة ذلك سجنًا وتعذيبًا وتضييقًا في الرزق والحركة، وهو صابر محتسب، مع زهد وقناعة وحُسن عبادة.
الحركة الجهادية
– كان الشيخ رفاعي أحد مؤسسي الحركة الجهادية سنة 1981، والتي شملت أحداث المنصة، وقُتل فيها الرئيس المصري محمد أنور السادات، وتم اعتقاله ضمن مجموعة التنظيم في القضية المعروفة إعلاميًا باسم (قضية تنظيم الجهاد).
وأخلي سبيله بعد ثلاث سنوات على شرط الإقامة الجبرية، وتحت مراقبة قوات الأمن، فأحسن استغلال فرصة الإقامة الجبرية في كتابة وتأليف عددٍ من الكتب والمقالات النافعة.
مرحلة التشويه الإعلامي:
عُرِف عن الشيخ رحمه الله تعامله الإنساني مع المحيطين به؛ فجعله ذلك ملاذًا وملجأ للعوام من المسلمين، وقبلهم شباب التيار الإسلامي، لحل خلافاتهم ومشاكلهم الأسرية، وتصحيح مسارهم الفكري والحركي؛ مما أثار حفيظة أصحاب السلطة تجاهه، فضاقوا به ذرعًا، وحرضوا بعض السفهاء للشغب على فكره؛ فتوالت الحرب الإعلامية عليه في البرامج التلفزيونية والصحف والمجلات التابعة للنظام، لكن ذلك لم يزده إلا ثباتًا على دينه، وكان يقابل ذلك التشويه بابتسامة هادئة مرددًا كلمته المعتادة: “في سبيل الله”.
وفاته:
فاضت روح الشيخ رفاعي سرور أثناء وضوئه لصلاة العصر يوم 21 فبراير 2012 م، وحضر الجنازة حشد كبير من الناس، وعددٌ من الشيوخ والسياسيين، مثل: الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، والدكتور محمد البلتاجي، والشيخ حافظ سلامة، والشيخ حسن أبو الأشبال، والشيخ عبود الزمر، وغيرهم من شباب وشيوخ الحركة الإسلامية بجميع طوائفها.
كما عبَّر الدكتور أيمن الظواهري في عزائه عن تقديره للشيخ وحبه له واحترامه إياه، قائلاً: “لقد تعرفت عليه عام 1395هـ، وقد تعلمت واستفدت منه كثيرًا”.
أهم مؤلفات الشيخ رفاعي سرور:
1- عندما ترعى الذئاب الغنم
وهو كتاب من جزأين، في غاية الروعة، وقد تُرجم إلى عدة لغات أجنبية، وكان قد ألف الجزء الأول منه في بداية حقبة السبعينات.
2- أصحاب الأخدود
رغم صغر حجمه إلا أنه لاقى رواجًا كبيرًا، وما فتئت دور الطبع تطبعه منذ السبعينات وحتى وقتنا الحاضر، كما ترجم إلى عدة لغات، وقد ألفه الشيخ رحمه الله وهو في عمر 19 سنة.
3- قدر الدعوة
4- حكمة الدعوة
5- بيت الدعوة
6- في النفس والدعوة
7- علامات الساعة (دراسة تحليلية)
8- التصور السياسي للحركة الإسلامية
9- المسيح ابن مريم (تصور سَلَفِي)
10- حماية الدين من التحريف
11- سورة الدخان (دراسة في علم المناسبة)
12- بالإضافة إلى العديد من المقالات المنشورة في كثير من مواقع الشبكة الإلكترونية.
المصادر:
الموقع الرسمي للشيخ رفاعي سرور
مواقع إسلامية متخصصة