بعد أسبوع من اندلاع المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران، لا تزال تداعيات الحرب تتصدر المشهد الإقليمي، مع ردود فعل متفاوتة في الشارع العربي، تراوحت بين الشماتة، والتخوف، والتعاطف، واللامبالاة، وسط تصاعد العنف في غزة وتراجع التركيز الإعلامي على مأساتها.
لأول مرة منذ عقود، يجد العديد من السوريين واللبنانيين والفلسطينيين أنفسهم في موقع “المتفرج” على حرب لا تدور فوق أراضيهم، حيث عبّر البعض عن ارتياح نسبي لهذا “الهدوء المؤقت”، فيما أبدى آخرون قلقهم من أن تغطي حرب إيران على جرائم إسرائيل المتواصلة في قطاع غزة.
في غزة، وصف مواطنون مشاعرهم بـ”المتضاربة” بين الشماتة من رؤية إسرائيل تتألم، والخوف من أن تُنسى قضيتهم. وفي لبنان، اختلطت مشاعر الغضب من إسرائيل بالحذر من النفوذ الإيراني. فبينما أكد حزب الله أنه “ليس على الحياد”، شدد مواطنون لبنانيون على رفضهم لأي قوة تفرض وصايتها على المنطقة، سواء كانت طهران أو تل أبيب.
في سوريا، لم يجد المواطنون كثيرًا مما يدعو للتعاطف، لا مع إسرائيل التي تواصل قصف الجنوب السوري، ولا مع إيران التي يرونها سببًا في بقاء نظام الأسد واستمرار المأساة السورية. التجربة الإيرانية هناك تركت جراحًا سياسية وطائفية عميقة.
أما في العراق، فانقسمت الآراء بين من يدعم إيران لموقفها من إسرائيل، ومن يتهمها بتمزيق النسيج العراقي عبر الميليشيات الطائفية. وفي الخليج، عبّرت العديد من الآراء عن الخوف من امتداد الحرب إلى أراضيهم، مع التنديد المشترك بالعدوان الإسرائيلي.
في شمال إفريقيا، خصوصًا الجزائر والمغرب، كان الموقف أكثر مبدئية، حيث أظهر مواطنون تعاطفهم مع إيران باعتبارها خصمًا لإسرائيل، حتى إن اختلفوا معها في ملفات إقليمية أخرى. وأكد آخرون أن العداء لإسرائيل لا يعني تبني أجندة أي نظام آخر.
المشترك في معظم الآراء هو أن الشعوب العربية ترى الحرب الجارية باعتبارها صراع قوى، تدفع الشعوب ثمنه، وتخشى من استغلاله لتصفية حسابات تتجاوز فلسطين وسوريا ولبنان، لتطال استقرار الإقليم بأكمله.
وفي المحصلة، فإن هذه الحرب، وإن بدت مباشرة بين إيران وإسرائيل، إلا أنها كشفت عن انقسام عميق في المزاج العربي، بين من يرى فيها لحظة للانتقام التاريخي، ومن يخشى أن تكون مجرد فصل جديد في مأساة مزمنة لا بطل فيها سوى الخراب.