عُقد مؤتمر صحفي مهم خلال الساعات الماضية في البرلمان البريطاني شارك فيه أعضاء بارزون من مجلسي العموم واللوردات، ومحامون دوليون في مجال حقوق الإنسان، وممثلون عن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية . وقد حذر المشاركون بشدة من تزايد موجة الإعدامات والقمع ضد المعارضين الإيرانيين، ودعوا الحكومة البريطانية إلى التدخل الفوري لمنع تكرار مذبحة عام 1988 بحق السجناء السياسيين في إيران .
كشف مكتب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في المملكة المتحدة خلال المؤتمر عن مؤشرات مقلقة تشير إلى موجة جديدة من الإعدامات تستهدف السجناء السياسيين في إيران، وخاصة أولئك المرتبطين بالقوة المعارضة الديمقراطية الرئيسية، منظمة مجاهدي خلق الإيرانية .
تصاعد القمع وتحذيرات من مذبحة وشيكة
أكدت السيدة دولت نوروزي، ممثلة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في المملكة المتحدة، أن النظام الإيراني، الخائف من اندلاع انتفاضة وطنية أخرى، كثف قمع المعارضة . ويشمل هذا التصعيد حملة اعتقالات واسعة النطاق، وتكثيف الضغوط على السجناء السياسيين، وزيادة إصدار أحكام الإعدام ضدهم . ووفقًا لممثلة المجلس، هناك حاليًا 15 سجينًا سياسيًا مرتبطين بمنظمة مجاهدي خلق ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام في سجون إيرانية مختلفة .
وذكّر المتحدثون بمذبحة عام 1988، التي أعقبت هزيمة نظام الملالي في الحرب الإيرانية العراقية، حيث تم إعدام 30 ألف سجين سياسي جماعيًا في غضون بضعة أشهر فقط بناءً على فتوى من الخميني . وكان 90% من هؤلاء السجناء من أعضاء أو مؤيدي منظمة مجاهدي خلق .
وفي يوليو 2024، وصف الدكتور جاويد رحمان، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في إيران آنذاك، هذه المذبحة بأنها جريمة ضد الإنسانية وإبادة جماعية .
دعوات للمحاسبة ودور المملكة المتحدة
دعا المتحدثون المملكة المتحدة إلى أخذ زمام المبادرة بين الدول الأوروبية للاعتراف بمذبحة عام 1988 كجريمة ضد الإنسانية وإبادة جماعية، بما يعكس الخلاصة التاريخية للدكتور جاويد رحمان . وأكدوا أن محاسبة النظام على جرائمه الماضية أمر ضروري لإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب ومنع المزيد من إراقة الدماء .
وانتقد أعضاء البرلمان التركيز المحدود للحكومة البريطانية على برنامج النظام النووي، محذرين من أن هذا النهج قد همش أزمة حقوق الإنسان المتفاقمة والتهديدات المتزايدة من جانب النظام ضد المملكة المتحدة وأمنها القومي . وطالبوا المملكة المتحدة وشركائها الأوروبيين (E3) بربط أي تفاعل مع طهران، بما في ذلك المفاوضات النووية، بوقف فوري للإعدامات، والإفراج عن السجناء السياسيين والمزدوجي الجنسية، والسماح للمقررين الخاصين للأمم المتحدة بدخول إيران وزيارة سجونها .
أشارت السيدة دولت نوروزي أيضًا إلى مقال نشرته وكالة أنباء فارس (التابعة للحرس الثوري) في 8 يوليو، دعا إلى تكرار مذبحة عام 1988 . وعلقت قائلة: “إن مقال فارس هذا ليس مجرد دعاية، بل هو تحذير خطير. إن هذه الدعوة الصريحة لتكرار مذبحة عام 1988 هي علامة مرعبة على تصعيد حرب النظام ضد المعارضة” .
وأضافت: “التاريخ اليوم على وشك التكرار. هذه الأحكام بالإعدام ضد مؤيدي مجاهدي خلق هي جزء من حملة ممنهجة لتدمير المعارضة من خلال الإرهاب والترهيب. النظام مذعور للغاية من الشعب الذي اتحد ويريد الحرية” .

ودعت نوروزي الحكومة البريطانية إلى كسر صمتها، ليس فقط بإدانة قاطعة لنظام الملالي، بل باتخاذ خطوات عملية لمحاسبة الجناة وإحالتهم إلى المحكمة الدولية . وشددت على أن “أي علاقة مع هذا النظام يجب أن تكون مشروطة بوقف الإعدامات” .
وقد ألقى عدد من الشخصيات البارزة كلمات خلال المؤتمر قي مقدمتهم البروفيسور اللورد ألتون، عضو مجلس اللوردات ورئيس اللجنة المشتركة لحقوق الإنسان في البرلمان، دعا الحكومة البريطانية إلى إنشاء آلية دولية للمساءلة لمحاكمة الجناة المعروفين للجرائم،
الذين لا يزال العديد منهم في السلطة . وأكد أن “الوقت قد حان لكي لا يُنظر إلى هذا النظام بعد الآن على أنه صوت الشعب الإيراني. هذا النظام قمعي للشعب وأكبر عقبة أمام تطلعاتهم الديمقراطية” .
قالت البارونة أولون (DBE) إن “الأشخاص الذين يهددون أمننا القومي هم أنفسهم الذين يخططون لجرائم في السجون الإيرانية. لذلك يجب أن نتحرك فورًا” . ودعت الحكومة إلى التنسيق مع حركة المقاومة الإيرانية، وإحالة ملف حقوق الإنسان لنظام طهران إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ومتابعة محاكمة قادة النظام في المحكمة الدولية .
كما طالبت بوضع المرشد الأعلى للنظام (علي خامنئي) وكبار المسؤولين في النظام تحت نظام عقوبات حقوق الإنسان العالمي للمملكة المتحدة .
ذكر اللورد ماكاييب أن “زيادة الإعدامات في إيران هي محاولة من جانب النظام لاختبار المجتمع الدولي، وخاصة الغرب، ليرى ما إذا كان بإمكانه تمرير مذبحة أخرى دون رد فعل” .
وأكد أن الحكومة البريطانية يجب أن تثبت أن هذا ليس هو الحال، من خلال دعم خطة النقاط العشر الديمقراطية والبديل المقترح من قبل المجلس الوطني للمقاومة والسيدة رجوي، والذي يشمل احترام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وسيادة القانون، وإلغاء عقوبة الإعدام والتعذيب .
أشارت البروفيسورة سارة تشاندلر، عضوة لجنة حقوق الإنسان بنقابة المحامين، إلى غياب العدالة التام وعدم احترام سيادة القانون في إيران . وقالت: “في إيران، لا توجد عدالة لمعارضي النظام والمدافعين عن حقوق الإنسان. العديد من المتظاهرين المعتقلين يتم احتجازهم مع محاميهم في السجن” .
وشددت على أن استقلال المحامين في إيران غير معترف به، وأن السلطة القضائية ليست في خدمة العدالة بل هي جزء من آلة القمع الحكومية .
المؤتمر، الذي استضافته رئيسة لجنة المحامين الإيرانيين في إنجلترا، آزاده ضابطي، ضم أيضًا أعضاء بارزين من مجلسي العموم واللوردات، وشخصيات إيرانية بارزة في المنفى، ومحامين دوليين في مجال حقوق الإنسان . وقد أكد المشاركون على ضرورة العمل المشترك لدعم نضال الشعب الإيراني من أجل الحرية والعدالة .