أعلنت وزارة الداخلية العراقية تفكيك “أحد أكبر مصانع تصنيع الكبتاغون في الشرق الأوسط” شرقي لبنان، وذلك في إطار عملية استخباراتية مشتركة مع السلطات اللبنانية.
وفي بيان صدر مساء الاثنين، قالت الوزارة إن “التعاون الأمني والاستخباراتي الوثيق بين المديرية العامة لشؤون المخدرات العراقية والمديرية العامة لأمن الدولة اللبنانية” أسفر عن “اكتشاف وتفكيك أحد أكبر مصانع الكبتاغون في منطقة البقاع اللبنانية”، التي تمتد على طول جزء كبير من الحدود اللبنانية السورية.
ووصفت الوزارة العملية بأنها “الضربة الأقوى ضد شبكات الكبتاغون في الشرق الأوسط”، وأكدت أن هذا النجاح تحقق بفضل “المعلومات الاستخبارية الدقيقة التي قدمتها الأجهزة العراقية لنظيراتها اللبنانية”. وقد أدى ذلك إلى عملية كبيرة شنها الجيش اللبناني في منتصف يوليو/تموز 2025، والتي “تم خلالها الاستيلاء على المصنع وإحباط إنتاج وتوزيع كميات كبيرة من المخدرات”.
في رسالة رسمية موجهة إلى وزارة الداخلية العراقية، أشادت المديرية العامة لأمن الدولة في لبنان “بالتعاون الاستخباراتي” مع العراق باعتباره يعكس “قوة العلاقة بين بلدينا الشقيقين ويسلط الضوء على الدور القيادي للعراق في مكافحة التهديدات العابرة للحدود – وفي مقدمتها آفة المخدرات التي تشكل خطرًا جسيمًا على الأمن المجتمعي العربي”.
Iraq’s interior ministry has released footage of what it says is “one of the largest Captagon manufacturing factories in the Middle East,” located in eastern Lebanon. The facility was dismantled as part of a joint intelligence operation between Iraqi and Lebanese authorities. pic.twitter.com/KIwC0n2gxB
— Rudaw English (@RudawEnglish) August 19, 2025
التهديد الإقليمي
إن إنتاج وتهريب الكبتاجون – وهو أمفيتامين قوي – هو مصدر قلق مستمر منذ عقود في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك العراق، حيث ارتفعت حالات الاستهلاك والتهريب بشكل حاد في السنوات الأخيرة.
وقد تم الاعتراف على نطاق واسع بسوريا، في ظل نظام الديكتاتور المخلوع بشار الأسد، كمصدر رئيسي لإنتاج وتوزيع الكبتاجون. أصبحت التجارة أداة سياسية واقتصادية لنظام الأسد، حيث أشار العديد من المحللين إلى ماهر الأسد، شقيق الرئيس، كشخصية رئيسية وراء هذه الصناعة.
أُنشئت العديد من المصانع في المناطق الواقعة على طول الحدود اللبنانية السورية، وخاصةً في منطقة البقاع، حيث حوّلتها وعورة التضاريس، وشبكات العشائر الراسخة، وضعف سيطرة الدولة، إلى بؤرة تهريب. تُسهّل هذه المنطقة تهريب البضائع والوقود والأسلحة والأشخاص، وخاصةً المخدرات مثل الكبتاغون. كما
أن طبيعة الحدود غير المترسّمة والقابلة للاختراق، إلى جانب الروابط العائلية والاقتصادية العميقة بين المجتمعات الحدودية، تُسهّل تجارة المخدرات غير المشروعة.
إضافةً إلى ذلك، يُعقّد وجود جهات فاعلة قوية غير حكومية – وأبرزها حزب الله – جهود إنفاذ القانون. فلطالما اتُهم حزب الله، بفضل طرق إمداده وبنيته التحتية اللوجستية الخاصة، بتسهيل تهريب المخدرات أو غضّ الطرف عنه، مما يُقوّض جهود قوات الأمن اللبنانية والسورية على حد سواء.
ويعتقد المراقبون أن انهيار نظام الأسد في سوريا وضعف نفوذ حزب الله في لبنان قد يُهيئان الظروف لشنّ حملة أوسع نطاقًا على تجارة الكبتاغون وغيرها من الأنشطة غير المشروعة عبر الحدود.
حرب بغداد على المخدرات.
في الأشهر الأخيرة، كثّفت السلطات العراقية جهودها لمكافحة تهريب المخدرات. فالبلاد، التي كانت في السابق معبرًا رئيسيًا للمخدرات، أصبحت وجهةً متزايدة للمخدرات، مما أثار قلق المسؤولين والجمهور. في مطلع أبريل/نيسان، أعلنت
وزارة الداخلية العراقية إحباط محاولة تهريب 400 ألف حبة كبتاغون عبر نهر الفرات من سوريا إلى الأراضي العراقية. ووفقًا للبيان، كانت المخدرات تُهرَّب من محافظة دير الزور شرقي سوريا.
في منتصف مارس/آذار، أعلنت الوزارة عن ضبط شاحنة محملة بنحو 1100 كيلوغرام من حبوب الكبتاغون قادمة من سوريا باتجاه العراق عبر تركيا. وفي الشهر نفسه، أفادت مديرية مكافحة المخدرات العراقية أن بغداد ضبطت نحو 1.75 طن من المواد المخدرة منذ بداية عام 2025، وألقت القبض على 2000 شخص.
وفي عام 2024، كشفت مديرية مكافحة المخدرات في ديسمبر/كانون الأول عن ضبط ما مجموعه ستة أطنان و183 كيلوغرامًا من المخدرات المخدرة ذلك العام، واعتقال 14483 مشتبهًا بهم. ومن بين هؤلاء، حُكم على 144 شخصًا بالإعدام بتهمة تهريب المخدرات دوليًا، بينما حُكم على 454 تاجرًا محليًا بالسجن المؤبد – أي مدة 20 عامًا.
صرّح اللواء سعد معن، رئيس خلية الإعلام الأمني العراقي، لشبكة روداو في فبراير/شباط بأن الاتجار بالمخدرات “أكثر الجرائم انتشارًا” في العراق، مشددًا على أن الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان تعملان معًا ومع دول الجوار الإقليمي لمعالجة هذه القضية.
وأوضح معن أن “المخدرات تُستورد بشكل شبه حصري” إلى العراق، وأن هناك “محاولات فاشلة” لتصنيع الميثامفيتامين الكريستالي والكبتاجون – وهما أكثر أنواع المؤثرات العقلية شيوعًا – داخل البلاد.