التقى رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني بنظيره التركي نعمان كورتولموش في أنقرة، داعيًا إلى زيادة إطلاقات المياه في نهري دجلة والفرات في ظلّ معاناة العراق من أزمة مياه متفاقمة، ناجمة بشكل رئيسي عن مشاريع السدود المقامة في تركيا.
وفي بيان، صرّح المجلس التشريعي العراقي بأنّ المشهداني شدّد على الحاجة المُلِحّة لتعزيز تدفقات المياه، “خاصةً في هذا الوقت من العام، وبما يضمن وصول المياه إلى جميع المحافظات العراقية، وخاصةً الجنوبية منها”.
يعتمد العراق بشكل كبير على نهري دجلة والفرات في إمداداته المائية، حيث ينبع كلا النهرين من تركيا. إلا أن مشاريع السدود الضخمة التي تنفذها أنقرة، بما في ذلك مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP)، قد قلّلت بشكل كبير من تدفق المياه إلى العراق.
وقد تسبب انخفاض إمدادات المياه في انتشار الجفاف والتصحر على نطاق واسع، حيث تُشير التقارير إلى أن العراق يحصل على أقل من 40% من حصته التاريخية من المياه.
وفي معرض حديثه عن المخاوف الإقليمية الأوسع، أخبر المشهداني نظيره التركي أن زيارته “تأتي في منعطف أمني صعب ووجودي وتحدٍّ في الشرق الأوسط”، مؤكدًا أن العراق يهدف إلى تجنب الانجرار إلى صراعات إقليمية.
ويأتي الاجتماع في أعقاب تصعيد إقليمي كبير بدأ في 13 يونيو/حزيران، عندما أدت الغارات الجوية الإسرائيلية داخل إيران إلى مقتل العديد من كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين. وردًا على ذلك، شنت إيران هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل.
وتصاعدت التوترات بشكل أكبر في 20 يونيو/حزيران عندما ضربت الولايات المتحدة ثلاث منشآت نووية إيرانية رئيسية – فوردو وأصفهان ونطنز. وردت إيران في اليوم التالي بإطلاق صواريخ باليستية على قاعدة العديد الجوية في قطر، وهي أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة.
توسط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران الأسبوع الماضي، والذي يبدو أنه صامد حتى الآن.
وطوال الصراع، دعت العراق باستمرار إلى خفض التصعيد وأدانت ما وصفته بـ “العدوان الإسرائيلي” على إيران. رفضت بغداد أيضًا استخدام المجال الجوي العراقي لشن هجمات على إيران، وقدمت شكوى ضد إسرائيل لدى مجلس الأمن الدولي.
من جانبه، أعرب رئيس البرلمان التركي، كورتولموش، في بيان صادر عن البرلمان العراقي يوم الثلاثاء، عن أمله في أن تكون زيارة المشهداني “بشارة خير لتعزيز وتطوير العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين”. وأكد على التاريخ والجغرافيا المشتركة بين تركيا والعراق، قائلاً: “مستقبلنا واحد، ونأمل أن يصبح العراق من أقوى دول المنطقة”.
وخلص البيان إلى أن الجانبين اتفقا على تعزيز التعاون الاقتصادي، وتشجيع الاستثمار التركي في العراق، وتحسين التواصل الثنائي.
ينخرط العراق وتركيا حاليًا في اتفاقيات ومفاوضات بشأن تقاسم المياه.
وفي أبريل 2024، وقّع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتفاقية مياه استراتيجية بمليارات الدولارات في بغداد. تتضمن الاتفاقية، التي تمتد لعشر سنوات، مشاريع مشتركة لتحسين إدارة المياه في نهري دجلة والفرات، وتسمح بالاستثمار التركي بالتنسيق مع السلطات العراقية.
على الرغم من هذه الاتفاقية المهمة، لا يزال العراق يواجه أزمة مياه حادة. في أواخر مايو، صرّح مسؤول كبير في وزارة الموارد المائية العراقية لرووداو أن احتياطيات المياه في البلاد قد انخفضت إلى أدنى مستوياتها منذ 80 عامًا.
وحذر خالد شمال، المتحدث باسم الوزارة ومدير الهيئة العامة لمشاريع الري والاستصلاح، من أن الوضع سيجبر العراق على تقليص خططه الزراعية الصيفية بشكل كبير. وقال شمال:
“في بداية موسم الصيف، كان من المفترض أن يكون لدينا ما لا يقل عن 18 مليار متر مكعب من المياه. اليوم، لدينا حوالي 10 مليارات فقط”، مضيفًا: “لم نشهد احتياطيات بهذا الانخفاض منذ 80 عامًا”.
ونظراً للأزمة المستمرة، دعا السياسيون العراقيون باستمرار إلى إبرام اتفاقية دولية شاملة وملزمة مع تركيا لتأمين حصة العراق العادلة من المياه وضمان الاستدامة على المدى الطويل.