الصّدِّيقَة بنت الصدِّيق: السيّدة عائشة (رضيَ اللهُ عنها)
(لا أعلم في أُمّةِ مُحمّدٍ ﷺ، بل في نساء العالمين، امرأةً أعلم من عائشة)
هكذا قال الإمام الذهبي في موسوعته: “سِيَر أعلام النبلاء”
وقال عنها الحاكم النيسابوري في كتابه المُستدرَك: (إنّ رُبع عِلم الشّريعة قد أتى من طريق عائشة)
ويقول عروة بن الزبير: (ما رأيتُ أعلم بفقهٍ ولا طبٍّ ولا شِعرٍ من عائشة)
إنها الصدّيقة بنت الصدّيق.. السيدة المفسّرة العالِمة المحدّثة الفقيهة التي قال عنها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، إن فضلها على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام.
(طعام الثريد بالعامية المصرية: الفَتّة باللحم، وكان هو الطعام الأفخم عند العرب منذ الجاهلية)
16 رمضان 58هـ/ 13 يوليو 678م؛ تُوفّيت السيد عائشة، أم المؤمنين {رضى الله عنها} أقرب زوجات النّبي (صلى الله عليه وسلم) إلى قلبه.
– رَحَلَت عن الدنيا بعد انتقال الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى الرفيق الأعلى بـ 47 عاما، ودُفِنَت في البقيع، وكان عمرها آنذاك 67 عاما.
– تنتمي السيدة عائشة (رضي الله عنها) إلى بني تيم، إحدى قبائل قريش
– هي عائشة بنت أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مُرّة بن كعب، فيلتقي نسبها مع النبي (صلى الله عليه وسلم) في مُرّة بن كعب،، وأبوها هو أبو بكر الصدّيق (رضي الله عنه) خليفة النبي، وصاحبه.
– أمها: أم رومان بنت عامر، من بني مالك بن كنانة أسلمت وهاجرت.
وللسيدة عائشة من الإخوة: عبد الرحمن (أخ شقيق)، وعبد الله وأسماء (أمهما: قتيلة بنت عبد العُزّى العامرية)، ومحمد (أمه: أسماء بنت عميس)، وأم كلثوم (أمها: حبيبة بنت خارجة)
– هي ثالث زوجات النبي، وإحدى أمهات المؤمنين، والتي لم يتزوج امرأة بِكرًا غيرها، وبنت الخليفة الأول للنبي محمد: (أبو بكر الصدّيق) وقد تزوجها النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، بعد غزوة بدر في شوال، سنة 2هـ.
– تُوصف أم المؤمنين السيدة عائشة (رضي الله عنها) بأنها أفقه نساء الأمة، وأعلمهن بالقرآن والحديث والفقه، روت عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) عِلمًا كثيرًا، وقد بلغ مسندها: 2210 أحاديث، وكانت رضي الله عنها أفصح أهل زمانها وأحفظهم للحديث، وقد روى عنها الرواة من الرجال والنساء.
– إنّ فضائل السّيدة عائشة رضي الله عنها كثيرة، فقد شاركت في غزوة أُحُد في سقاية المجاهدين، وقد لازمت النّبي (صلى الله عليه وسلم)، وأخذت عنه العِلم الوفير، حتّى كان الصحابة يستفتونها في كثيرٍ من أمور الفقه والشّريعة، حتّى قال الحاكم في المستدرك: إنّ رُبع عِلم الشّريعة قد أتى من طريق عائشة.
– وقد بيّنَ النّبي الكريم فضل السّيدة عائشة على باقي النّساء كما يفضل الثّريد على باقي الطعام، وهي الزّوجة الوحيدة التي تزوّجها النّبي بكرًا وكانت تفتخر بذلك، وهي الوحيدة التي نزل الوحي على النّبي وهو على فراشها، ومات النبي (صلى الله عليه وسلم) في بيتها.
– رأى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في منامه جبريل، وقد جاء بالسيدة عائشة في ثوب من حرير، وقال له: «هَذِهِ امْرَأتك»، فردَّ النبي بقوله: «إنْ يَكُن هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمضِهِ»، وفي حديث آخر أن جبريل قال: «هَذِهِ زَوْجَتُكَ فِي الدُنيَا وَالآخِرة.
ورؤيا الأنبياء حقّ، ورؤيا الأنبياء وَحيّ، وزواج عائشة (رضي الله عنها) كان بأمرٍ وترتيب من ربّ العالمين.
– وفي حادثة الإفك الشهيرة التي قام بها المنافقون، جاء الرد من السماء دفاعا وتبرئة للسيدة عائشة: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [سورة النور:11]
قال عُروةُ بن الزبير، ابن أخت السيّدة عائشة: لم أعجب من براعة خالتي في الفِقه، والشِّعر، وتاريخ الناس، فهي زوجة النبي وابنة الصدّيق، ولكني أعجبُ مِن عِلمِها بالطِّب.
يقول معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنه): واللهِ ما سمعتُ قَط أبلغ من عائشة.
قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: «مَا أُشكلَ عَلَيْنَا أَصْحَاب رَسُوْل الْلَّه (صلى الله عليه وسلم) حَدِيثٌ قَطُّ فَسَأَلْنَا عَائِشَةَ، إلَّا وَجَدْنَا عِنْدَهَا مِنْهُ عِلْمًا».
وكانت من الفصاحة والبلاغة ما جعل الأحنف بن قيس يقول: (سَمِعْتُ خُطْبَةَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَعُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ، وَعَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، رضي الله عنهم، وَالْخُلَفَاءِ هَلُمَّ جَرًا إِلَى يَوْمِي هَذَا، فَمَا سَمِعْتُ الْكَلامَ مِنْ فَمِ مَخْلُوقٍ، أَفْخَمَ، وَلا أَحْسَنَ مِنْهُ مِنْ فِيِّ عَائِشَةَ رضي الله عنها).
– استنادًا إلى عُمر أختها أسماء التي كانت تكبرها ببضع عشرة سنين، وقد ماتت أسماء سنة 73هـ، عن عمر ناهز مائة سنة؛ يقول ابن حجر العسقلاني إن أبي نعيم الأصبهاني قال بأن أسماء بنت أبي بكر وُلِدَت قبل الهجرة بسبعٍ وعشرين سنة، والبِضع في اللغة بين الثلاثة والتسعة في التعداد، فيكون عُمر السيدة عائشة وقت زواجها بالنبي محمد بين العشرة والست عشرة سنة.. والأرجح (16 عاما)
رحمَ اللهُ الفقيهة العابدة الزاهدة أُمّ المؤمنين، السيدة عائشة، ورضي عنها
……….
يسري الخطيب