في ظل تطورات متسارعة، شهدت المنطقة أخيرًا تصاعدًا غير مسبوق في مستوى المواجهة بين جيش الإحتلال وإيران، مع إطلاق إيران لدفعة سادسة من الصواريخ، وتهديدات متبادلة وأحداث عسكرية عنيفة، مما يرفع سيناريو المواجهة الشاملة إلى مستويات غير معروفة، يتطلب فهم مجريات الأزمة بشكل أوسع وتحليل للجوانب العسكرية، السياسية، والأمنية، مع دراسة لآراء الخبراء، وتوقعات لمستقبل المنطقة.
التطورات الأخيرة على الساحة العسكرية والسياسية
خلال الساعات الأخيرة، أطلقت إيران دفعة جديدة من الصواريخ، استهدفت مناطق متفرقة بداخل العراق وسوريا ولبنان، وتشير التقارير إلى أن عدد الصواريخ التي أُطلقت تجاوزت 50 صاروخًا، أغلبها من طرازات باليستية قصيرة ومتوسطة المدى، وأُعلنت عبر وسائل الإعلام الإيرانية أن الهدف تكثيف الضغط على إسرائيل، وردًا على العمليات الأخيرة التي استهدفت قيادات إيرانية وأهداف عسكرية في المنطقة.
وبحسب مصادر أمنية وإعلامية، فإن إيران حاولت، من خلال هذه الهجمات، إظهار قدراتها الصاروخية المتطورة، ولتكثيف حالة الرعب، وتحقيق ردع نفسي وسياسي للكيان الصهيوني، خاصة مع الحديث المتكرر عن عمليات سرية أعدها جيش الاحتلال ضد مراكز عسكرية إيرانية وأذرعها في المنطقة.
الموقف السياسي والإقليمي والدولي
على الساحة السياسية، أصدر قادة إيران بيانًا موحدًا حذروا فيه من أن “انتقامًا قاسيًا يتربص بجيش الاحتلال وسيدفع الثمن”، بينما أظهر المسؤولون الإيرانيون استعدادًا للاستمرار في التصعيد، وفتح جبهات متعددة في المنطقة،
وعلى الصعيد الدولي، تداخلت ردود فعل مختلفة، حيث حمّلت واشنطن وطهران بعضهما البعض المسؤولية عن التصعيد، وأعربت الدول الأوروبية وبعض الدول العربية عن قلقها، داعية إلى ضبط النفس والبحث عن حلول دبلوماسية.
أما على مستوى التفاعلات الإقليمية، فقد أعلنت كل من سوريا ولبنان أن رفع مستوى الدفاعات الجوية لمواجهة أي هجمات إسرائيلية، بينما تحدثت دول الخليج عن قلق كبير إزاء التصعيد الذي يهدد استقرار المنطقة واستقرار إمدادات النفط.
قدرات إيران الدفاعية والهجومية
إيران، وفقًا لتحليلات خبراء عسكريين، تملك الآن ترسانة واسعة من الصواريخ الدقيقة، والتي استثمرت فيها بشكل كبير على مدى السنوات الماضية، ونجحت في تطوير قدراتها على التمركز في مواقع سرية وأماكن غير متوقعة، مما يصعب استهدافها بدقة عالية، ويزيد من قدرتها على الردع.
كما نفذت إيران عدة عمليات طويلة الأمد متعلقة بتهريب الأسلحة، وتثبيت أنظمة صواريخ في مواقع سرية، وزرع منصات إطلاق متنقلة على Trucks، مما يجعل استهدافها أبطء، ويزيد من احتمال استمرار المواجهة.
قدرات الكيان المحتل الأمنية والعسكرية
بالنسبة لجيش الاحتلال، يبدو أن القدرات الهجومية والسرية قد تطورت بشكل ملحوظ، مع اعتماد عمليات سرية و تنفيذ استهدافات دقيقة بواسطة الطائرات بدون طيار، عمليات الكوماندوز، وتوجيه الأسلحة الذكية. وتتمتع إسرائيل بحرية جوية واسعة ومجهزة برادارات عالية التقنية، واستطاعت خلال العمليات الأخيرة تدمير مراكز القيادة الإيرانية، الإصابات على الأراضي الإيرانية، وتقليل قدرتها على الرد السريع.
ويعتمد الكيان على شراكات استراتيجية مع الولايات المتحدة، إضافة لامتلاكها بعض أنظمة الدفاع الصاروخي المبكر، ولكن مع استمرار الصواريخ الإيرانية، تظل احتمالات المواجهة مفتوحة، مع توقعات بزيادة حجم العمليات العسكرية.
الآراء والتوقعات من خبراء ومحللين
اللواء سامي العسل: المحلل العسكري الفلسطيني، ذكر أن “إيران تتبنى استراتيجية ردع طويلة الأمد، وهي تتجه نحو تصعيد تدريجي يعتمد على توازن رد الفعل الذي يضغط على الكيان ويعطي إيران هامش مناورة أوسع، مع تلميحات لأذرعها في المنطقة مثل حزب الله وحماس.”
– *الدكتور عادل عبد المتعال، خبير العلاقات الدولية: قال: “نحن أمام مواجهة مركبة تتداخل فيها الأبعاد العسكرية والسياسية، ولا يُستبعد أن تتوسع المشهد لتشمل دولًا أخرى مثل سوريا ولبنان، خاصة إذا استمر الكيان في عملياته في العمق الإيراني، أو أجنحته في المنطقة.”
المحلل العسكري بجيش الاحتلال، عمرو عبود: أشار إلى أنه “من المتوقع أن تستمر الهجمات الصاروخية الإيرانية من داخل العراق وسوريا ولبنان ردًا على استهدافات الكيان لمواقع إيرانية، مع احتمال أن تتوسع العمليات إلى أهداف داخل إسرائيل، فزخم المواجهة مرشح للارتفاع خلال الأسابيع المقبلة.”
هل ستطول المواجهة أكثر من أسبوع؟
– العديد من الخبراء يتفقون على أن المواجهة الحالية مرشحة للاستمرار، وليس فقط لأسبوع، إذ إن إيران تملك خيارات رد متعددة، وتتمتع بإمكانات استراتيجية وتكتيكية لتصعيد المواجهة، سواء عبر إطلاق المزيد من الصواريخ أو شن هجمات أعمق داخل الأراضي المحتلة.
أصدرت باريس، ولندن، وواشنطن، بيانات تطالب بضبط النفس، وبعضها أوضح أن استمرار التصعيد قد يدفع المنطقة نحو مخاطر عالية، وأن الحلول الدبلوماسية لا تزال ضرورية، رغم أن ذلك يبدو بعيد المنال حاليًا.
ولكن السيناريو الأكثر توقعًا استمرار المواجهة على مستوى العمليات المحدودة والمتقطعة، مع تصعيد تدريجي ومدروس من قبل إيران لتحصيل مكاسب سياسية واستراتيجية، بينما يرد الكيان ويزيد من استهداف المواقع الإيرانية في المنطقة.
التداعيات الاقتصادية والسياسية المحتملة
قفزت أسعار النفط عالميًا بنسبة تتراوح بين 4-8% خلال الساعات الأخيرة، نتيجة المخاوف من إغلاق مضائق هرمز، أو نشوب هجمات على منشآت نفطية نفطية إقليمية، خاصة أن المنطقة تعتبر مصدرًا رئيسيًا للنفط العالمي.
بعض التحليلات تشير إلى أن تصاعد المواجهة قد يهدد إمدادات النفط، خاصة إذا توسعت العمليات العسكرية أو استهدفت مضيق هرمز بشكل مباشر، مما قد يؤدي إلى زيادات غير مسبوقة في أسعار الوقود والطاقة عالميا.
التداعيات السياسية
من المتوقع أن تؤدي حالة التصعيد إلى مزيد من التوترات بين القوى الكبرى، و تسعى الولايات المتحدة إلى دعم الكيان عسكريًا أو سياسيًا، بينما تحاول إيران تكريس حضورها الإقليمي وتعزيز تحالفاتها مع القوى المناهضة للغرب.
– على الصعيد الداخلي، يمكن أن تؤدي الأوضاع المتوترة إلى اضطرابات سياسية داخل إيران، خاصة مع إحياء الشعب الإيراني لمطالبه بتحسين الأوضاع الاقتصادية وتخفيف العقوبات، التي تؤثر على قدرات إيران العسكرية والاقتصادية.
مستقبل المنطقة: توقعات واستشرافات
استمرار المواجهة على مدى أسابيع وربما شهور، مع احتمالات لتوسعها إلى جبهات أخرى مثل لبنان أو سوريا، خاصة أن حزب الله وحركات فلسطينية فلسطينية تتلقى دعما واستعدادات على مستوى عالٍ، وقد تتخذ موقفًا أكثر عدوانية.
احتمال التوصل إلى تهدئة مؤقتة من خلال وساطات دولية، خاصة إذا أدرك الطرفان أن التصعيد قد يتطور إلى حرب شاملة، وهو أمر غير مرغوب فيه من قبل جميع الأطراف، إلا أن احتمالات ذلك تتراجع مع استمرار التصريحات العدائية.
سيناريوهات التصعيد المستقبلية
تصعيد محدود ومتقطع مع استمرار الهجمات الصاروخية، وغارات جوية محدودة، وفرض عقوبات أشد، مع محاولة إيران استهداف مصالح حيوية للكيان في المنطقة.
وإذا قررت إيران أن المرحلة الحالية لم تعد تحقق أهدافها، فقد تبدأ في توسيع العمليات لتشمل هجمات أكثر عمقًا داخل إسرائيل، وتوجيه ضربات مركزة لمواقع حساسة، مما قد يؤدي إلى دخول المنطقة في حرب واسعة النطاق، في هذا السيناريو، تتوقع بعض المراكز البحثية أن تتدخل قوات برية إيرانية، وتتصاعد الأزمة إلى مواجهة إقليمية ودولية أوسع.
التهدئة المؤقتة والتدوير الدرامى
من الممكن أن تتوقف العمليات بشكل مؤقت، إذا تدخل الوسطاء، وبدأت مفاوضات غير مباشرة، أو ضغطت قوى إقليمية ودولية على الطرفين لوقف التصعيد، مع استمرار تحذيرات من احتمال عودة التصعيد إذا نهج الطرفان إجراءات تصعيدية جديدة.
الاستنزاف الطويل الأمد:
نمط آخر محتمل هو أن تظل المواجهة في حالة استنزاف متقطع، مع هجمات متبادلة، بحيث تكون كل طرف يحاول أن يحقق أكبر قدر من الأهداف الاستراتيجية والرمزية، دون أن يؤدي ذلك إلى حرب شاملة، لكن مع استمرار حالة عدم الاستقرار في المنطقة لسنوات طويلة.
الآثار طويلة المدى على المنطقة والعالم
استمرار التوتر الأمني: الأزمة الراهنة قد تترك آثارًا طويلة الأمد على استقرار المنطقة، حيث تظل العديد من المناطق مناطق نزاعات ساخنة، وتكون مهددة عبر استمرار المناوشات والصواريخ، مما يضعف فرص التنمية الاقتصادية، ويزيد من معدلات الهجرة والاضطرابات السياسية.
تغير معادلات القوة الإقليمية والدولية
استمرار التصعيد قد يعيد رسم خطوط القوة في الشرق الأوسط، مع ارتفاع نفوذ إيران وحلفائها، مقابل تراجع نفوذ الكيان، وتراجع قدرة بعض الدول على السيطرة على الوضع، مما يفتح المجال لتغيرات استراتيجية كبيرة.
