الأمة : بمناسبة اليوم العــــالميّ لمكافحة عمل الأطفال، الذي اعتمدته الأمم المتحدة عام 2002، ليصادف الثاني عشر من شهر يونيو/ حزيران من كل عام، صدر بيان مشترك عن كل من الأمانة العامَّة لجامعة الدول العربية ومنظمة العمل العربية والمجلس العربي للطفولة والتنمية، هذا نَصُّه:
أُطلق اليوم العالميّ لمكافحة عمل الأطفال في 12 يونيو من كل عام كمناسبة أُمَميَّة لتسليط الضوء على هذه القضية، والدعوة لبذل المزيد من الجهد واتخاذ إجراءات فورية وفعَّالة للحدِّ من عمل الأطفال تمهيدًا للقضاء عليه.
واليوم، ونحن نحتفي بهذه المناسبة في عام 2024، نؤكد – نحن الشركاء – على التزامنا الكامل ورسالتنا التنمويَّة لحماية وتعزيز حقوق الأطفال في المنطقة العربية، وبصفة خاصة فئة الأطفال العاملين؛ لتسليط الضوء على قضية عمل الأطفال أمام مُتَّخذي القرار والجهات الفاعلة لبذل المزيد من الجهد، وحثِّهم على اتخاذ الإجراءات الفوريَّة والفعَّالة للحَدِّ من عمل الأطفال والقضاء عليه.
ونستذكر بهذه المناسبة التقديرات العالمية التي تشير إلى تفاقم أعداد الأطفال العاملين بشكل كبير وخطير، وهو ما يُعدُّ أول ارتفاع منذ عقدين،
حيث يُقدَّر عدد الأطفال العاملين بــ 160 مليون طفل على مستوى العالم، أغلبهم في الفئة العمـــــــــرية بين 5 – 11 عامًا، مع ارتفاع ملحوظ في أعداد الأطفال الذين يزاولون أعمالًا خطرة، تضرُّ بصحتهم، أو نُموِّهم، أو سلامتهم، أو أخلاقهم.
كما ننوِّه بهذه المناسبة إلى خطورة الانعكاسات السلبية لتفاقم أعداد الأطفال العاملين التي أكَّدت عليها التقارير الدولية على منطقتنا العربية؛ خاصةً في ضوء ما تواجهه من تحديات جسيمة، بدءًا من تداعيات جائحة كورونا (كوفيد – 19)، والتغيُّرات المناخية التي صارت تمثل أزمة في حقوق الطفل،
إلي جانب اتساع الصراعات والنزاعات المسلَّحة في عددٍ من الدول العربية، فضلًا عن التحديات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية، والتي أثرت جميعها سلبًا على مسار التنمية وجهود مواجهة الفقر .
حيث يشير التقرير العربي الثاني حول الفقر المتعدد الأبعاد للعام 2023، إلى أن فقر الأطفال ما زال منتشرًا، إذ طالَ ربع الأطفال في ستة بلدان عربية متوسطة الدخل في أواخر العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، ويعاني أكثر من 20 مليون طفل في تلك البلدان الحرمانَ من أبعاد رفاههم؛ خاصةً في مجالات الصحة والتغذية والتعليم.
أما الجرائم التي تُرتكب في حق الطفولة والإنسانية في قطاع غزَّة، والتي تتنافى مع حقوق الأطفال وحقوق الإنسان، فهي وصمة على جبين المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان؛ ففي قطاع غزة أعلنت منظمة اليونيسف عن “مقتل” قرابة 13,500 طفل حتى تاريخه، وما يقرب من 1.9 مليون شخص نصفُهم من الأطفال لا يحصلون على ما يكفي من الماء والغذاء والوقود والدواء،
كما دُمرت منازل الأطفال وتشتَّتت أُسَرهُم، مما ينبئ بواقع مرير وبتدهور أوضاع أطفال غزة لعقودٍ قادمة؛ الأمر الذي سيدفعهم حتمًا إلى الانخراط في سوق العمل بكل مخاطره سعيًا للعيش وكسبًا لقُوتِهم و قُوتِ أسرهم.
وإدراكًا منا بخطورة هذه القضية على حقوق ومستقبل أطفالنا، وتواصُلًا لجهودنا المشتركة في هذا المجال منذ أن أصدرنا في العام 2019 دراسة “عمل الأطفال في الدول العربية”، وتناولنا عددًا من القضايا المرتبطة بتلك القضية تمثَّلت في الندوة العربية حول “عمل الأطفال وجائحة كوفيد – 19″ في العام 2021،
والورشة الإقليمية بعنوان: ”عمل الأطفال في المنطقة العربية والتغيرات المناخية ” في العام 2022، “واللقاء الإقليمي “أثر التغيرُّات المناخية على عمل الأطفال في المنطقة العربية” الذي أُقيم في إطار قمَّة المناخ (COP 28) بدبي في العام 2023،
فإننا نلتزم – من واقع مسؤوليتنا – باستمرار العمل معًا من أجل مواجهة هذه القضية، بتنظيم ورشة عمل حول “تأثير الأوضاع الاقتصادية الراهنة على عمل الأطفال في البلدان العربية” خلال هذا العام 2024؛
وذلك تعزيزًا للعمل المشترك بيننا، وسعيًا للتناقُش والتباحُث والرصد والتحليل لمختلف الجوانب المتعلقة بقضية عمل الأطفال، ومنها الجانب الاقتصادي الذي يشكِّل حائلًا دون القضاء على هذه المشكلة المتفاقمة.
ومع ما نقوم به – كشركاء – من جهد في هذا المجال، نناشد الدول العربية إلى العمل من أجل توفير سُبُل الحماية والعدالة الاجتماعية للجميع بمَنْ في ذلك الأطفال، وتوفير التعليم الجيِّد وإعادة جميع الأطفال إلى المدرسة، وتعزيز العمل اللائق للبالغين حتى لا تضطر الأسر إلى تشغيل أطفالها للمساعدة في تحسين دخل الأسرة،
مع إلغاء المعايير الضارَّة والتمييز بين الجنسين الذي يؤثر على عمل الأطفال، بما يضمن حماية حقوق أطفالنا وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويهيِّـئ لهم مستقبلًا أفضل أكثر أمنًا وسلامًا واستدامة نحمي طفولتهم اليوم لنضمن مستقبلًا مشـرقًا لشباب الغد.